منوعات

لماذا يتسوّق البعض عند الشعور بالتوتر؟

بصفتها أماً لطفل يبلغ من العمر 16 شهراً، تجد أحياناً الدكتورة أليسا مينينا جونيميتر، وهي أستاذة بالتسويق في كلية إيمليون للأعمال بفرنسا، نفسها وهي تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي بلا تفكير بعد ساعات العمل، وتنجذب إلى الإعلانات والبضائع التي لم تكن تدرك حتى إنها تريدها. والشيء التالي الذي تعرفه هو أنها تضيف عناصر إلى عربة التسوق الخاصة بها، ولا تحتاج إلى أي منها بالفعل. وهذه دورة مألوفة للغاية، وتطرح السؤال: لماذا نتسوق للتعامل مع التوتر، والأهم من ذلك، هل يساعدنا ذلك حقاً؟

دخلت عبارة «العلاج بالتجزئة» مفرداتنا المعاصرة للإشارة إلى شكل من أشكال التسوق مدفوعاً باحتياجات عاطفية، وعادة ما يكون ذلك للتعامل مع التوتر أو المشاعر السلبية، أو لاستعادة الشعور بالسيطرة. في حين ينظر الكثيرون إلى العلاج بالتسوق على أنه وسيلة لتخفيف التوتر أو تحسين الحالة المزاجية، دعونا نلقِ نظرة على الأبحاث الحديثة لاكتساب فهم أكثر دقة لتأثيراته، بحسب تقرير لموقع «سايكولوجي توداي»:

لماذا نتسوق للتعامل مع التوتر؟

لا يقتصر العلاج بالتجزئة على شراء الأشياء؛ فهو غالباً ما يخدم احتياجات عاطفية أعمق. على سبيل المثال، قد يشتري الأشخاص الذين يعانون من انخفاض احترام الذات أشياء تتوافق مع صورتهم الذاتية السلبية، وهو السلوك المعروف باسم الاستهلاك للتحقق من الذات. وفي الوقت نفسه، يميل الأشخاص الذين يتمتعون بتقدير ذاتي أعلى إلى التسوق ليشعروا بتحسن تجاه أنفسهم، خاصة عندما يحسون بالضغط. والأمر المثير للاهتمام هو أن عادات التسوق لدينا يمكن أن تختلف بشكل كبير اعتماداً على كيفية نظرتنا إلى أنفسنا.

التسوق التعويضي، عندما نشتري أشياء لملء فراغ عاطفي، شائع بشكل خاص خلال الأوقات العصيبة. وقد وجد أن الأشخاص الذين يضعون قيمة عالية على الممتلكات المادية أو يكافحون مع التعاطف مع الذات هم أكثر عرضة للتسوق بوصفه وسيلة للتكيف. ومع ذلك، يمكن أن ينتهي بهم الأمر إلى جعلهم أقل سعادة بمرور الوقت، لأن ذلك لا يعالج القضايا العاطفية الأعمق وراء حاجتهم إلى الشراء.

نتائج عكسية

في حين أن التسوق قد يوفّر دفعة قصيرة الأجل، إلا أنه قد يأتي بنتائج عكسية في بعض الأحيان. تظهر الأبحاث أنه عندما يتسوّق الناس للتعويض عن ضربة تلقوها لتقديرهم لذاتهم، فإنه غالباً ما ينتهي بهم الأمر إلى الندم على مشترياتهم. وهذا صحيح بشكل خاص عندما يكون الشراء مرتبطاً بالمشكلة الأصلية – على سبيل المثال، شراء شيء ما للشعور بالذكاء بعد الشعور بالنقص في العمل.

ومن المثير للاهتمام أنه عندما يتسوق الناس لشيء لا علاقة له بضغوطهم – مثل شراء ملابس جديدة بعد يوم عمل شاق – يكون هناك ندم أقل. وهذا يوضح مدى أهمية فهم ما يدفعنا حقاً إلى التسوق.

صعود العلاج بالتسوق عبر الإنترنت

سلطت جائحة «كوفيد – 19» الضوء على زيادة فيما يسميه بعض الباحثين الاستهلاك الانتقامي؛ حيث لجأ الناس إلى السلع الفاخرة لاستعادة الشعور بالسيطرة على حياتهم، ما أعطى تقديرهم لذاتهم ورفاهتهم دفعة مؤقتة. وضمن نفس الإطار، ارتفعت معدلات التسوق عبر الإنترنت أيضاً، حيث استخدم الناس العلاج بالتجزئة للتعامل مع العزلة والقلق الناجم عن عمليات الإغلاق.

تُظهر الأبحاث أن هذا النوع من التسوق غالباً ما يكون مدفوعاً بالحاجة إلى الشعور بالسيطرة خلال أوقات الأزمات. وبينما وجد البعض الراحة المؤقتة في شراء البضائع، أحسّ آخرون بالندم لاحقاً، خاصة إذا أدركوا أن مشترياتهم كانت مدفوعة بالتوتر أكثر من الحاجة الفعلية.

زر الذهاب إلى الأعلى