فيلم “الأقصر” يرسم دراما الحب والحرب.. معاناة الماضي والمستقبل الغامض
على أنغام وإيقاع أغنية أسمهان الخالدة «يا حبيبي تعالى الحقني شوف اللي جرى لي» يبدأ وينتهي فيلم Luxor أو الأقصر للمخرجة البريطانية زينة درة والذي يعرض في دور السينما والمنصات الرقمية في 4 ديسمبر الجاري.
وبعد 10 سنوات من فيلمها الأول The Imperialists Are Still Alive أو الإمبرياليون ما زالوا أحياء، تعود درة أكثر نضوجاً بفيلمها الثاني الذي ألفته وأخرجته وتدور أحداثه في المدينة المصرية التاريخية في مصر والتي اقتبست منها عنوان الفيلم Luxor.
تنسج المخرجة أحداث الفيلم بتمكن في مدينة المعابد المصرية القديمة وسط أحداث تختمر ببطء، وتتنقل بين الماضي والحاضر، حيث يعود الطبيب من الحرب إلى مكانه المحبوب، ينظر إلى الماضي، ويبحث عن معنى وهدف في الحاضر، ويشعر بعدم اليقين والثقة من المستقبل.
وتحافظ درة على عالمية القصة، بما في ذلك ثيمة استعادة الحب المفقود لكل من الشخص والأشياء، ورغم أن المكان هو أحد الوجهات السياحية الرئيسية في العالم، فإنها تظهر جمالها دون الوقوع في فخ الاستشراق أو حتى الدعاية السياحية أو إظهار الغرابة في المكان والسلوكيات والعادات.
تبدأ أحداث الفيلم بوصول هانا «ريزبورو» إلى فندق وينتر بالاس في الأقصر، وتشعر من الوهلة الأولى أنها تألف المكان، وتتأرجح بين شعور الألفة والاغتراب.
ترتدي هانا دائماً ثياباً فضفاضة، وكأنها تريد أن تنكر جسدها وتختفي داخل ملابسها، مفضلة عدم التفاعل مع زملائها من نزلاء الفندق، رغم تجربتها العاطفية القصيرة مع أمريكي ثرثار، وكأنها تعذب نفسها.
وسرعان ما ندرك أنها وصلت من منطقة حرب على الحدود الأردنية السورية، حيث شاهدت ويلات، لم تفصح عنها، ولكن تعبيرات وجهها وإيماءاتها الصامتة تشي بمأساتها وهول ما رأت.
وتلتقي هانا بالصدفة بسلطان (كريم صالح)، وهو عالم آثار عرفته وكانت على علاقة به ذات يوم. وعندما تقول له محرجة «لم أكن أعتقد أنك هنا»، نكتشف أن عدم ارتياحها يؤكد مدى أهمية هذه العلاقة لها، وإلى أي مدى كان عقلها الباطن يأمل في أن يلتقيا!
بالمقابل فإن دهشة سلطان عند رؤية هانا هزته بشكل واضح، لكنه سرعان ما يدرك أنه بحاجة إلى التعامل معها برفق لأنها يبدو أنها لا تتذكر الكثير من الأحداث، وتعاني شيئاً ما.
ربما يفسر لنا فقدان الذاكرة الطريقة التي تبدو بها عندما يأخذها سلطان إلى أحدث حفر له في وادي الملوك، وكأنها ترى المكان لأول مرة على الرغم من أنها أمضت بعض الوقت هناك قبل حوالي 20 عاماً.
ويكشف لها لقاء سلطان وحساسيته تجاهها عن ضعفها، وخوفها من المستقبل بعدما رأت من أهوال في الماضي، جاءت إلى الأقصر لكي تهرب منها.
ولا تخجل هانا من أن تصارحه «أنا مكسورة بائسة، لا أستطيع تحمل أي ألم آخر»
يستثمر الفيلم الماضي القديم، النابض بالحياة في الأقصر وضواحيها، ويستخدمها كموازنة للقمع الناتج عن صدمة هانا التي بالكاد تحاول التعبير عنها، وكأن الماضي يقدم العون بشكل يحيلنا إلى الصوفية.
المهم أن هانا تشعر هنا بالارتياح، وكأنها ترى النجوم على سطح المقبرة تهمس وتناجي نجوم السماء وتمنحها الصفاء.
وكما في فيلمها السابق، تقاوم درة الصور النمطية للعالم العربي بانتقاء بعض التفاعلات اليومية العادية، مثل تلك بين هنا ودنيا (شيرين رضا)، من دون اهتمام بإظهار معاناة المدينة من الأزمة الاقتصادية بسبب تراجع السياحة.
شارك في بطولة الفيلم أندريا ريزبورو، شيرين رضا، كريم صالح، ميشيل لاندز، أحمد طلعت، جني عزيز، ندا الدردير.
المصدر:bitajarod