ماذا وراء الارتفاعات القوية لأسعار الفضة مؤخراً؟
من الصعب في الوقت الحالي ملاحظة نوع من الأصول يحقق مكاسب كالتي تحققها الفضة، ففي ختام جلسة الأربعاء، قفزت العقود الآجلة للمعدن تسليم سبتمبر بنسبة 7.4% وأغلقت عند 23.14 دولارا للأوقية، وهو أعلى مستوى منذ عام 2013.
وجاء ذلك بعد ارتفاع في جلسة الثلاثاء بحوالي 7%، وبذلك تكون الفضة قد قفزت بأكثر من 80% من أدنى مستوى سجلته في مارس في حين ارتفعت بنسبة 29% منذ بداية 2020، وعلى ما يبدو، فإن المعدن يحشد المزيد من الزخم الشرائي، فما السبب وراء ذلك؟
الذهب والفضة يد بيد
يرى محللون أن الفضة وقعت وسط عاصفة مثالية من العوامل التي تدفعها نحو مزيد من الارتفاع، وأكثر ما يحرك الفضة نحو الصعود هو نفس ما يدفع الذهب أيضا، ومن بين العوامل الإيجابية التي دفعت الذهب والفضة نحو الارتفاع في الآونة الأخيرة حزم التمويل والتحفيز النقدي لمواجهة تداعيات أزمة فيروس ««كورونا» مثل اتفاق زعماء الاتحاد الأوروبي على إنشاء صندوق بقيمة 750 مليار يورو (حوالي 825 مليار دولار).
ونتيجة للإنفاق ضمن برامج التحفيز النقدي، وقعت عوائد السندات تحت الضغط ووجدت صعوبة في الارتفاع مما دفع العائد الحقيقي – المعدل على أساس التضخم – نحو التراجع، ومن ثم اتجه المستثمرون نحو المعادن النفيسة.
وقد جذبت الفضة زخما شرائيا يفوق الذهب لكونها أرخص كثيرا من قيمة المعدن النفيس بناء على الواقع والتاريخ، وتشمل خطة التحفيز الأوروبية (750 مليار يورو) إنفاقا سخيا على مشروعات للطاقة المتجددة ومكافحة التغيرات المناخية في مختلف القطاعات الصناعية والخدمية، مما سيجعل السندات الخضراء بمنزلة ملاذ آمن.
عوامل إضافية
يجب الأخذ في الاعتبار أن الفضة تستخدم بشكل واسع النطاق في صناعات صديقة للبيئة كالألواح الشمسية، وهو ما جذب المزيد من الطلب على المعدن.
وفي أوقات عدم اليقين والمخاوف، يتحول المستثمرون نحو الملاذات الآمنة وأبرزها المعادن النفيسة كالذهب والفضة، وفي الوقت الحالي، هناك العديد من عوامل القلق والضبابية في الأسواق مثل التوترات بين الولايات المتحدة والصين من ناحية وأزمة فيروس «كورونا» من ناحية أخرى.
وطــالبت الولايات المتحدة الصين بإغلاق قنصليتها في «هيوستن» وعللت الخطوة بأنها تأتي ضمن حماية حقوق الملكية الفكرية، فيما أدانت بكين هذا الإجراء وحذرت من الرد بالمثل.
وفي مؤتمر صحافي هذا الأسبوع، حذر الرئيس الأميركي «دونالد ترامب» من أن أزمة «كورونا» سوف تزداد سوءا قبل التحسن، وتسرع واشنطن الخطى من أجل تأمين جرعات من اللقاحات الواعدة للوقاية من الفيروس التاجي، وهو ما جعل الولايات المتحدة تتعاقد على شراء مئات الملايين من الجرعات من لقاح تطوره «فايزر» و«بيونتك».
وتتدفق نتائج الأعمال الفصلية للشركات عن الربع الثاني، ويسود عدم اليقين حول أداء مختلف القطاعات خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في الثلاثين من يونيو ومدى الأضرار التي تكبدتها بسبب «كورونا».
ماذا بعد؟
سطع نجم الفضة هذا العام، وتفوق أداؤها على الذهب في بعض الأحيان بالتزامن مع التفاؤل حيال تعافي الأنشطة الصناعية من آثار جائحة «كورونا» حول العالم وأيضا انخفاض الدولار أمام أغلب العملات الرئيسية.
وجاء ذلك بعد اختراق عقود الفضة لمستوى الحاجز النفسي عشرين دولارا للأوقية مما دفع الأسعار نحو الارتفاع وسط توقعات بمزيد من الزخم الصعودي في الفترة القليلة المقبلة.
وانتعشت التعاملات على الفضة من جانب المستثمرين واشترى الكثيرون منهم عملات وسبائك ومشغولات فضية من البنوك والمحال التجارية مؤخرا، كما أن العديد من منصات التجارة الإلكترونية تعرض حاليا خصومات وحوافز على شراء الفضة.
وجــذبت صــناديق المؤشـــرات المــتداولة المدعومة بالفضة أيضا شهية المستثمرين في ظل الارتفاعات المتوالية للمعدن، وزادت حيازة هذه الصناديق، وارتفعت حيازة صناديق المؤشرات المتداولة عالميا والمدعومة بالفضة بأكثر من 25% منذ بداية العام الحالي إلى أعلى مستوى على الإطلاق، ويتوقع محللون ضخ الحكــومات والبنوك المركزية في بعض دول العالم المزيد من التحفيز المالي والنقدي لدعم الاقتصادات ومساعدتها على التعافي من تبعات «كورونا».