ماذا تعرف عن التنمر الإلكتروني.. وكيفية التعامل معه؟

التنمر هو سلوك عدواني متكرر يمكن أن يكون جسدياً أو لفظياً أو شخصياً أو إلكترونياً، والتنمر غالباً لا هوادة فيه، فقد يحدث مراراً وتكراراً لفترات طويلة من الزمن، وقد يعيش الشخص المتنمر عليه بخوف دائم كونه لا يعلم من أين ومتى سيضربه التنمر بعد ذلك، ماذا سيفعل، وإلى أي مدى سيمضي؟.

أشكال التنمر

1. التنمر الجسدي
ويشمل الضرب أو الركل أو الضغط عليك (أو حتى التهديد بالقيام بذلك)، وكذلك سرقة أو إخفاء أو تخريب الأشياء الخاصة بك، والمضايقة أو الإهانة.

2. التنمر اللفظي
ويتضمن التنابز بالألقاب أو الإغاظة أو السخرية أو الإهانة أو الإساءة اللفظية لك بطريقة ما.

3. التنمر في العلاقات
ويتضمن رفض التحدث إليك، واستبعادك من مجموعات أو أنشطة، ونشر الأكاذيب أو الإشاعات عنك، ما يجعلك تفعل أشياء لا تريد القيام بها.

كثيراً ما يستعمل الصبيان التهديدات والأفعال الجسدية، بينما تكون الفتيات أكثر عرضة للانخراط في التنمر اللفظي أو العلاقات، ولكن لا ينبغي أبداً التسامح مع أي نوع من التنمر.

 ما هو التنمر الإلكتروني؟

مع انتشار التكنولوجيا لم يعد التنمر مقتصراً على فناء المدارس أو زوايا الشوارع، بل بات يحدث عبر الإنترنت وفي أي مكان، حتى في المنزل، وعبر الهواتف الذكية ورسائل البريد الإلكتروني والنصوص ووسائل التواصل الاجتماعية، على مدار 24 ساعة، مع وجود مئات الأشخاص الذين تحتمل مشاركتهم.

يستخدم التنمر الإلكتروني التكنولوجيا الرقمية للمضايقة أو توجيه التهديد أو الإذلال، وعلى عكس التنمر التقليدي، فإن التنمر الإلكتروني لا يتطلب اتصالاً وجهاً لوجه ولا يقتصر على مجرد حفنة من الشهود في وقت واحد، كما أنه لا يتطلب قوة جسدية.

يظهر التنمر الإلكتروني بجميع أشكاله وصوره؛ فكل شخص تقريباً لديه اتصال بالإنترنت أو هاتف محمول يمكنه التعامل مع شخص آخر عبر الإنترنت، وغالباً دون الحاجة إلى الكشف عن هويته الحقيقية.

بإمكان التنمر الإلكتروني تعذيب الشخص المتنمر عليه على مدار 24 ساعة يومياً، وسبعة أيام في الأسبوع، ويمكن أن يتعرض الشخص للتنمر في أي مكان حتى لا يشعر بالأمان في أي مكان وحتى في المنزل، ومن خلال بضع نقرات، يمكن لذلك الشخص أن يشهد الإهانة من قبل المئات أو حتى الآلاف من الأشخاص عبر الإنترنت.

يمكن أن تكون الطرق التي يستخدمها الأطفال والمراهقون للتنمر عبر الإنترنت متنوعة ومبتكرة، وهي تراوح ما بين إرسال رسائل تهديد، أو التهكم عبر البريد الإلكتروني، أو الرسائل النصية، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو الرسائل الفورية، إلى اقتحام بريدك الإلكتروني أو سرقة هويتك عبر الإنترنت لإيذائك، وقد تنشأ بعض حالات السطو الإلكتروني على موقع الويب أو صفحة الوسائط الاجتماعية لاستهدافك.

كما هو الحال مع التنمر وجهاً لوجه، فإن الصبيان والبنات يقومون به على حد سواء عبر الإنترنت، لكنهم يميلون إلى القيام بذلك بطرق مختلفة، حيث يميل الصبيان إلى التنمر عن طريق “الرسائل النصية” (إرسال رسائل ذات طبيعة جنسية أحياناً)، أو إرسال الرسائل التي تهدد بالأذى الجسدي، في حين يشيع التنمر بين الفتيات أكثر عبر الإنترنت عن طريق نشر الأكاذيب والشائعات، أو كشف الأسرار، أو بإقصاء الفتيات من مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل البريد الإلكتروني وقوائم الأصدقاء وما شابه.

