فرقة Car Seat Headrest تطرح ألبوم جديد
يعتبر ويل توليدو واحداً من أبرز الأسماء التي ذاع صيتها في نطاق موسيقى الروك المستقلة في الأعوام الأخيرة، وهو واحد من أكثر الفنانين نشاطاً وغزارةً إنتاجية في العقد الأخير، من خلال مساهمته بثلاثة عشر ألبوماً لفرقة Car Seat Headrest منذ تأسيسها سنة 2010، بالإضافة إلى تقديمه ثلاثة مشاريع مستقلة عن الفرقة. ولكن في الألبوم الجديد، تحرص الفرقة على عدم الظهور بصورة فرقة الرجل الواحد؛ فالألبوم الذي تفصله أربعة أعوام عن مشروع الفرقة السابق “Teens Of Denial”، تمت صياغته بطريقة مختلفة، ويحتوي على مساحة أكبر لإظهار الإمكانات الكبيرة لباقي أعضاء الفرقة.
يتكون العمل من إحدى عشرة أغنية، تنصهر فيها أنماط موسيقية عدة في بوتقة واحدة، لتصب قالباً موسيقياً فريداً، معقداً رغم انسيابيته ومرونته؛ حيث تحافظ Car Seat Headrest على رونق جميع الأنماط الموسيقية التي تستخدمها، الإلكتريك البوب والهيب هوب والروك آند رول، وغيرها؛ إذ تمزجها بنظام صوتي معقد، لا يُحدث أي خلل في بنية أي عنصر فيها؛ فجميعها تحضر معاً ضمن طبقات صوتية مختلفة، وتتناوب هذه الطبقات على تصدر المشهد الموسيقي، قبل أن تعود لتتلاشى ضمن بوتقة الأصوات المعقدة في “الباك راوند” مجدداً.
ضمن هذا المشهد الموسيقي، يحضر صوت توليدو الذي يتمكن من الانتقال ضمن الطبقات الصوتية المختلفة ببراعة، ليغني كلمات لا تقل جماليةً وحرفيةً؛ كلمات تنطوي على ذات الثيمة وتحمل معاني فلسفية عميقة رغم بساطتها. ينطلق الألبوم من نظرية فلسفية يمكن اختزالها بالعبارة الآتية: الأفكار قادرة على تغيير المادة أو التأثير بالجسد، ولكن المادة لا تصنع الفكر.
هذه الفلسفة تتجلى بوضوح في الأغنية الافتتاحية “Weightlifters”، والتي يرد بها: “أعتقد أن الأفكار يمكن أن تغير جسدي. أنت لا تعرفني، جسمك لا يستطيع تغيير رأيك”. ويمكن تلمسها بالأغنية الثانية “Can’t Cool Me Down”، التي يرد فيها: “الماء البارد على جبيني لا يستطيع أن يبردني”.
ضمن هذا السياق، تمرّ كلمات أغاني الألبوم وكأنها ذكريات تنجرف في سيل لا يمكن قطعه، ومن خلال إعادة ترتيبها تتشكل الخواطر والأفكار على شكل استنتاجات تبدو متأخرة؛ وهو ما يمكن ملاحظته بأغنية “Deadlines Hostile” التي يعيد فيها توليدو ترتيب الماضي ليقف أمام سؤال فلسفي جديد، فيقول: “الآن لدي سؤال آخر: إذا نفد الوقت، هل يمكننا إجراء استثناء للقطعة التي تحتاج إلى استكمال؟”.
في أغنية “Martin”، الأكثر عاطفية في الألبوم، يعيد توليدو استثمار الأفكار الفلسفية التي كونها ليخلق صوراً شعرية ويبني أحلاماً توافق أهواءه؛ فمن خلال الإيمان بقدرة الفكر على تغيير الجسد ومن خلال الآمال بالاستثناءات الزمنية التي من المفترض أن تمنح للأشياء غير المكتملة، يبني توليدو حواراته العاطفية، حيث يقول: “أقلب الصفحة، كل علامة قلم تترك أثراً، وتعود النجوم لأماكنها في السماء”.
إن ما يُقال في الألبوم، وما لا يُقال فيه عن تلك الأفكار والآمال الحقيقية التي تستتر وراء القناع، يتمحور حول أفكار العاطفية مترددة، يتم التمهيد لها بمقدمات فلسفية تبدو أكثر اتزاناً؛ ليفك عنوان الألبوم لغز الارتباك اللغوي والعاطفي فيه؛ فهو يريد أن يترك الباب موارباً، لعل الأفكار الجديدة المتدفقة قد تتمكّن من إحداث تغيير ملموس.