فرقة «بيرل جام» الأمريكية تطلق ألبوم Gigaton
تُعتبر فرقة “بيرل جام” واحدة من أنجح فرق الروك التي بدأت مسيرتها في التسعينيات، ومن الفرق القلائل التي تمكنت من أن تحجز لنفسها مكانة هامة في كلاسيكيات الروك بعد انقضاء عصر الروك الذهبي، وتمكنت من الوصول إلى هذه المكانة بفضل إنتاج ثلاثة ألبومات من بين أفضل عشرة ألبومات روك في مرحلة التسعينيات، وهي: Ten وVS وVitalogy (بحسب قوائم مجلة “رولينغ ستون”).
وفي بداية الألفية، بدأت “بيرل جام” تفقد جزءاً من بريقها، مع تراجع نزعة الفرقة للتمرد والتغيير، وكان ألبوم (Pearl Jam (2006 هو آخر ألبوم للفرقة يحظى بمراجعات إيجابية من النقاد، قبل أن ينقلب الحال في ألبوم (Backspacer (2009، وتزداد الأمور سوءاً سنة 2013، بإنتاج أسوأ ألبوم حمل توقيع الفرقة Lightning Bolt، لتعيش “بيرل جام” منذ ذلك الحين على أمجاد الماضي؛ حالها بذلك كحال معظم فرق الروك الكلاسيكية، التي بقي الجمهور مخلصاً لها رغم تقادم الزمن.
وفي هذا السياق تم إنتاج ألبوم Gigaton، على حافة النزاع ما بين الطابع الاحتفالي والاحتفاء بمكانة الفرقة العريقة وأمجاد الماضي، وبين الرغبة الجارفة لإعادة تقويم المسار والانتفاضة على خيبة العقد الأخير.
يتكون الألبوم من 12 أغنية، تبدأ بأغنية “Who Ever Said” التي تفيض بنزعة التمرد، فترافق موسيقى الروك العنيفة صوت إيدي فيدر وهو يردد كلماته المتمردة: “من قال إن كل شيء قد قيل واستسلم راضياً! سأبتلع قلم الرصاص وأنزف الحبر، عند الاستسلام لفكرة العودة معاً، ولكنني لن أستسلم. لا، لن أستسلم. لن أرضى عن الرضا”.
ومنها ينطلق الألبوم لأغنية Superblood Wolfmoon، التي صيغت بافتتاحية غريبة وإيقاع سهل، حولها لأنشودة، يتابع فيها استرساله الشعري عن الأفكار السوداوية التي تجذبه، قبل أن يعود للتأكيد على الانتفاض على اليأس، بكلمات أكثر اهتزازاً: “لا تفسح مجالاً لليأس. ركز على تركيزك. كنت آمل أن يستمر أملنا. أنا لا أعرف شيئاً وأسأل عن كل شيء. هذه هي الحياة التي أحبها، إنها طريق سريع للغاية. كلتا يدي متورمتان ووجهي مكسور”.
في الأغنية الثالثة، Dance Of The Clairvoyants، يبدأ فيدر في التحدث عن الوصفة الخاصة التي وصل إليها لمحاربة اليأس، بعد أن يتابع سرد الأفكار السوداوية على إيقاعات الموسيقى الإلكترونية التي تخترق موسيقى الروك لتعيد هيكلتها، فيقول: “الأشياء الأكثر مرونة تصبح أكثر إحكاماً”، ويعود ليؤكد: “إنها ليست فكرة سلبية، أنا إيجابي”.
وفي الأغنية الرابعة، Quick Escape، يبدأ مسار الألبوم بالتحول نحو سرد تاريخي احتفائي يشير إلى فرقة “بيرل جام”، بأسلوب رمزي يشبه أبيات الأساطير التي تتناول تفاسير خلق الوجود، فيقول فيها: “في العالم القديم، عالم ليس بعيداً عنا. في البداية استقلينا الطائرة، وركبنا البحر نحو زنجبار، فارتفع عطارد”.
تتابع الأغاني بهذا السياق المنفصل حتى تعود لترتبط بالأغاني الافتتاحية بأغنية Seven O’Clock، التي يتابع فيها نهج السرد ذاته ليعود نحو القضية الأولى، أي مقاومة اليأس؛ فيقول فيها: “أسفل واحة الأحلام، حيث لا تزال الأحلام موجودة، خاطب الصيف الشتاء وشجعه بكل الكلمات. كنت ممتناً للغاية لأني سمعت هذه الرسائل. تحركت، تركت يأسي في السرير، ولم أدرك إن كان علي أن أتركه نائماً هناك أو ربما كان الأفضل أن أقتله”.
وفي النصف الثاني من الألبوم تبدأ وتيرة الإيقاع بالانخفاض، بعد أن ينحرف فيدر للحديث عن القضايا السياسية التي ينتقد فيها سياسات ترامب. وعلى الرغم من أهمية الرسائل والأفكار التي ترد في أغاني القسم الثاني، ولكنها لا ترتقي بجماليتها لكلمات القسم الأول الأكثر ذاتية وشعرية.
وربما يكون الوصف الأكثر دقة الذي يحدد مكانة الألبوم بالنسبة لتاريخ “بيرل جام”، هو ما ذكره الناقد جورج غارنر بمقاله عن الألبوم في مجلة “غولد ماين”، والذي ذكر فيه: “ماذا عن مكانة Gigaton؟ بالطبع لا يمكن مقارنته بألبوماتها VS وTen وVitalogy، الألبومات التي تحتفظ بمكانة مرموقة في السجلات الثقافية لموسيقى الروك الكلاسيكية. ولكن Gigaton هو أكثر ألبومات “بيرل جام” حدةً منذ سنة 2006، وأكثر ألبوماتها ابتكاراً منذ سنة 1998، ومواضيعه هي الأكثر ملاءمة لـ”بيرل جام” في هذه المرحلة من مسيرتها الفنية. إنه باختصار انتصار”.
ولكن ماذا عن مستقبل الفرقة بعد ألبوم Gigaton؟ هل هو ألبوم الوداع والهدية التي ستتركها الفرقة لجمهورها بعد رحلة طويلة، كما تشير غالبية التوقعات، أم أن هذا الألبوم سيمثل صحوة تعيد “بيرل جام” من كبوتها إلى الموقع الذي يناسبها ضمن خارطة الإنتاج الموسيقي العالمي؟