كامالا هاريس الأقوى في قضية الحدود وليس ترامب
يرى المحلل الأمريكي روبرت كيلي، أن وصف دونالد ترامب وأتباعه، للإخفاقات المزعومة لنائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، فيما يتعلق بأمن الحدود هو مزيج من الجهل المتعمد وسوء النية.
وغالباً ما يردد براندون جود، رئيس المجلس الوطني لدوريات الحدود الأمريكية، والذي يفتح المجال أحياناً للرئيس السابق في بعض من اجتماعاته الانتخابية، الأكاذيب العديدة وأنصاف الحقائق حول الحدود. ويبدو أن “جود” مهتم أكثر بترديد عقيدة ترامب بشأن أمن الحدود، أكثر مما يهتم بأن يخدم كقائد يتمتع بالنزاهة التي يستحقها رجال ونساء إدارة الجمارك وحماية الحدود.
ويقول كيلي، النائب السابق لمساعد وزير الدفاع لشؤون مكافحة المخدرات، والنائب السابق لرئيس لجنة الحدود الحكومية، في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأمريكية، إنه على عكس ترامب وأتباعه، أدركت إدارة الرئيس جو بايدن وهاريس منذ فترة طويلة إنه بغض النظر عن الحواجز المادية أو القانونية التي يتم تشييدها باسم أمن الحدود، سوف يستمر المهاجرون في طلب اللجوء في الولايات المتحدة، طالما أن الأوضاع في أوطانهم لا يمكن تحملها. وقد كلف الرئيس بايدن، بحكمة، نائبته هاريس بقيادة جهود دبلوماسية للمساعدة في خفض الجريمة والعنف والفقر والفساد في تلك الدول المسؤولة عن النسبة الأكبر من المهاجرين، وقد حققت تقدماً كبيراً.
ويرى كيلي، أنه في الوقت الذي كان يبدي فيه الجمهوريون إعجابهم بـ”الجدار”، ويلتقطون الصور وهم وقوف أمامه، كانت كامالا هاريس تقوم فيما وراء الكواليس بالدبلوماسية الصعبة والتي تستغرق وقتاً طويلاً والمحبطة ومن خلال العمل مع دول المثلث الشمالي، بأمريكا الوسطى، تمكنت هاريس من اجتذاب مساعدة أكثر من 50 شركة أمريكية استثمرت 5 مليارات دولار في تلك الدول.
وفي أعقاب ذلك، انخفضت الهجرة من الدول المستهدفة بما يتراوح بين 50 و60%. ولن تتحسن الأوضاع في دول المثلث الشمالي بين عشية وضحاها. والمطلوب هو جهد دولي طويل المدى للقضاء على تلك العوامل التي تدفع المواطنين اليائسين إلى الفرار من أوطانهم. ولحسن الحظ، تتفهم إدارة هاريس المستقبلية ذلك.
وأشار كيلي إلى أن ترامب يستمتع بإلقاء اللوم على كامالا هاريس عما يؤكد أنها فوضى بالنسبة للحدود، وقال كيلي “أنا شخصياً أتفق مع أن هناك الكثير الذي يجب القيام به لتحسين الأوضاع غير المقبولة عند حدودنا”. ومع ذلك فإن الحقائق هي أن إدارة بايدن وهاريس اتخذت خطوات مهمة في تحسين أمن الحدود حتى بدون الموارد الحيوية التي كان سيتم نشرها بموجب مشروع قانون الحدود الذي يؤيده الحزبان، وهي الموارد التي كانت ستحسن بشكل كبير القوة المعنية بحماية الحدود وفعالية إدارة الجمارك وحماية الحدود.
وقال كيلي إن إدارة بايدن وهاريس فرضت قيوداً صارمة على طلبات اللجوء والتي كانت فعالة في تقليص عمليات العبور غير القانونية إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2020، كما تستحق الإدارة الثناء والإشادة لنجاحها مؤخراً في استئصال قيادة عصابة “سينالوا” سيئة السمعة، باعتقال قادة العصابة “ال مايو” غارسيا وخواكين جوزمان لويرا، نجل الزعيم سيء السمعة “ال شابو” جوزمان.
وبالإضافة إلى ذلك، وفي يونيو (حزيران) 2021، تحت قيادة هاريس، تم تأسيس فرقة العمل ألفا، وهي فرقة عمل معنية بتطبيق القانون، بالتعاون مع المكسيك ودول المثلث الشمالي، لمكافحة التهريب والاتجار بالبشر.
ويقول كيلي إن “قضية أمن الحدود هي واحدة من أصعب قضايا الأمن الوطني التي تواجه أمتنا وأكثرها تعقيداً وإثارة للانقسام. ومما يعد أمراً غير مسؤول تماماً استغلال أفراد من أي من الحزبين الحدود والقضايا العديدة المتعلقة بها كسلاح سياسي. لكننا وصلنا إلى هذا الوضع اليوم، خاصة لأنه يتعلق بالحزب الجمهوري وبرنامجه والتفاهات التي يتلفظ بها مرشحه الرئاسي وأتباعه”.
وأضاف أنه “بدلاً من التركيز على حلول هادفة طويلة المدى لمشكلة معقدة، كما كانت تفعل هاريس، ينخرط ترامب وأتباعه في مسرح أمن الحدود”. وعلى مدى الأعوام الـ 6 الماضية، تدفق ترامب ووكلاؤه (ومن بينهم جيه دي فانس الذي اختاره ترامب مؤخراً نائباً له)، بشكل دوري إلى الحدود الجنوبية الغربية لالتقاط الصور أمام “جدار” ترامب. إن استمرار الجدار غير الفعال على الإطلاق والترحيل الجماعي للمهاجرين، أصبح، في هذه الأيام، في قلب”سياسة الحدود” التي ينتهجها ترامب. ويعد هذا النهج مثيراً للسخرية وغير مجد إلى أقصى درجة.
واعتبر كيلي أنه “فيما وصفه بأنه إنجاز في الجمباز الأخلاقي يستحق الميدالية الذهبية، من المثير مشاهدة براندون جود وهو يشيد بالرئيس السابق لقيادته الملهمة بشأن أمن الحدود، والمعروف أن ترامب قام بالضغط على قيادة الحزب الجمهوري، لنسف أول مشروع قانون صارم وهادف قدمه الحزبان منذ أجيال عديدة. لقد كان هو مشروع القانون الذي تبناه هو واتحاده بحماس. يالها من وقاحة”.
وكانت الولايات المتحدة على وشك أن تتمكن من إحداث تغيير هادف لبرامج الحدود والهجرة المتعثرة للغاية، بما في ذلك توفير المزيد من أفراد إدارة الجمارك وحماية الحدود، وتكنولوجيا متقدمة للكشف عن البضائع المهربة المخفية والمزيد من القضاة لنظر قضايا الهجرة، والكثير غير ذلك. وبالطبع، كان ترامب في البداية مؤيدا لمشروع القانون، لكنه أوقفه عندما أدرك أنه يحتاج إلى الإبقاء على الحدود كقضية للحملة الانتخابية. وكان هذا أمراً غير معقول.
واختتم كيلي تقريره بالقول إنه “في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، سيكون الناخبون أمام اختيار واضح لمن سيتمكن على الأرجح من تحقيق تغيير إيجابي وهادف لحدودنا المضطربة. مع ترامب، سيكون الوضع كما هو، جدران وخطابات وتهديدات وتبجح. ولكن مع كامالا هاريس، لدينا فرصة لعلاج الأسباب الجذرية المسببة للهجرة، وربما، لأول مرة، نركز على حل دائم”.