علماء يخترعون ذكاءً اصطناعيًا يفكر مثل طفل بشري
استنادًا إلى أفكار مستوحاة من البحث حول كيفية تعلّم الأطفال، طوّر باحثون ذكاءً اصطناعيًا يمكنه تعلّم قواعد مادية بسيطة حول كيفية تصرف الأشياء والتعبير عن دهشتهم.
ووفقًا لتقرير نشره موقع sciencepost، حقق مجال الذكاء الاصطناعي (AI) تقدمًا مذهلاً في السنوات الأخيرة، حيث تحكّم وأتقن مجموعة متزايدة من المهام التي تشمل الآن ألعاب الطاولة مثل الشطرنج والجو، والمشكلات العلمية مثل طي البروتينات أو أيضًا نمذجة اللغة.
ومع ذلك، أضاف التقرير: لا يزال هناك شيء أساسي مفقود، حيث تواجه أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة صعوبة أكثر تحديدًا في التقاط رؤى ”الحس المشترك“ الذي يوجه التنبؤ والاستدلال والعمل في السيناريوهات البشرية اليومية.
في سياق أعمال تجريبية حديثة، ركز فريق على مجال معيّن من معرفة الحس المشترك، وهو الفيزياء الحدسية (البديهية).
يتعلق الأمر بشبكة من المفاهيم التي تدعم التفكير حول خصائص وتفاعلات الكائنات العيانية (التي تُرى بالعين المجردة)، ورغم الجهود الكبيرة لم تصل التطورات الحديثة في الذكاء الاصطناعي بعدُ إلى إنشاء نظام يُظهر فَهْماً واضحاً للفيزياء البديهية حتى تلك التي تشبه الفيزياء البديهية (الحدسية) عند الأطفال الصغار جدًا.
المفاهيم الفيزيائية الأساسية
أشار التقرير إلى أن هناك ثلاثة مفاهيم أساسية نفهمها جميعًا منذ سن مبكرة، المفهوم الأول هو الدوام: الأشياء لا تختفي فجأة. عندما نعرض على أطفال رضع مقطع فيديو فيه كرة تختفي فجأة، على سبيل المثال، فسرعان ما يعبّر الأطفال عن دهشتهم عند اختفاء الكرة، وهي الدهشة التي يقيسها الباحثون من خلال المدة التي ينظر فيها الأطفال في اتجاه معين.
أما المفهومان الآخران فهما الصلابة، إذ لا يمكن للأشياء الصلبة أن تمر عبر بعضها البعض، إضافة إلى الاستمرارية، حيث تتحرك الأشياء بشكل متماسك عبر المكان والزمان.
كما تبدو قواعد الاستمرارية هذه بسيطة للغاية بالنسبة لنا، ولكن كما ذكرنا سابقاً فهي ليست بديهية بالنسبة للذكاء الاصطناعي.
نتائج واعدة
الذكاء الاصطناعي الذي ابتكره الباحثون يسمى PLATO ((Physics Learning through Auto-encoding and Tracking Objects) (تعلم الفيزياء من خلال التشفير التلقائي)، وهو عبارة عن شبكة عصبية، أي أنه نوع من أنظمة البرامج التي تتعلم من خلال اكتشاف الأنماط في قلب كميات كبيرة من البيانات.
تم تشكيل البرنامج من خلال سلسلة من مقاطع الفيديو المتحركة لأشياء بسيطة مثل المكعبات والكرات المصممة لتمثيل نفس المعلومات الأساسية التي يمتلكها الأطفال خلال الأشهر الأولى من حياتهم.
غطت مجموعة البيانات التي أنشأها الباحثون المفاهيم الثلاثة المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى مفاهيم أخرى: الثبات (خصائص الكائن، مثل الشكل، لا تتغير) والمقاومة وحيدة الاتجاه (تتحرك الكائنات بطريقة تتفق مع مبادئ المقاومة وحيدة الاتجاه)، بعد أن درّبوا PLATO على مقاطع الفيديو هذه كانت الخطوة التالية هي اختباره.
وكانت النتيجة حسب التقرير أنه عندما شاهد الذكاء الاصطناعي مقاطع فيديو لسيناريوهات مستحيلة أعرب عن ”دهشته“، أي بعبارة أخرى كان البرنامج متقدمًا بما يكفي لإدراك أن إجراءً غريبًا حدث للتو قد تحدى الفيزياء التي كان قد تعلّمها.
كما أجرى الباحثون اختبارات عديدة تضمنت هذه المرة مواضيع مختلفة عن تلك الموجودة في بيانات التدريب، ومرة أخرى أظهر PLATO فهْماً قوياً لما يجب أن يحدث وما لا ينبغي أن يحدث.
وأكد مصمّمو البرنامج الاصطناعي أن القصد من برنامج PLATO ليس أن يكون نموذجًا لسلوك الأطفال، لكن يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو الذكاء الاصطناعي القادر على اختبار فرضيات حول كيفية تعلم الأطفال.
وقال لويس بيلوتو وفريقه من شركة DeepMind في لندن، المملوكة لشركة Google: ”نأمل في أن يستخدم علماء الإدراك هذا في النهاية لنمذجة سلوك الأطفال بشكل جدي“.
تعليق واحد