صالح المسباح: عيد الأضحى كان يُسمى قديماً «عيد اللحم»
(كونا) – قال الباحث والمؤرخ في التراث الكويتي صالح المسباح إن العادات الاجتماعية والمظاهر الشعبية لعيد الأضحى قديماً كانت بسيطة وعفوية وتتركز حول شعيرة ذبح الأضاحي إذ كان يسمى «عيد اللحم»، ويترقب فيه الأهالي عودة الحجاج من الديار المقدسة بعد أداء مناسك الحج وهدايا الحجاج «الصوغة»، إضافة الى عشاء الحاج الذي يقدم بمناسبة عودته سالماً.
وأوضح المسباح أن الأضحية تذبح بعد صلاة العيد مباشرة وغالباً ما يتم الذبح في المنازل في الحوش «الفناء» أو عند سوره وكان رب الأسرة يحرص على دعوة أبنائه لحضور عملية الذبح.
وذكر أن رب الأسرة كان عادة هو من يقوم بذبح الأضحية بمساعدة أبنائه، لربطهم بهذه الشعيرة الإسلامية وحثهم على المداومة عليها عندما يكبرون.
وأفاد أنه بعد أن يشهد جميع أفراد الأسرة عملية الذبح تتم عملية السلخ وتقطيع اللحم لتوزيعه على المحتاجين والفقراء والجيران والاهل والأصدقاء على أن يأخذ المضحي ثلث الاضحية لأسرته ليتم طبخه كله للغداء حرصا على عدم فساد اللحم لعدم وجود وسائل تبريد في تلك الأيام.
وبين أن الفريج «الحي» كان يضم من 20 الى 25 بيتاً يضحي منهم 4 أو 5 بيوت نظراً لصعوبة الأحوال المعيشية، مضيفاً أنه اذا كانت الأضحية بقرة أو بعيرا فكانت تتم في المقصب وبالاستعانة بالقصاب «الجزار» المختص.
وأشار إلى أن شمل الأسرة يلتئم مرة أخرى في البيت الكبير لتناول إفطار العيد الذي يتكون من عدة أصناف مثل الفول المطبوخ «الباجيلا» والحمص المطبوخ «النخي» وخبز الرقاق وبعض الحلويات الشعبية كالدرابيل.
وذكر أن ربات البيوت يقمن وقت الضحى بقلي كبد الخروف وتجهيز طبق شهير يسمى «حمسة الكبدة والكلاوي» ليقدم وقت الضحى مع الخبز بينما يتكون غداء العيد المميز من لحم الاضاحي والأرز واللحوم.
وتابع أن الكويتيين كانوا قديماً يعطلون في العيد مدة أسبوع كامل إذ يتم التحضير لهذه المناسبة قبل قدومها بفترة وتقام حفلات العرضة كل نهار خلال أيام العيد ويقوم الرجال بأداء العرضة بالبنادق والسيوف وإنشاد القصائد الحماسية.
وأفاد أن من استعدادات عيد الاضحى قديما في الشوارع ألعاب الأطفال الشعبية التي يتم نصبها في الساحات «البرايح والأحياء الشعبية» مبينا أن الأطفال يقبلون على المراجيح والديارف القليلبة إذ تختلط أصواتهم مع غناء صوت مالك الالعاب وهو يغني اهازيج جميلة ويشاركهم فرحتهم ما ينشر أجواء حماسية بينهم.
ولفت إلى أن بعض الأطفال كانوا يتجمعون أمام البقالات ليصرفوا «عياديهم» على ما يسمى «المكس» مثل «النخي والسبال» (الفول السوداني المحمص) والحلويات و«الجراغي» (كرات المفرقعات النارية الصغيرة).
وذكر أن هناك أطفالاً لم يكونوا يكتفون بالعيديات من الأهل بل كانوا يذهبون لمعايدة الجيران للحصول على عيديات أكثر، مبينا أن العيدية «كانت بيزة أو بيزتين أو أربعا أو يقدمون للاطفال حلوى وكل حسب مقدرته».
وقال المسباح أما بالنسبة لربات البيوت فكن يقمن بتنظيف المنزل وترتيبه ليلة العيد وفي الصباح الباكر ويتم رش المنزل بماء الورد مخلوطاً بالعطور الخاصة، إضافة إلى البخور ويتم وضع ماء الورد والبخور والطيب قرب باب البيت لتطييب الزوار قبل خروجهم من بيت المضيف مباشرة.
وألمح إلى أن ربات البيوت كن يقمن كذلك بتحضير «الريوق» أي الفطور ومجموعة من المشروبات الحارة مثل الشاي والحليب بالزعفران والحليب بالشاي والقهوة الحلوة والمرة وبعض انواع الحلوى الشعبية «كالخبيص والعصيدة وقرص العقيلي والزلابية والغريبة والدرابيل».
وأفاد أن المرأة الكويتية كانت تحرص قديماً على التزين بالحناء سواء للشعر او بعمل نقش للأيدي والأرجل عن طريق وضع الحنة الحمراء والسومار وهي عبارة عن صبغة سوداء مكونة من النورة والشناذر مما يضفي عليها اللون الاحمر الداكن الجميل.
أما ملابس العيد فأوضح أنه «في السابق كانت لها بهجة مختلفة إذ كان الناس لا يقتنون الملابس الجديدة الجميلة إلا في أيام الأعياد بشكل عام لذا كانوا يجهزون أكثر من ثوب وخاصة البنات والنساء فيكون لكل يوم من أيام العيد ثوب مختلف».
وعن الحلويات قال المسباح إن أصحاب المحلات كانوا يقومون قبل العيد بتجهيز محلاتهم بالعديد من أصناف الحلويات الشعبية التي يكون عليها طلب مثل كبدة الفرس والقناطي والقبيط والسمسمية والرهش والحلوى وغيرها اضافة الى المكسرات مثل الكازو والحب والفستق والسبال المملح.
وعن عودة الحجاج قال إن عودتهم كانت تتجاوز فترة عطلة العيد خصوصا حجاج البر مشيرا الى ان أهل الكويت توارثوا عن أسلافهم بعض العادات مثل وضع علم فوق البيت قد يكون لونه احمر او اخضر او ابيض كعلامة على أن رب الاسرة في رحلة الحج.
وأضاف أنه كان هناك حاج يطلق عليه «البشير» وهو الذي يسبق القوافل ويصل قبلهم ليبشر الأهالي بسلامة الحجاج واقتراب وصولهم فيقول إن حملة فلان تصل صباح الغد وحملة فلان تصل عند الظهر ويجيب على أسئلة الأهالي عن الحجاج والحملات فيقوم البعض بمكافأته ببعض الملابس مثل «الغترة» او «البشت» وبعض الهدايا أو المال أو الطعام.
وبين أن أهل بيت الحاج وخاصة الاطفال والنساء كانوا ينتظرون صوغة الحجاج أي الهدايا بفارغ الصبر التي كان يحضرونها معهم من مكة المكرمة مثل «القلادة والتراجي» وكانت من الخرز للبنات والطواقي الزري للأولاد كما كان هناك نوع من حب القرع الذي كان يتميز بألوان مختلفة وكان يوزع على الكبار كصوغة اضافة للتمر المجفف ونوع من التمر السكري وسجادة صلاة ومسواك وغيرها.