ما هو تأثير فيروس “كورونا” على الكليتين؟
لاحظ الأطباء ارتفاع عدد حالات الفشل الكلوي بين المصابين بفيروس كورونا، خاصة ممن ظهرت عليهم أعراض شديدة. فكيف يؤثر فيروس كورونا على الكليتين؟
بالرغم من كون فيروس كورونا المستجد مرض يصيب الجهاز التنفسي للإنسان، إلا أنه يترك أثاره على جميع أعضاء جسم الشخص المصاب. فبحسب مجلة “شبيغل” لألمانية اكتشف الأطباء تسبب كورونا في أضرار للقلب والأوعية الدموية بالإضافة إلى مهاجمة الفيروس للمخ والجهاز العصبي للإنسان.
تأثير كورونا على الكليتين
حتى الآن لم تظهر تقارير عن تسبب فيروس كورونا في ضرر للكليتين في الحالات التي تصاحب فيها الإصابة بالمرض أعراض خفيفة أو متوسطة. أما الأشخاص الذين يصابون بأعراض شديدة لكورونا فوجد الأطباء أن الفيروس يسبب أضراراً شديدة للكليتين. ويقول يان كريستوف غاله، رئيس الجمعية الألمانية لطب الكلى، لمجلة شبيغل: “تقريباً جميع مرضى كورونا الذين أصيبوا بإلتهاب رئوي وتعين مراقتهم بجهاز تنفس صناعي، أصيبوا أيضاً .”
يظهر هذا الضرر في نتائج اختبارات وظائف الكلى والتي تكشف عن تغير في بعض النسب، وهو ما يعني أن الكليتين لا تستطيعان القيام بوظائفهما بشكل كامل. وأوضح ألان كليغر، إخصائي أمراض الكلى بكلية طب في جامعة “ييل” الأمريكية لصحيفة “واشنطن بوست” “تم رصد عينات من الدم والبروتين في البول لدى نصف الحالات التي دخلت إلى المستشفى، وهو مؤشر مبكر على حدوث ضرر للكليتين.” وتم تسجيل هذا مضاعفات شديدة عند 14 إلى 30 بالمئة من هذه الحالات في نيويورك ووهان الصينية، لدرجة إحتاج معها هؤلاء المرضي لغسيل كلوي، بحسب ما قال كليغر.
وأضاف كليغر أن أرقام المصابين بالفشل الكلوي جراء كورونا في وحدات الرعاية المركزةأصبحت كبيرة بشكل غير معهود، مما إضطر هذه الوحدات في نيويورك إلى زيادة عدد العاملين بها وطلب متطوعين من المدن الأخرى لإجراء الغسيل الكلوي للمرضى. وفي نفس السياق حذرت “نيويورك تايمز” من حدوث أزمة في معدات الغسيل الكلوي قريباً بسبب ارتفاع عدد الحالات المصابة بشكل سريع.
ما الذي يحدث تحديداً؟
في الحالات الحرجة لمرض كورونا يتخثر الدم بطريقة أسرع، مما قد يؤدي إلى تشكل جلطات صغيرة تتسبب في سد الأوعية الدموية. وقد يحدث هذا في الكليتين أيضاً، وهو ما يسميه بعض الخبراء بـ”جلطات صغيرة في نسيج الكلى”. بالإضافة إلى ذلك توجد أدلة علمية على أن الفيروس قد يهاجم الكليتين بشكل مباشر.
وفي حالة إصابة مرضى كورونا بإلتهاب رئوي واحتياجهم للتنفس الصناعي، يؤثر الأمر بطريقة كبيرة على الكليتين. فالإلتهاب الرئوي الذي يتسبب فيه كورونا يؤدي إلى تجمع كبير للمياه حول الرئتين. في هذه الحالة يعطي الأطباء للمريض مدرات للبول تساعد على سحب السوائل من الجسم، مما يتطلب عمل الكليتين بصورة أكثر من الطبيعي، في الوقت الذي تعاني فيه من قلة تدفق الدم بسبب الجلطات الصغيرة، وهو ما يسرع بفشل عملهما.
نتائج غير نهائية
ليس من الواضح بعد ما إذا كانت هذه الأضرار بعيدة المدى أم مؤقتة، وأضاف غاله موضحا أنه رغم ذلك “فمن المبكر الحكم على أثر كورونا على الكليتين فيالمدى البعيد”.
كما يحذر العلماء من التسرع في إصدار الأحكام، حيث أن الأمر بحاجة لمزيد من البحث. وبحسب دراسة صينية نشرت في مجلة “Kidney International” العلمية، وجد الباحثون أن تسعة من أصل 29 شخص توفى بكورونا كان لديهم علامات فشل كلوي، وأن سبعة كان لديهم جزيئات من الفيروس في الكليتين، بحسب ما نشرت واشنطن بوست.
ويعلق باول باليفسكي، وهو أخصائي أمراض الكلى بكلية طب جامعة بيتسبورغ الأمريكية:”يظهر ذلك أنه من الممكن أن تكون حالات إصابات الكلى التي نراها مرتبطة بشكل مباشر بالفيروس، وهو الأمر الذي يختلف عما رأيناه في وباء سارس عام 2002.”
إجراءات وقائية إضافية لمرضى الكلى
في الوقت الحالي يهتم طبيب أمراض الكلى يان كريستوف غاله بشكل خاص بمرضى الفشل الكلوي الذين يعالجهم، ويقول:” لا نستطيع أن نطلب منهم البقاء في المنزل، فهم يحتاجون للغسيل الكلوي ثلاث مرات في الأسبوع”، وهو الأمر الذي يرفع من خطر تعرضهم لعدوى كورونا.
ولهذا السبب تقوم عيادة أمراض الكلى بمستشفى لودنشايدت في غرب ألمانيا، والتي يرأسها غاله، بتنظيم مواعيد الغسيل الكلوي بحيث يأتي المرضى في أوقات متتابعة على مدار اليوم. ويتعين عليهم وعلى السائقين الذين ينقلونهم ارتداء الكمامة الطبية ايضاً. ففي حالة تفشي عدوى بفيروس كورونا بين هؤلاء المرضى سيكون الأمر شديد الخطورة على حياتهم، حيث أن معظمهم يعاني أيضاً من أمراض أخرى مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
المصدر: DW