ونظراً لأن التنمر عبر الإنترنت سهل للغاية، يمكن للطفل أو المراهق تغيير الأدوار بسهولة، والانتقال من دور الضحية عبر الإنترنت في مرحلة ما إلى التنمر عبر الإنترنت في المرة التالية، ثم العودة مرة أخرى لدور الضحية.

 الآثار النفسية للتنمر الإلكتروني

سواء كنت مستهدفاً من قبل متنمرين حقيقيين أو متنمرين إلكترونيين، فإن النتائج النفسية متشابهة:
– حيث إن الشخص المتنمر عليه يشعر بالأذى، والغضب، والخوف، والعجز، واليأس، والعزلة، والخجل، وحتى الشعور بالذنب من أن التنمر هو خطؤه، وقد يفكر في بعض الحالات بالانتحار.
– من المرجح أن تعاني صحته البدنية، ويكون أكثر عرضة لخطر الإصابة بمشكلات الصحة النفسية مثل الاكتئاب، أو تدني احترام الذات، أو القلق، أو اضطراب ما بعد الصدمة عند البالغين.
– من المرجح أن يفوّت المدرسة أو يتخطاها أو يتسرب منها لتجنب التعرّض للتنمر.
– يتوجه للانغماس في العادات الضارة.. حيث يلجأ العديد من ضحايا التنمر الإلكتروني إلى منافذ أخرى للتنفيس، مثل التدخين أو تعاطي الكحول رداً على التعرض للتنمر.
– في بعض الأحيان يؤثر من يتعرضون للتنمر الإلكتروني أن ينفصلوا وينعزلوا عن الناس، وتكون لذلك آثار طويلة المدى مثل:
1. الركون إلى ما يقوله الآخرون مع فقدان الشعور بالذات.
2. ظهور صعوبة في صنع القرار.
3. ظهور اضطرابات في الأكل.

في كثير من الحالات، قد يكون التنمر الإلكتروني عبر الإنترنت أكثر إيلاماً من التنمر وجهاً لوجه بسبب أنه:
– يمكن أن يحدث في أي مكان وفي أي وقت
فقد يواجهك ذلك حتى في الأماكن التي عادة ما تشعر فيها بالأمان، مثل المنزل، وفي بعض الأوقات التي لا تتوقعها، كما هو الحال في عطلة نهاية الأسبوع بصحبة عائلتك. قد يبدو الأمر وكأنه لا مفرّ من الإهانة والإذلال.

– يمكن إجراء الكثير من عمليات التنمر عبر الإنترنت دون الكشف عن هوية صاحبها
لذلك قد لا تكون متأكداً من الجهة التي تستهدفك، وقد يجعلك هذا تشعر بأنك أكثر تهديداً ويمكن أن يشجع المتنمرين على تخويفك، لأنهم يعتقدون أن إخفاء الهوية عبر الإنترنت يعني أنهم أقل عرضة لكشفهم. ونظراً لأنه لا يمكنهم أن يروا ردة فعلك، فغالباً ما يذهبون إلى أبعد من ذلك في مضايقاتهم أو سخريتهم أكثر مما لو كانوا وجهاً لوجه معك.

– يمكن أن يحدث التنمر عبر الإنترنت من قبل آلاف الأشخاص المحتملين
يمكن إعادة توجيه رسائل البريد الإلكتروني إلى العديد من الأشخاص، بينما يمكن لأي شخص الاطلاع على منشورات التواصل الاجتماعي أو تعليقات الموقع. وكلما كان التنمر أشد، أصبح الأمر أكثر إهانة.

 لماذا يتعرض الشخص للتنمر الإلكتروني؟

في حين أن هناك العديد من الأسباب وراء التنمر الإلكتروني، إلا أن المتنمرين يميلون إلى اختيار أشخاص “مختلفين” أو لا يتلاءمون مع الاتجاه السائد، وعلى الرغم من أن شخصيتك المميزة هي شيء ستحتفل به في وقت لاحق من الحياة، إلا أنها تبدو وكأنها لعنة عليك. فربما ترتدي ملابس أو تتصرف بشكل مختلف، أو ربما يميزك عرقك أو دينك عن الآخرين. وقد تكون جديداً على المدرسة أو الحي ولم تنشئ صداقات بعد.

