طالبان.. متى يعلنون وفاة النساء؟!

لا ينقطع صراخ وعويل أمريكا ودول أوروبا على ما تردده وسائل الاعلام عن جرائم حرب ترتكبها القوات الروسية في أوكرانيا.. وما تبعه من إجراءات مشددة من سائر دول الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا حتى بلغ الامر عزم الرئيس الأمريكي بايدن تقديم ادلة على ما وصفه “بالانتهاكات” الى المحكمة الدولية الجنائية في لاهاي.

الإعلام الغربي حشد كل مواقعه وقنواته لتأليب الرأي العام ضد الرئيس الروسي بوتين والعمليات العسكرية الدائرة بين روسيا وأوكرانيا في مشهد يذكِر المتابع بتوجه الاعلام الأمريكي والغربي قبل الغزو الأمريكي للعراق.. حين حُجِبت الحقائق امام سيل من الأكاذيب بهدف احداث شحن منظم للرأي العام نحو تأييد عزو العراق.
في المقابل، يراقب نفس أطراف المجتمع الدولي جرائم مماثلة في بقعة أخرى غائبة عن الاهتمام الإعلامي والسياسي الدولي الذي لا ينقطع سيل مقالاته الموجهة والمضللة أحيانا عن انتهاكات حقوق الانسان في دول المنطقة العربية، ودعوات لإعادة اشعال الفوضى والعنف الى شوارعها بعدما عرفت الاستقرار والأمن دون ان يكلف نفسه عناء مراجعة الاغتيال الوحشي الذي تتعرض له المرأة في افغانستان حتى لا يعيد الى الاذهان أكبر فشل سياسي وعسكري منيت به الإدارة الامريكية إثر انسحاب عشوائي من أفغانستان عام.
واكب سيطرة تنظيم طالبان على الحكم إطلاق كل الاكاذيب التي اعتادت ترديدها الجماعات المتطرفة عن عزمهم الحكم من منطلق سياسة أكثر انفتاحا وقبولا لدى المجتمع الدولي. على أرض الواقع لم تعني حكومة طالبان بأولويات الازمة الاقتصادية الطاحنة ومظاهر الفقر الأشد ضراوة وقسوة في أفغانستان، لكنها بادرت بإعلان كل مظاهر الهوس الذي يسيطر على الجماعات المتطرفة وتيارات ما يعرف بالإسلام السياسي تجاه المرأة، لتمتد الى قرارات تستهدف الغاء عقلها بعدما مارست كل مظاهر الحجر على جسدها.
لا يمكن وصف اضطهاد نظام طالبان للمرأة أنه حملة قمعية تنتهك كل حقوقها، لكنها حرب تستهدف اغتيال المرأة ثقافيا، فكريا، وإنسانيا. بعد حرمانها من حق التعليم، ارتياد المتنزهات والحدائق العامة.. أخيرا يتم استهداف المتنفس الوحيد امامها بقرار اغلاق مراكز التجميل رغم انها تعمل بشكل مخفي حيث يتم تغطية لافتاتها ونوافذها.
المراكز عملت على توفير فرص عمل لنحو 60 الف من العاملات بها، هذا بالإضافة الى اغلاق الاف الأنشطة التجارية التي تديرها النساء وطرد الاف النساء من الوظائف الحكومية, و جميع هذه المجالات غالبا تشكل المصدر الوحيد لدخل الاسرة كما أدى منع النساء من العمل لدى مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الغير حكومية للإغاثة الى عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية الى دولة يعاني نصف سكانها من الجوع الحاد و تعطيل اكبر عملية إغاثة في العالم.
واكب هذه الممارسات القمعية ارتفاع نسب التعنيف والجلد العلني والاغتصاب.
في المقابل، كثف الموقف الدولي سياسيا واعلاميا حملات التأليب ضد بوتين مكتفيا بالبيانات والمطالب الروتينية من نظام طالبان كرد فعل على اغتيال ممنهج للمرأة الأفغانية بعد حرمانها من ابسط حقوقها حتى ولو كان التمتع بنسمة هواء نقي في حديقة عامة!
قمع طالبان امتد الى التدخل في حق شرعي منحه الدين الإسلامي للمرأة اذ بدأت تلغي احكام الطلاق الصادرة قبل وصولها للحكم بهدف الضغط على المطلقات للعودة الى ازواجهن. دون ان تتجاوز ردود أفعال منظمات الأمم المتحدة تجاه مظاهرات نساء أفغانستان امام مكاتبهم حدود ابداء القلق والإدانة.

Exit mobile version