مجمع مدارس التربية الخاصة.. ثمرة نهج متأصل في الكويت لتوفير بيئة تعليمية متطورة لذوي الاحتياجات

(كونا) – تولي الكويت ذوي الاحتياجات الخاصة اهتماما كبيرا وجعلت رعايتهم وتأهيلهم وتعليمهم إحدى أسمى غاياتها من أجل دمجهم في المجتمع.
ويعتبر الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة ركيزة أساسية للدولة التي توفر لهم كل التسهيلات من أجل إسهامهم بفاعلية في تحقيق الرؤية التنموية انطلاقا من الإيمان الراسخ بقدراتهم.
ويأتي اعتماد وزارة التربية أخيرا التكلفة التقديرية لمشروع إنشاء وإنجاز وصيانة مجمع مدارس التربية الخاصة في منطقة العقيلة تتويجا للنهج الرامي إلى توفير بيئة تعليمية متطورة لذوي الاحتياجات الخاصة بأعلى المواصفات الهندسية والفنية بما يسهم في تحقيق تكافؤ الفرص التعليمية لجميع الفئات.
وأجمع مسؤولون تربويون في لقاءات متفرقة مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الاثنين على أن الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة دائما كان ركيزة أساسية في الدولة التي تحرص على تقديم الرعاية الكاملة والمتميزة لهم.
ولفتوا إلى ما توفره الدولة من الاحتياجات التعليمية والتأهيلية والطبية وغيرها لذوي الاحتياجات الخاصة وإيلائهم كل اهتمام وتوفير كل ما من شأنه تعزيز قيامهم بدورهم في المجتمع على أكمل وجه.
وقال مدير إدارة مدارس التربية الخاصة بوزارة التربية عبدالعزيز السويد ل(كونا) إن دولة الكويت تسخر كل الإمكانيات من أجل دعم ذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم وتعليمهم ودمجهم في المجتمع.
وأضاف السويد أن مسيرة مدارس التربية الخاصة بدأت في خمسينيات القرن الماضي حين تأسست أول مدرسة متخصصة في العام الدراسي (1955 – 1956) بمسمى معهد النور للمكفوفين ليتم افتتاح مجمع المعاهد الخاصة في العام (1958 – 1959) الذي يطلق عليه حاليا اسم (مدارس التربية الخاصة).
وأوضح أن العام (1986 – 1987) شهد افتتاح مراحل التأهيل للتربية الفكرية (إعاقة ذهنية) و(الصم) عقب تأسيس المدارس الابتدائية الخاصة بالإعاقتين السمعية والفكرية لتتوسع لاحقا مدارس التربية الخاصة بضمها فئات الإعاقة (البصرية) و(الحركية).
وعدد المدارس المتخصصة بحسب الإعاقة فهناك ست مدارس للإعاقة الذهنية منها بالمرحلة الابتدائية (التربية الفكرية – بنين) و(التربية الفكرية – بنات) وفي المرحلة المتوسط (تأهيل التربية الفكرية – بنين) و(تأهيل التربية الفكرية – بنات) إضافة إلى مدرستي (الورش التعليمية – بنين) و(الورش التعليمية – بنات).
وأشار إلى مدرستي (النور المشتركة – بنين) و(النور المشتركة – بنات) الخاصتين بذوي الإعاقة البصرية و(الأمل المشتركة – بنين) و(الأمل المشتركة – بنات) لذوي الإعاقة السمعية كذلك مدرسة (السلوك التوحدي) لذوي الإعاقة التوحدية علاوة على مدرستي (الوفاء – بنين) و(النور المشتركة – بنين) لأصحاب متلازمة داون.
ولفت السويد إلى وجود سبع مدارس تشمل كل الإعاقات بمختلف المراحل الدراسية منها روضة (العطاء) ومدرسة (الرجاء الابتدائية – بنين) و(الرجاء الابتدائية – بنات) و(الرجاء المشتركة – بنين) و(الرجاء المشتركة – بنات) و(التحدي المشتركة – بنات) و(الإرادة المشتركة – بنين).
وأفاد بأن مدارس التربية الخاصة تقدم للمشمولين خدمات تربوية وتعليمية إلى جانب خدمات تأهيلية وطبية واجتماعية بهدف مساعدتهم على التكيف نفسيا واجتماعيا وتربويا مع أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم وتنمية قدراتهم ضمن حدود إعاقتهم.
وذكر أن الخدمات المقدمة تشمل العلاج الطبيعي من خلال جلسات علاجية تهدف إلى تحسين الحركة والقدرة البدنية للطلاب إلى جانب خدمات العيادات المتخصصة التي تقدم رعاية تلبي احتياجاتهم وجلسات علاجية لاضطرابات النطق إذ يتم تدريبهم على مهارات التواصل من خلال جلسات التخاطب.
