مجالسهاشتاقات بلس

صالح عاشور: ليس لدينا مشكلة في الإيرادات بل في إدارة المال..لابد من تغيير أسلوب الميزانية للدولة لمعالجة الخلل

في حلقة «حوار الجريدة» التي أقيمت تحت عنوان «الكويت ما بعد النفط»، أكد مرشح الدائرة الأولى النائب صالح عاشور، أن سوء إدارة الدولة شكَّل فوضى يصعب معها اتخاذ القرارات السليمة لمعالجة الإشكاليات القائمة وتحديد موقف اتخاذ القرار في أي قضية، معتبرين أن تغير ثقافة المجتمع هو السبيل إلى الخلاص.

كما أن غياب المعلومات وتفاصيلها عن مجلس الأمة، وعلى رأسها الميزانية العامة للدولة، التي أجمعوا على التحفظ عن مسماها لعدم التزامها بمضامين نص المادة 140 من الدستور، وإغفالها مصروفات وإيرادات الصناديق السيادية، يسبب إشكالية في فهم وتقييم وقياس الخطط الحكومية أمام مجلس الأمة.

واعتبر  أن تغير الثقافة لدى المواطنين، والشباب بشكل خاص، وبناء الفرد يمثلان العامل الأول في تنفيذ خطة التنمية ورؤية الكويت 2035، منتقدين مشروع المنطقة الشمالية الذي وجد في أدبيات الكويت منذ مجلس الإنشاء عام 1952، لانعزاله وانفصاله عن الشعب، وأتى إلى مجلس الأمة كمشروع فردي للشيخ ناصر الصباح لا كمشروع دولة، وانتهى بخروجه من الجهاز الحكومي… وفيما يلي نص الحوار:

• الرفاعي: أبومهدي، العجز المقدر للدولة هو 14 مليار دينار، وفي تصريح سابق لك ذكرت أننا نواجه أكبر عجز مالي، وقبل أيام ذكرت في لقاء تلفزيوني ذكرت أنه ليس لدينا عجز!، كيف ذلك؟

– عاشور: بداية مقدمتك للحوار ممتازة، وبإلقاء الضوء على الأجيال القادمة والقلق الذي يعيشه المواطن جداً مهم وهو ما يجعلنا نركز بين التكتيك والاستراتيجية، فمن خلال تجربتي البرلمانية فمازالت الحكومة لدينا تفتقد استراتيجية واضح للمرحلة القادمة، فمازلنا نخطط بخطة وقتية ولا تتجاوز السنة مع أنها خطة خمسية، أما فيما يخص موضوع العجز في الميزانية فهناك بين فرق بين العجز الحقيقي والعجز الدفتري، فعندما كان سعر برميل النفط 80 دولاراً كانت الإيرادات 21.5 مليار دينار، واليوم نتيجة انخفاض سعر برميل النفط إلى أقل من 40 دولاراً فالإيرادات المتوقعة 7.5 مليارات دينار، فهناك عجز بالأرقام، لكن يبقى السؤال: هل هذه هي الميزانية الحقيقية لدولة الكويت؟، أنها ليست الميزانية الحقيقية للكويت، فلدينا إيرادات أخرى غير مدرجة في ميزانية الدولة، وعلى سبيل المثال أرباح الصناديق السيادية وأرباح الـ 5 مليارات دينار التي تستثمر فيها مؤسسة البترول وأرباح «التأمينات الاجتماعية» وأرباح استثمارات الخطوط الجوية الكويتية جميعها غير داخله بميزانية الدولة، وبذلك نحن أمام عجز دفتري وليس حقيقياً، وهذه النقطة المهمة التي يجب أن نسلط عليها الضوء ليشعر المواطن بالاطمئنان فنحن ليس لدينا مشكلة في المال والإيرادات بل لدينا مشكلة في إدارة المال.

قال صالح عاشور إن الحكومة قدمت المشروع الدَّين العام السابق، الذي كان بقيمة 10 مليارات دينار، ولم تصرف منه إلا 7 مليارات دينار فقط، والبقية لم تتم الاستفادة منه، مضيفا: “هذا يعني بوضوح أنه عندما قدم قانون الدين العام لـ 10 مليارات دينار لم يكن عند الحكومة الأرقام الحقيقية له”.

وأوضح عاشور: “عندما قدمت الحكومة قانون الدين العام الحالي بـ 20 مليار دينار، طلب البنك المركزي منها أن يكون الدين العام للمشاريع الرأسمالية، لكن المشروع الذي قدمته الحكومة فقط تطلب 20 مليار دينار”.

