ماذا تعرف عن الهوس بالأكل الصحي “الأورثوركسيا”؟
على عكس مرض فقدان الشهية، عادةً ما يكون الدافع وراء الهوس بالأكل الصحي أو ما يعرف بـ«الأورثوركسيا»، هو المثل الأعلى للصحة أو النقاء أو الكمال بدلاً من فقدان الوزن، وقد حاول مجموعة من الخبراء، العمل على أمل الحصول على دليل تشخيص لظروف الصحة العقلية في هذا الإطار الذي ظهر للنور في عام 2015، وساعد في صياغة معايير تشخيصية مقترحة تعرفه على أنه هوس بالأكل الصحي الذي يؤدي إلى عواقب مثل سوء التغذية وضيق العقلية والعزلة الاجتماعية وضعف صورة الجسم.
ويأمل خبراء الصحة النفسية في إضفاء الطابع الرسمي على هذا الإضطراب المعروف بـ«الأورثوركسيا» والمعايير الخاصة به في وقت ما في عام 2020، وحسب هؤلاء فإن العديد من الذين يعانون من هذا الاضطراب تصبح نصائح التغذية بالنسبة لهم قواعد غير قابلة للكسر، وبينما تتخذ شكلًا توجيهيًا، مثل: «يجب أن تقلل من تناول السكر»، يجعله هؤلاء أمرًا وحقيقة تقول: «يجب ألا تتناول السكر»، ويبدو أن الحالة مرتبطة باضطرابات الوسواس القهرية، وهي شائعة بين الرياضيين رفيعي المستوى الذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا.
ومع ذلك كما هو الحال في معظم حالات الصحة العقلية، من الصعب العثور على الخط الفاصل بين السلوك الطبيعي والمشاكل، فليس هناك اتفاق كامل في هذا المجال على ما الذي يشكل هذه الحالة، أو ما إذا كان ينبغي أن يتم تشخيصه من الأساس، حيث يعتقد بعض الخبراء أن «الأورثوركسيا» نوع فرعي من اضطرابات القلق أو اضطرابات الأكل الأخرى، ومن ثم فإن إدراك الفرق يتطلب نظرة أعمق على دوافع الشخص، وحسب الخبراء فإن الأمر لا يتعلق بالطعام، واضطرابات الأكل عادة ما تكون تعبيرًا عن مشكلة أخرى، سواء أكانت قلقًا أم رغبة في القبول أو الحاجة إلى السيطرة أو أي شيء آخر.
ويبدو أن تناول الطعام غير المنتظم واضطرابات الأكل تزداد شيوعًا، حيث وجدت مراجعة بحثية دولية عام 2019 أن حوالي 8 في المائة من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع بين عامي 2013 و2018 أفادوا أنهم يعانون من اضطرابات الأكل خلال حياتهم، مقارنة بنحو 3.5 في المائة بين عامي 2000 و2006.
أما المفاجأة الأحدث، فجاءت في دراسة نشرت في ديسمبر 2019، ووجدت أن الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة على منصات الصور يرتبط بتناول الطعام المختلف بين المراهقين، وحسب الباحثين فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي نادرًا ما تتسبب في اضطراب في الأكل بمفردها، ولكنها يمكن أن تسهم في التفكير الإشكالي عن طريق الترويج لمعلومات مضللة وخلط قرارات العافية بهوية شخص ما، كما أنها تعمل على تطبيع السلوك الذي قد لا يكون جيدًا للصحة.
وعموماً يعد علاج «الأورثوركسيا» أمرًا صعبًا، لأنه يتطلب تفكيك وإعادة بناء كامل عملية تفكير الفرد حول الأكل، ويتطلب ذلك تصحيح المعتقدات حول الطعام الذي لم يكن بالضرورة قائمًا على العلم في المقام الأول، كاعتقاد الفرد على سبيل المثال أن تناول أي سكر على الإطلاق سيؤدي إلى مرض السكري.
وفقدان الشهية يمثل تحديًا لا يصدق للعلاج، لكن يمكن للأطباء أن يثبتوا تدريجيًا على الأقل للمرضى أن تناول الطعام العادي لا يؤدي إلى زيادة غير طبيعية في الوزن، فبالنسبة الذين يعانون «الأورثوركسيا» لا يمكن معالجة الأفكار بسهولة حتى وإن توفرت الحقائق.