كتمان الأسرار.. الدراسات تحثك على البوح بها!
أثبتت الدراسات العلمية التي تناولت سيكولوجية السرية عند الأشخاص، بأنه لا يوجد أحد بلا أسرار، وكلما كبر السر كان من الصعب الاحتفاظ به.
وبحسب الدراسات التي أجراها باحثون في جامعة كولومبيا، فإن الشخص العادي يحتفظ بحوالي 13 سرا، بينها 5 أسرار لم يخبر بها أي شخص إطلاقا، وهي أسرار من فئات مختلفة تتعلق على سبيل المثال بالخيانة الزوجية، تعاطي المخدرات والنشاط غير القانوني.
وكشف الباحثون في هذه الدراسة، أن إخفاء الأسرار يستنزف طاقة الأشخاص ويشتت انتباههم، بسبب انشغالهم الدائم بها، مما يؤثر سلبا على جودة نشاطهم الذهني.
كما يقلل حجب المعلومات عن الآخرين شعور الأفراد بالأصالة والراحة، ويعمل على انخفاض مستوى الرضا عن حياتهم بشكل عام.
سيكولوجية السرية
وفقا للباحثين مثل مايكل سليبيان وآدم جالينسكي في جامعة كولومبيا ونير هاليفي في جامعة ستانفورد، الذين كانوا يدرسون بشكل مكثف العديد من جوانب الأسرار، يجب التفريق بين السرية التي نتعمد فيها إخفاء المعلومات عن شخص واحد أو أكثر والتصرف بشكل غير طبيعي؛ وبين الحفاظ على الخصوصية، وتحديد المعلومات الشخصية التي يجب أن تظل سرية؛ ولكن دون أن نخشى العواقب في حال انكشافها للآخرين.
وعن الأسباب التي تجعل الأشخاص يحتفظون بالمعلومات المشحونة لأنفسهم، رغم شعورهم بالاستنزاف والسوء، خاصة مع شريك الحياة، وجد الباحثون بأن الأشخاص الذين ينطبق عليهم نمط الارتباط العاطفي القلق والارتباط المتجنب، هم أكثر عرضة لإخفاء الأسرار، مقارنةً بالأشخاص من نمط الارتباط العاطفي الآمن.
وتختلف دوافع إخفاء الأسرار بين الأشخاص القلقين والمتجنبين، إذ يخشى الشخص القلق التعرض للرفض من الآخر، أما المتجنب فيستخدم الإخفاء وسيلةً للحفاظ على مسافة آمنة من الطرف الآخر.
لكن في الغالب يمكن وصف حالة الأشخاص، الذين يخفون أسرارا دفينة، بأنهم يشهدون عاصفةً داخلية غامرة، تغذي في كثير من الحالات، الشعور بالتهديد والعار، والفشل، والإرهاق العاطفي.
التخفيف من الآثار النفسية لحفظ الأسرار
غالبا ما يكون الاحتفاظ بالأسرار ضارا على المدى الطويل جسديا ونفسيا؛ حيث يؤكد علماء النفس بأن السرية تؤذي أصحاب المعلومات بشكل أساسي، لأنهم يجترون الأمر ويفرطون في التفكير فيما قد يحدث إذا انكشف السر، وهو ما يؤلمهم أكثر من حجب المعلومات نفسها.
لهذا اقترح كل من سليبيان وكوخ أن يتم فهم سبب الاحتفاظ بالسر للتخلص من حالة الاجترار النفسي وتخفيف الشعور بالضيق، ومن أجل ذلك ابتكروا تمرين تأطير بسيط، اختبروه على 300 مشارك لكل سر يحتفظون به، ثم طُلب من المشاركين النظر في العبارات الثلاثة التالية، لا ضير من وجود هذا السر، هذا السر يحمي شخصا ما، لدي فهم جيد لهذا السر.
وقد أفاد أولئك الذين شاركوا في هذا التمرين يوميا، بأنهم أقل اجترارا بشأن سرهم، مع تحسّن حالتهم المزاجية بشكل عام، خلال الأسبوع التالي.
وبالتالي تشير هذه النتيجة إلى أن الوضوح حول سبب إخفاء السر، يمكن أن يقلل الضرر الناتج عن الاجترار حوله.
أخيراً ينصح الخبراء بالتخلص من أكبر قدر من الأسرار، والتحلي بالصدق والشجاعة لمشاركة أسرارنا، ليس بالضرورة مع جميع الناس، لكننا على الأقل نزيح ثقلا كبيرًا عن أكتافنا، ونتجنب الإرهاق ومشاعر العزلة، ونحافظ على الحميمية في العلاقات الوثيقة.