ولفت إلى أنه “من المفترض أن يذهب الدين العام إلى مشاريع رأسمالية، بحيث يستفيد منه الشعب، لكن تقديم المشروع دون تفاصيل يمثل فوضى عارمة في أموال الأجيال القادمة، وفي إيرادات الدولة، ومن هنا يقع الفساد المالي والسرقات والهدر في الميزانية، ولا يستطيع المشرِّع النائب أن يراقبه، وهذه هي المشكلة التي نواجهها”.

• الرفاعي: ذكرت أن أرباح المؤسسات والشركات الحكومية، لكن القانون رقم 3 لسنة 1978 حدد أن هذه الجهات لدينا ميزانية مستقلة، كيف ستدخلها الى ميزانية العامة الدولة؟

– عاشور: ليس شرطاً ان تدخلها إلى ميزانية الدولة ولكن كنظام دولة سياسي واقتصادي عندما تواجه مشكلة اقتصادية مثل العجر يجب أن تستعين بكل الجهات التابعة لها، والدولة تدفع 15 في المئة من حصة المؤمن عليها في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والدولة هي من وضعت رأسمال مؤسسة البترول، فمن حقها وبدل أن تقدم مشروع استدانة بقيمة 20 مليار دينار من السوق المحلي والخارجي أن تطلب من إيرادات الفوائض المالية في مؤسسات الدولة التي ساهمت فيها لسد هذا العجز، ويجب أن نفكر بعقيلة تختلف عن العقلية التقليدية التي قبل 30 سنة، وآن الأوان أن نغير هيكلة العامة للدولة وميزانيتها حتى يتم التوافق مع الوضع الحالي، فهذه الميزانيات مستمدة من دول عربية منذ قبل 50 و40 سنة.

• الرفاعي: جميع المجالس النيابية التي مرت على الميزانيات لم يتحدث فيها أحد أو يتحرك نحو القانون؟

– عاشور: تمت إثارة الموضوع أكثر من مرة، وسبق لي أن أثرته، وقلت إن ما يقر هي ميزانيات الوزارات والإدارات الحكومية، وقلت إننا نحتاج الى نمط جديد مختلف متوافق مع نص المادة 140 من الدستور، وأن جميع إيرادات مؤسسات الدولة دخل في إيرادات العامة، لكن وفق الوضع الحالي لا تدخل جميع الإيرادات الى ميزانية الدولة.

• الرفاعي: أبومهدي، هل تؤيد الاستقطاع من صندوق الأجيال القادمة؟

– عاشور: صدر قانون لاستقطاع 15 في المئة من إيرادات الدولة لصندوق الأجيال القادمة عندما كان سعر برميل النفط فوق 100 دولار، بحيث تدخل هذه الاستقطاعات الى الاستثمارات في الصناديق السيادية لأجل الأجيال القادمة، لكن اليوم وبعد 20 عاما اذا الأجيال الحالية والدولة لا تستفيد منه لسداد العجز فمتى ستستفيد منه! فبعد 20 سنة سوف يتكرر نفس الأمر بعدم المساس بنسبة الاستقطاع الـ 15 في المئة وبعدم المساس بالصناديق السيادية، ولذا قلت إنه لابد من تغيير أسلوب الميزانية للدولة والاستراتيجيات، لأن هذا الأسلوب انتهى وقته ولابد من النظر في أساليب جديدة لمعالجة الخلل في الميزانيات بحيث نستفيد من كل الأوجه، وبدلا من أن نخلق حالة من الخوف لدى المواطنين ويظهر وزير ويقول «شهر نوفمبر لا توجد رواتب»، هل يعقل هذا! وآخر يظهر ويقول لدينا عجز اكتواري!

• الرفاعي: هل «الدَّيْن العام» هو الحل؟

– عاشور: الدين العام السابق الذي كان 10 مليارات دينار صرف من فقط 7 مليارات، والبقية لم يتم الاستفادة منها، وهو ما يعني بوضوح أنه عندما قدم قانون الدين العام لـ 10 مليارات لم يكن عند الحكومة الارقام الحقيقية للدين العام، لذلك عندما قدمت الحكومة قانون الدين العام الحالي لـ 20 مليارا طلب البنك المركزي منها أن يكون الدين العام للمشاريع الرأسمالية، لكن المشروع الذي قدمته الحكومة تطلب فيه فقط 20 ملياراً.