وأضاف السويد أن إدارة مدارس التربية الخاصة “تنظم أنشطة ثقافية وترفيهية وتوفر وجبات غذائية صحية لضمان توفير التغذية الجيدة للمشمولين إضافة إلى وسائل المواصلات وخدمات النقل مع مرافقين لضمان تنقل آمن ومريح للطلاب مشيرا إلى وجود منح دراسية تقدم للطلاب من دول مجلس التعاون الخليجي وتوفر السكن الداخلي لهم علاوة على المكافأت الشهرية للمتعلمين الكويتيين وأبناء الكويتيات”.
من جانبها ثمنت مدير مدرسة الأمل للإعاقة السمعية مريم مصطفى في تصريح ل(كونا) جهود وزارة التربية التي تولي عناية فائقة بذوي الاحتياجات الخاصة بتذليل كل الصعوبات والعقبات أمام المتعلمين وذويهم علاوة على توفير الخدمات النفسية والطبية عبر عيادات متخصصة في أمراض الأنف والأذن والحنجرة والأسنان والباطنية والجلدية.
وأشارت مصطفى إلى الخدمات النفسية والاجتماعية المقدمة للمشمولين ومتابعة الحالات المستجدة والمحولة من المدارس للتعرف على مدى استجابتها مع البرامج المقدمة.
بدوره نوه مدير مدرسة (الورش للإعاقة الفكرية) عمر الكندري في تصريح لـ(كونا) بالدور البارز لوزارة التربية في دعم وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة عبر تقديم الخدمات المثالية لمدارس التربية الخاصة وتزويدها بوسائل التعليم التكنولوجية ومنها (السبورة الذكية) التي تساعد في جذب الطالب للتعلم وتفاعله مع المعلم.
وأوضح الكندري أن المناهج المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة غالبا ما تكون في شكل قوالب عملية لتحفيز الطلاب واكتشاف مهاراتهم ومواهبهم وتوفير كل الأدوات التي يحتاجونها للقيام بالأنشطة التي يتميزون بها مبينا أن المواد العملية تشمل النحت وتفصيل الأثاث والزراعة والنجارة وغيرها.
ويعتبر مشروع إنشاء وإنجاز وصيانة مجمع مدارس التربية الخاصة في منطقة العقيلة جزءا من خطة لإنشاء ثلاثة مجمعات تعليمية جديدة متخصصة سيتم تنفيذها في مناطق العقيلة وحولي والجهراء.
وتبلغ تكلفة المشروع المشار إليه آنفا 149 مليون دينار كويتي (نحو 6ر482 مليون دولار أمريكي) ليشكل إضافة إلى المنظومة التعليمية المتخصصة والتي بدأت في خمسينيات القرن الماضي.
وأكد وزير التربية سيد جلال الطبطبائي في بيان صحفي سابق للوزارة أن مشروع مجمع العقيلة يسعى إلى توفير بيئة تعليمية آمنة ومريحة تلبي احتياجات الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة وتعزز فرص التعلم لديهم من خلال إدماج التكنولوجيا المساعدة في العملية التعليمية مما يتيح لهم التغلب على التحديات التي قد تواجههم ويعزز من استقلاليتهم وقدرتهم على التعلم والتفاعل مع المجتمع.
ولفت الوزير الطبطبائي إلى أن المجمعات الثلاثة (العقيلة وحولي والجهراء) ستتضمن مرافق تعليمية متكاملة مجهزة بأحدث التقنيات لتقديم خدمات تعليمية متقدمة تشمل الفصول الدراسية الحديثة والمختبرات والمرافق المساندة التي تساعد في تحقيق تجربة تعليمية متكاملة للطلبة من ذوي الإعاقة وفق أفضل المعايير الدولية.
وشدد على ضرورة تطوير البرامج الرياضية والفنية الموجهة للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة لما لها من دور فعال في تحسين جودة حياتهم وتعزيز مهاراتهم وقدراتهم إضافة إلى تمكينهم من المشاركة الفعالة في المجتمع عبر توظيف أحدث البرامج العلاجية والتأهيلية التي تواكب التطورات الحديثة في هذا المجال.
وستضم المجمعات التعليمية الثلاثة المقرر إنشاؤها مبان تخصصية لتعليم حالات الإعاقات المختلفة منها الصم والبكم وإعاقات الحركة ومتلازمة داون والتوحد وصعوبات النطق بالإضافة إلى مرافق علاجية تشمل غرف العلاج الطبيعي وأحواض السباحة وصالة رياضية متعددة الاستخدامات.
كما ستحتوي على ورش عمل تدريبية ومكتبات ومختبرات تعليمية حديثة ومسارح مجهزة بتقنيات متطورة بما يسهم في توفير بيئة تعليمية شاملة تتناسب مع احتياجات الطلبة من ذوي الإعاقة وتلبي كافة متطلباتهم بأقصى طاقة استيعابية.