كيف تسهم الحواس المختلفة في عملية التذوق؟
أجرت طبيبة نفسية تدعى كاثرين اولا بحثا علميا، عبر إجبار نفسها على تناول “الكرنب المسوق” (المعروف بكرنب بروكسل) كل يوم لمدة أسبوع، لأنها تكرهه.
وتقول كاثرين اولا إن بحثها “يركز على فهم كيفية تعامل العقل البشري مع الطعام. وأتساءل كيف تساهم الحواس المختلفة في تجربة التذوق ؟ وكيف يتشكل الذوق من خلال التجربة والإشارات الخارجية، وكيف يمكننا التأثير على التذوق وتعزيز قبول نوعيات الأكل من أجل تقوية سلوك تناول الطعام الصحي ؟”.
وتضيف الطبيبة النفسية التي تعمل حاليا مديرة للبحث والتطوير في شركة عطور وتذوق تتخذ من سويسرا مقرا لها، إنها كانت دائما تجد أن كرنب بروكسل مر بقدر لا يطاق، ولكنها بما أنها تسمع دائما أنه مادة مغذية جدا، فإنها قامت بإجراء تجربة ذاتية لمعرفة ما إذا كان بإمكانها التعود على طعمه.
وكانت من بين النتائج الكثيرة المهمة التي توصل إليها باحثو التذوق من أمثال كاثرين ومايك بيرنز، وهو رئيس فريق عمل معني باستقبال أنظمة التذوق والرائحة في “معهد لايبنيز لعلوم بيولوجيا النظم الغذائية” بالجامعة التقنية في ميونخ، هي أن تفضيل الأطعمة يمكن أن يتغير.
ومع ذلك، فما لا يتغير هو ما إذا كانت الأطعمة، مثل كرنب بروكسل والبروكلي، لها مذاق مر للغاية بالنسبة للمرء. فهذا أمر موروث، ومن جانبه يقول “اكتشاف بعض المركبات المرة له أساس وراثي”، وتحديدا جين TAS2R38، إن الأشخاص الذين يحملون الجين بشكل وظيفي كامل “وهو الأمر الشائع لدى أغلب الأشخاص” يمكنهم تذوق هذه المركبات بقدر قوي، إلا أن 30 في المائة من السكان “لا يمكنهم تذوقها”.
كما أن هناك خصوصية أخرى للإحساس بالمرارة، وهي موجودة على اللسان، فإن “الحليمات” وهي النتوءات الصغيرة المستديرة الموجودة على سطح اللسان العلوي، بها براعم تذوق تحتوي على 25 نوعا مختلفا من مستقبلات الطعم المر، أما بالنسبة لباقي النكهات الأساسية الأخرى، والتي تتنوع بين المذاق الحلو والحامض والمالح وغيرها، فعادة ما يكون هناك نوعا واحدا أو اثنين فقط منها.
ومما يثير إحباط الباحثين كثيرا، هو أن هناك فكرة ثابتة باستحكام، مفادها أن مستقبلات الأطعم المختلفة موجودة في مناطق معينة باللسان: مستقبلات الطعم الحلو تكون موجودة في الأمام، ومستقبلات الطعم الحامض والمالح تكون موجودة على الجانبين، ومستقبلات الطعم المر تكون موجودة في الخلف.
وترى أن هذه الخريطة هي مجرد هراء، وفي الواقع تنتشر مستقبلات التذوق في جميع أنحاء اللسان، مع وجود عدد كبير بشكل خاص من مستقبلات الطعم المر في الخلف، وتوضح أن “هذا يبدو منطقيا”، لأن تحفيز هذه المنطقة يحفز أيضا العصب الذي من الممكن أن يؤدي إلى ردة الفعل البلعومية، وهي استجابة وقائية لمنع دخول الأجسام الغريبة إلى الحلق، وطرد المواد غير الصالحة للأكل أو السامة.
فيما يقول إن “كل ما يحفز براعم التذوق يتم نقله عن طريق الألياف العصبية إلى المخ، حيث يتشكل إحساس التذوق”. وفي الشائع، يلاحظ أن العديد من الحواس تشترك سويا في عملية التذوق، مضيفا أن “مقولة أن المرء يأكل بعينه أولا ليست من فراغ”.
وتلعب حاسة الشم دورا أكبر، فالروائح التي تنبعث من تجويف الفم أثناء الأكل والشرب، تمر على الجزء العلوي من الحلق، ويتم التقاطها بواسطة مستقبلات الرائحة في الممرات الأنفية، ما يسهم في إعطاء نكهة الأطعمة والمشروبات.
ويعد هذا هو السبب في أن المرء لا يستطيع التذوق بصورة جيدة عندما يكون هناك انسداد في الأنف. ويوضح “لا يكون بوسعنا الشم أيضا”.