• الرفاعي: ابومهدي، لماذا تطالب بإسقاط الفروض في وقت لدينا عجز وهناك حلول أخرى لضمان عيشة كريمة للمواطنين؟

– عاشور: لم أقل بإسقاط قروض، بل قلت معالجة القروض من خلال اقتراح بقانون، فيفترض انه عندما يكون لدى الدولة عجز ألا يكون لديها هدر في الميزانية ويتم ضبط المصروفات وعندما لا تتوافر هذه الشروط في الميزانية فالدولة تتحملها، وعندما يكون لدى الدولة عجز وتعطي هبات خارجية فهذا غير مقبول! وكذلك عندما ترتفع الأسعار بعد جائحة كورونا الى 35 في المئة فلابد أن تتدخل الدولة لحماية المواطنين وأصحاب الدخل المتوسط والمحدود، وهنا رأيت ان الدولة في موقف المتفرج، ولذا قلت معالجة القروض، والدولة تعطي 120 ديناراً كغلاء معيشة وعندما يرغب المقترض ان تشتري الدولة مديونيته يتنازل عن العلاوة ويدفعها الى الدولة، لذا عندما تكون الدولة في فوضى نحملها المسؤولية وعندما نحملها للمسؤولية تأتي بحلول، ففي مجلس الأمة عام 1996 فرض بدل الايجار بقيمة 150 دينارا وكان الهدف ان الحكومة تستعجل لايجاد حلول سكنية وهو موجود في القانون ولكن حتى هذا الامر لم يشجع الحكومة على إدارة الملف الاسكاني بطريقة صحيحة ولذلك مازالت المشكلة قائمة وما زالت الحكومة تدفع سنويا ما لا يقل عن 400 مليون دينار في الميزانية عن بدل السكن.

• الرفاعي: ننتقل الى محور التوظيف، فمن بين كل 10 موظفين في الحكومة اثنان فقط يعملون في القطاع الخاص، هل هذا الأمر مستدام؟

– عاشور: توظيف الخريجين من المشاكل الرئيسية في المرحلة القادمة، وبحسب الاحصائيات فإن 300 ألف شاب وشابة من خريجي الجامعات والمعاهد سيدخلون الى سوق العمل، فاذا لم توضع استراتيجية لاستيعابهم فسنضطر لمواجهة بطالة مقنعة مثل الواقع الحالي، وفشلت خطتا الحكومة في ذلك، وصرفت الحكومة في كلا الخطتين 30 مليار دينار (60 مليار دينار)، ومع ذلك لم تنجح في الخطتين في استيعاب توظيف المواطنين، وكان من ضمن الخطتين أن هناك بعض الجهات تستوعب توظيف الكويتيين. وكانت هناك مشاريع تستوعب على الأقل 25 ألف فرصة عمل، وإلى الآن لم توفر الخطتان 5 آلاف فرصة وظيفية، وإلى الان لم ننجح في حل مشاكلنا فلدينا سوء إدارة حقيقية في إدارة مشاكلنا.

• الرفاعي: ذكرت تشريعات، أنت كنت عضواً في المجلس… ماذا قدمت؟

– عاشور: قدمنا قانون العمل في القطاع الأهلي، ولم نكن نعتقد ان الأزمة لها بعد كبير الى هذه الدرجة، وهنا نحتاج إلى رقابة مشددة وغرامات، لأن هذا مستقبل بلد، لا يصح أن تكون فيه محاباة.

• الرفاعي: كنت عضوا اللجنة المالية ومقررها، وطرح عليكم مشروع المنطقة الشمالية، هل تراه له جدوى لتنويع مصادر الدخل؟

– عاشور: يجب أن نتحدث عن مشروع المنطقة الشمالية بوضوح، ويجب أن نفرّق بين مشروع دولة ومشروع فرد، المشكلة في مشروع المنطقة الشمالية كان مشروع فرد، الشيخ ناصر الصباح، وبخروج الشخص من الجهاز الحكومي المشروع انتهى، وهذه مشكلة حقيقية نعانيها، اذا كان للمشروع له دراسة جدوى حقيقية لتنويع مصادر الدخل للدولة، وبالتالي إدخال إيرادات، فبحسب المشروع الذي قدّم آنذاك هو إنشاء دولة أخرى في المنطقة الشمالية، وهو مشروع الحرير، وسوف نجني المليارات، يعني الآمال والطموحات حتى في الخيال، يعني دولة الكويت التي تم بناؤها منذ الاستقلال في 65 سنة كانوا يريدون بناءها خلال 5 أو 10 سنوات، هو حلم لكن على أرض الواقع لا تستطيع تنفيذه، إضافة الى الاستقلالية الكاملة في جوانب القوانين والأمور الإدارية وعدم تطبيق مواد القانون عليه، فأصبح مشروع فرد وحلما انتهى بالفرد، وهذه مشكلة، فيفترض أن نكون دولة مؤسسات، ومن أجل أن يكون المشروع ناجحا لتضيف الحكومة المشروع في الخطة التنموية (2020-2025) القادمة التي ستعرض على مجلس الأمة القادمة ولتضاف بتفاصيلها وبجدوى اقتصادية حقيقة وبإمكانية مالية تستطيع الدولة أن تغذيها، أما القول ان المشروع يحتاج الى 500 مليار، من أين سوف تأتي بهذا المبلغ اليوم؟!، اليوم الحكومة تريد مبلغ 20 مليار دينار دينا عاما وليس في مقدورها أن توفره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى