علي كوشيب قيد الاحتجاز لدى المحكمة الجنائية الدولية بعد أن سلم نفسه طواعية في جمهورية إفريقيا الوسطى
قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا إن تسليم علي كوشيب إلى المحكمة يمثل خطوة مهمة تجسد مرونة ومثابرة وامتداد العدالة، فضلا عن الأهمية الحاسمة للمحكمة الجنائية الدولية في المعركة العالمية ضد الإفلات من العقاب.
وقد أعلنت المحكمة، يوم الثلاثاء، أن علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف بـ “علي كوشيب” قد سلم نفسه طواعية إلى المحكمة في جمهورية أفريقيا الوسطى وتم احتجازه بناء على أمر القبض الصادر عن المحكمة في 27 أبريل 2007.
وأعربت المدعية العام، لدى تقديمها تقريرها الحادي والثلاثين عن الوضع في دارفور، أمام مجلس الأمن، امس الأربعاء، عن التزامها بمواصلة الوفاء بواجباتها، بناء على ميثاق روما، دون خوف أو محاباة، في السعي إلى تحقيق العدالة في الجرائم الأكثر بشاعة في العالم.
وأضافت قائلة:
“لقد ظلت العدالة في دارفور بعيدة المنال لفترة طويلة. لقد حان الوقت لتغيير هذه الحالة غير مرضية. لقد سنحت الفرصة الآن ويجب علينا انتهازها بشكل جماعي. دعونا نعمل معا لتحقيق العدالة لضحايا النزاع في دارفور.”
تطور مهم في مسار الوضع في دارفور
ووصفت بنسودا تسليم كوشيب نفسه بأنه تطور مهم في مسار الوضع في دارفور، وخاصة بالنسبة للضحايا الذين انتظروا تحقيق العدالة ولفترة طويلة، معربة عن أملها في أن يرسل استسلام كوشيب رسالة واضحة، لا لبس فيها، مفادها بأنه برغم طول المدة والعقبات إلا أن المحكمة لن يهدأ لها بال حتى يمثل كل المشتبه بهم في ارتكاب الجرائم في دارفور أمام العدالة. ودعت أولئك المتهمين، ومن بينهم عبدالله بنده، إلى تسليم أنفسهم إلى المحكمة.
وأعربت عن أملها في أن تتمكن العملية الانتقالية الجارية في السودان من تحقيق العدالة لضحايا النزاع في دارفور في نهاية المطاف، مرحبة بمحادثات السلام الجارية في جوبا بين حكومة السودان والجماعات المتمردة. وحثت جميع الأطراف على مواصلة السعي إلى تحقيق سلام دائم في السودان.
أهمية تعاون الحكومة الانتقالية مع المحكمة
وأشارت المدعية العامة إلى التقارير التي تفيد بالاتفاق على أن تحقيق العدالة لابد أن يتضمن مثول من تلاحقهم المحكمة، مبينة أنها لم تتلق حتى الآن إفادة رسمية من الحكومة الانتقالية في السودان بشأن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها فيما يتعلق بمذكرات الاعتقال الصادرة بحق كل من الرئيس السابق عمر البشير وأحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين.
وقالت فاتو بنسودا إنها أجرت اتصالا مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك فيما يتعلق بتسليم علي كوشيب نفسه، مشددة على أهمية التعاون بين المحكمة وحكومة السودان. وأعربت عن أملها في إمكانية بدء فصل جديد يشمل انخراطا بناء للمحكمة الجنائية في السودان، متجذرا في الاحترام المتبادل والالتزام الحقيقي لتحقيق العدالة لضحايا الجرائم البشعة المرتكبة في دارفور.
وبناء على ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، فإن المتهمين يجب أن يمثلوا أمام العدالة سواء من خلال محاكمة صادقة في السودان أو تحويلهم إلى لاهاي.
الوضع في السودان لا يزال هشا
وبرغم استمرار الفترة الانتقالية بصورة رائعة في السودان، إلا أن مدعية المحكمة الجنائية قالت إن الوضع لا يزال هشا، مشيرة إلى محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، في آذار/مارس الماضي، داعية المجلس والمجتمع الدولي إلى مساعدة الشعب السوداني في تحقيق سلام دائم.
وأشارت بنسودا إلى التحديات الهائلة التي تواجهها حكومة السودان حاليا، معربة عن تمنياتها بنجاح الفترة الانتقالية في البلاد، سعيا نحو تحقيق أمن ورخاء أكبر للشعب السوداني. وأضافت قائلة: “يجب أن يظل ضمان العدالة بشأن الجرائم في دارفور أولوية كجزء من جهود التعافي والاستجابة الوطنية لكـوفيد-19.”
وقالت بنسودا إن مكتبها يواصل مراقبة الوضع في السودان، مشيرة إلى التقارير التي تفيد بوقوع هجمات في معسكر كريندينق للنازحين وقرية في الجنينة، أدت إلى حدوث خسائر كبيرة في الأروح ونزوح آلاف الأشخاص، إضافة إلى التقارير بشأن ارتكاب أعمال عنف جنسي وعنف على أساس النوع الاجتماعي. ودعت إلى وقف مثل هذه الهجمات وجعل مسألة حماية المدنيين أولوية.
ورحبت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مجلس الأمن قرارين قضيا بتمديد مهام بعثة يوناميد وإنشاء بعثة متابعة أممية جديدة.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أحال الحالة في دارفور في السودان إلى المحكمة بموجب قرار المجلس رقم 1593 الصادر عام 2005. وقد أصدرت المحكمة أمرين بالقبض على الرئيس السابق عمر البشير بشأن خمس جرائم ضد الإنسانية (القتل العمد، الإبادة، النقل القسري، التعذيب والاغتصاب) وجريمتي حرب (تعمد الهجوم على السكان المدنيين والنهب) وثلاث جرائم إبادة جماعية يزعم ارتكابها ضد جماعات عرقية هي الفور والمساليت والزغاوة في الفترة بين عامي 2003 و2008.