مهما كانت أسباب الاستهداف، من المهم أن تتذكر أنك لست وحدك، لقد تعرض الكثير منا للتنمر في مرحلة ما من حياته، وفي الواقع، يعاني حوالي 25% من الأطفال من التنمر، ويعاني حوالي ثلث المراهقين من التنمر الإلكتروني في مرحلة ما.. لكنك لست مجبراً على تحملها، وهناك الكثير من الأشخاص الذين يمكنهم مساعدتك في التغلب على المشكلة والاحتفاظ بكرامتك والحفاظ على إحساسك بذاتك.

كيفية التعامل مع التنمر

لا يوجد حل بسيط للتنمر الشخصي أو الإلكتروني، كما لا توجد طريقة مضمونة للتعامل مع التنمر بشكل عام، ولكن نظراً لأن التنمر الشخصي أو الإلكتروني نادراً ما يقتصر على حادثة أو حادثتين، وقد يكون هجوماً مستداماً على مدار فترة زمنية، فقد يتعين عليك أن تبلغ عن كل حادثة تنمر حتى توقفها عند حدها، وتذكر أنه لا يوجد أي سبب يجبرك على تحمل أي نوع من التنمر؛ لذلك:
1- لا تلمَ نفسك فهي ليست غلطتك
بغض النظر عما يقوله أو يفعله المتنمر، يجب ألا تخجل من نفسك أو ما تشعر به، فالتنمر يأتي من الشخص الذي يعاني من مشكلة، وليس منك أنت.

2- حاول أن ترى التنمر من منظور مختلف
فالمتنمر هو شخص غير سعيد، ومحبط، ويريد أن يتحكم في مشاعرك بحيث تشعر بالسوء الذي يشعر به. لذلك لا تمنحه هذا الرضا.

3- لا تغرق نفسك في حادث التنمر
لا تجعل حادث التنمر أسوأ من خلال التعليق عليه أو قراءة رسائل التنمر عبر الإنترنت مراراً وتكراراً. بدلاً من ذلك، احذف أي رسائل وركز على التجارب الإيجابية في حياتك. هناك العديد من الأشياء الرائعة عنك، لذا كن فخوراً بما أنت عليه ودع أذاهم.

4- تعلم كيفية إدارة التوتر
إن العثور على طرق صحية لتخفيف التوتر الناتج عن التنمر يمكن أن يجعلك أكثر مرونة حتى لا تشعر بالتجربة السلبية، فالتمارين الرياضية والتأمل والتحدث الإيجابي عن النفس واسترخاء العضلات وتمارين التنفس كلها طرق جيدة للتغلب على ضغوط التنمر.

5- قضاء بعض الوقت في فعل الأشياء التي تستمتع بها
كلما زاد الوقت الذي تقضيه في الأنشطة التي تجلب لك المتعة – مثل ممارسة الرياضة والهوايات المفيدة، والجلوس مع الأصدقاء الذين لا يشاركون في التنمر عليك، على سبيل المثال – سيقلل من أثر التنمر الشخصي أو الإلكتروني في حياتك.

احصل على الدعم من أولئك الذين لا يتنمرون

عندما تتعرض للتنمر، فإن وجود أشخاص موثوق بهم يمكنك اللجوء إليهم لتوفير الدعم سوف يخفف من توترك، ويزيد من ثقتك بنفسك وقدرتك على الصمود، وتحدث إلى أحد الوالدين أو المدرس أو المستشار أو أي شخص بالغ موثوق به، فهذا لا يعني أنك ضعيف أو أن هناك شيئاً ما خاطئاً معك.

وتواصل مع الأصدقاء الحقيقيين (الذين لا يشاركون في أي نوع من التنمر)، وإذا كنت جديداً في مدرسة أو حي، أو لا تشعر أن لديك أي شخص تلجأ إليه، فهناك العديد من الطرق لتكوين صداقات جديدة، وقد لا يبدو الأمر كذلك دائماً، ولكن هناك الكثير من الأشخاص الذين يحبونك ويقدرون من أنت، كما يمكنك القيام بما يأتي:
1- ابتعد عن التكنولوجيا
حيث إنّ أخذ استراحة من هاتفك الذكي والكمبيوتر اللوحي وألعاب الفيديو يمكن أن يفتح لك الباب للتعرف على أشخاص جدد.

