في اليوم العالمي للعمل الخيري.. 400 عام وشعلة الخير لم تنطفئ بالكويت
لم تكن الكويت وطنا لأهلها فحسب إنما مقصدا لكل سائل ومريد ومدرسة لنهج متأصل بقيم العطاء والخير أسسها الآباء والأجداد وخلدتها الأيام على مر التاريخ منها معروف وموثق ويعود إلى 400 عام دون في الكتب والمخطوطات والوثائق أما جذور العمل الخيري التي امتدت عميقا عبر تاريخها قبل ظهور النفط فكانت وستبقى علامة فارقة طبقت شهرتها الآفاق.
فمنذ عام 1613 وحتى يومنا هذا لم يغب العطاء عن أرض الكويت التي سطر أبناؤها حكاما وشعبا أروع الأمثلة في عمل الخير والعطاء غير المحدود على جميع الأصعدة حتى أصبح العمل الخيري سمة الكويت والكويتيين.
وفي استعادة لتاريخ البلاد الناصع ومنذ نشأتها عرف الكويتيون بالعمل الخيري و«الفزعة» في الداخل كفزعة «الصاري» وإنقاذ السفن والحرائق وفزعة «الاكتتاب» وهي عبارة عن ورقة تمر على رجالات الخير لجمع التبرعات لإعانة المكروب.
وفي الخارج كفزعة الكويتيين لنصرة عمان أثناء العدوان البرتغالي عام 1624 كذلك مساعدة القبائل المجاورة والدول المنكوبة وجمع التبرعات للدولة العثمانية وإغاثة المنكوبين في أزمة «الهيلك» حوالي 1868 وحريق الآستانة «1912» وتبرعاتهم لترميم المسجد الأقصى «1924» بالإضافة إلى حرص أبناء الكويت على بناء المساجد داخل وخارج البلاد والأوقاف الخيرية.
ولأن العمل الخيري ليس سلوكا لدى الكويتيين فحسب بل هو نهج راسخ أيضا لدى حكام الكويت الذين كتب التاريخ مآثرهم ومحاسنهم بحروف من ذهب مثل «جابر العيش» و«جابر العثرات» والشيخ مبارك الصباح الذي أسس مضيف «عيش بن عمير» كما أسست في عهده أول جمعية خيرية كويتية عام 1913 وهي الجمعية الخيرية العربية على يد فرحان الخضير.
كما عرف تاريخيا حرص أبناء الكويت على نجدة المنكوبين في فلسطين ومساندة الأشقاء العرب والأصدقاء في الملمات وإغاثة الملهوفين في كل بقاع الأرض فسافروا إلى الفقراء وشيدوا المدارس والطرق والآبار ليساعدوا الناس على التمكين والنماء حتى توجت منظمة الأمم المتحدة عطاءات الكويت والكويتيين بتكريم خاص في التاسع من سبتمبر عام 2014 بتسميتها مركزا عالميا للعمل الإنساني والأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح قائدا للعمل الإنساني.
وبمناسبة اليوم العالمي للعمل الخيري الذي يصادف غدا الثلاثاء قال رئيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الدكتور عبدالله المعتوق لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» اليوم الاثنين إن اليوم العالمي للعمل الخيري «يوم فخر واعتزاز لنا برسالة الكويت الإنسانية ومسيرتها الرائدة عالميا في العمل الإنساني».
وأضاف المعتوق أن الكويت كانت وستبقى الدولة السباقة وصاحبة مبادرات العطاء الإنساني القائم على منظومة عمل متكاملة ومستدامة هدفها الأسمى الارتقاء بجودة الحياة وبناء المستقبل المشرق للمجتمعات فأينما ظهرت الحاجة تكون الكويت دائما حاضرة لمد يد العون للجميع مجسدة بذلك نهجها الإنساني والحضاري النابع من موروثها الثقافي والديني والاجتماعي الأصيل.
وأوضح أن القيم الإنسانية أصل ثابت وإرث خالد في المجتمع الكويتي ومتوارث للكويت والكويتيين الذين صنعوا بشكل إبداعي وملهم نماذج رائعة للعمل الإنساني في البلاد وانطلق يجول في أقطار العالم حيثما وجدت حاجة وظهرت فاقة.
وذكر أن العمل الخيري أصبح أسلوب حياة وسلوكا حضاريا تتناقله الأجيال وحافظت عليه القيادة الرشيدة وأصبح عنصرا ثابتا في سياستها واستراتيجيتها وترجمته برامجها ومشاريعها وسارعوا في تجسيد صور مشرقة له.