2- ابحث عن الآخرين الذين يشاركونك القيم والاهتمامات نفسها
قد تكون قادراً على تكوين صداقات في مجموعة شبابية أو نادي كتب أو مؤسسة دينية. تعلم رياضة جديدة أو انضم إلى فريق أو استمتع بممارسة هواية جديدة، مثل لعبة الشطرنج أو الفن أو الموسيقى. أو تطوع بوقتك؛ حيث إن مساعدة الآخرين هي طريقة رائعة للشعور بالراحة تجاه نفسك وتوسيع شبكتك الاجتماعية.

3- شارك مشاعرك حول التنمر
تحدث إلى أحد الوالدين أو مستشار أو مدرب أو رجل دين أو صديق موثوق به، ويمكن للتعبير عما تمر به أن يحدث فرقاً كبيراً في الطريقة التي تشعر بها، حتى لو لم يتغير الموقف.

4- عزز ثقتك بنفسك
التمرين الرياضي هو وسيلة رائعة لتعزيز ثقتك بنفسك وتقليل التوتر، واذهب للركض أو خذ دورة في الملاكمة لتتخلص من غضبك بطريقة صحية.

نادراً ما يكون التعامل مع التنمر الإلكتروني أمراً سهلاً، ولكن هناك خطوات يمكنك اتخاذها للتغلب على هذه المشكلة. للبدء، قد يكون الوقت مناسباً لإعادة تقييم استخدامك للتكنولوجيا.

حيث إن قضاء وقت أقل على وسائل التواصل الاجتماعي أو التحقق من النصوص ورسائل البريد الإلكتروني، على سبيل المثال، والمزيد من الوقت في التفاعل مع أناس حقيقيين، يمكن أن يساعدك على الابتعاد عن التنمر الإلكتروني. ويمكن أن يساعد أيضاً في تقليل القلق والاكتئاب ومشاعر الوحدة.

بالإضافة إلى السعي للحصول على الدعم وإدارة التوتر وقضاء الوقت مع الأشخاص والأنشطة التي تجلب لك المتعة، يمكن للنصائح الآتية أن تساعد:
1- لا ترد على أي رسائل أو منشورات مكتوبة عنك
بغض النظر عن مدى ضررها أو عدم صحتها. لأنّ الرد لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع واستفزازك، وهو بالضبط ما يريده المتنمر، لذلك لا تمنحه ما يريد.

2- لا تسعى إلى الانتقام من التنمر الإلكتروني بأن تصبح أنت نفسك متنمراً
لأنه لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة وقد يؤدي إلى عواقب قانونية خطيرة بالنسبة لك. إذا كنت لا تتنمر شخصياً، فلا تتنمر إلكترونياً.

3- احتفظ بدليل على وقوعك ضحيةً للتنمر الإلكتروني
واحتفظ بالرسائل النصية المسيئة أو لقطة شاشة لصفحة ويب، على سبيل المثال، ثم قم بالإبلاغ عنها إلى شخص بالغ موثوق به، وإذا لم تقم بالإبلاغ عن الحوادث، فسيصبح التنمر الإلكتروني أكثر عدوانية عليك.

4- الإبلاغ عن تهديدات الأذى والرسائل الجنسية غير المناسبة للشرطة.. في كثير من الحالات، يمكن مقاضاة تصرفات الإنترنت عبر القانون.

5- حجب اتصالات المتنمر من الإنترنت
وذلك عن طريق حظر عناوين بريدهم الإلكتروني وأرقام الهاتف الخلوي أو الجوال وحذفهم من جهات الاتصال على وسائل التواصل الاجتماعي. وقم بالتبليغ عن أنشطتهم إلى موفر خدمة الإنترنت (ISP) أو أي وسائط اجتماعية أو مواقع ويب أخرى يستخدمونها لاستهدافك. قد تشكل تصرفات التنمر الإلكتروني انتهاكاً لشروط خدمة موقع الويب، أو حتى للقوانين في منطقتك، والتي قد تصل إلى الاتهامات الجنائية.

 

Exit mobile version