وبين أن العمل الخيري في الكويت كان ولا يزال همه خدمة الإنسان ورعاية المحتاج ودعم حقه في العيش الكريم حتى أصبحت دولة الكويت وقيادتها عاصمة ومركزا للإنسانية والخير والعطاء.
وقال المعتوق إن القيم الإنسانية الرفيعة وأسس العمل الإنساني النبيل من مبادئ دولة الكويت وهو مثال عملي في شخصيتها وفي صميم رؤية قيادتها الرشيدة بقيادة حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله والحكومة الرشيدة لذلك فقد أصبح مفهوم العمل الإنساني جزءا لا يتجزأ من استراتيجية الدولة ومبادراتها الحضارية سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل.
وأكد أن الكويت قدمت من خلال العمل الخيري نموذجا عالميا متفردا في العطاء والعمل الإنساني ضمن مبادرات مهمة تتمثل بنقل الإنسان من ضيق الحاجة إلى فضاء التمكين والاعتماد على الذات.
وتابع أن الكويت والهيئة الخيرية ومنظومات العمل الإنساني والخيري الكويتي زادت من مساهماتها الفاعلة في إحداث تأثير مستدام في مجال العمل الإنساني ومبادرات دعم التعليم والتعليم النوعي وبرامج ترسيخ قيم الخير والعطاء في المجتمع الكويتي ما ساهم في تعزيز مكانة الكويت عالميا في المجالات الإنسانية والخيرية وذلك كله بلا منة أو أذى ولكن طمعا في رضا الخالق وتسعدنا دعوات المستفيدين.
من جانبها قالت ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى دولة الكويت نسرين ربيعان لـ«كونا» «لايسعنا عاما بعد آخر سوى أن نستذكر تاريخ دولة الكويت المليء بالعطاء والخير المتأصل في جذور تأسيس الدولة منذ القدم».
وأضافت ربيعان أن لدولة الكويت سياسة خارجية مبنية على السلام ومكانة دولية مرموقة تقلدتها بجدارة نتيجة دعمها الخيري الدائم ودورها الريادي في نصرة كل ضعيف في الشرق الأوسط بشكل خاص وشعوب العالم كافة بشكل عام فساعدت أكثر من 8 ملايين لاجئ ونازح عن طريق دعم أنشطة المفوضية الإنسانية.
وذكرت أن الكويت كانت ومازالت من أوائل الدول في تقديم العون للشعوب المتضررة جراء الأزمات الإنسانية المختلفة من حروب وصراعات وكوارث طبيعية ودائما ما كانت في الطليعة لحشد الدعم حين إطلاق نداءات للاستجابة الانسانية المنقذة للحياة.
ولفتت إلى أن مساهمات دولة الكويت في مجال السياسات الدولية وحوارات السلام تفوق المساهمات المادية «ونعتز بأنها من أهم شركاء المفوضية الاستراتيجيين في دعم أنشطتها الإنسانية ودعم اللاجئين والنازحين حول العالم دون أي أجندات سياسية عبر أكثر من 30 عاما من الشراكة مع الكويت وقيادتها الحكيمة ونهجها الخيري الراسخ».
من ناحيته قال رئيس مركز الكويت لتوثيق العمل الإنساني «فنار» الدكتور خالد الشطي «إنه في اليوم العالمي للعمل الخيري نستذكر الأعمال الخيرية التي تقدمها الكويت حكومة وشعبا فمنذ أربعة قرون مضت ولا تزال بعطائها الإنساني الذي استحقت به تسميتها من منظمة الأمم المتحدة في 9 سبتمبر عام 2014 مركزا عالميا للعمل الإنساني وتسمية أميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رحمه الله قائدا للعمل الإنساني».
وأضاف الشطي أن الكويت جبلت بأعمالها الخيرية ومساعداتها الإنسانية للمحتاجين والمتضررين داخل الكويت وخارجها وتشهد الكويت اليوم جمعيات ومبرات خيرية عديدة وجمعيات أهلية مهنية متنوعة وأكثر من 300 فريق تطوعي وعدة مؤسسات حكومية كثيرة كلها تقدم المساعدات وتدعم المبادرات وتشرف على مسيرة المؤسسات الإنسانية.
وأوضح أن تلك المؤسسات أثبتت شفافيتها وحوكمتها وجودتها الإدارية والتزامها بضوابط وشروط العمل الخيري التي وضعتها وزارتا الشؤون الاجتماعية والخارجية ونالت به إعجاب وتقدير العالم لها.