أ.فاطمة علي الدوسري: “علاقاتنا مع الآخرين تحت إطار التفكير الوجداني”
تعتبر العلاقات البشرية في الحياة من أهم ما تحتاجه الروح و الوجدان ، لذلك فإن المحافظة على علاقتك مع الآخرين و مرسومة تحت إطار الإحترام و الموده حتى تبلغ غايتها و تدوم فأعلم إنها تحتاج إلى مجهود ذاتي منك ولكن دون إهدار لطاقاتك لذلك يجب الأخذ بعين الإعتبار إن ليس هناك كماليه في علاقاتنا مع الآخرين.
إن التفكير الوجداني و استخدامه في تشكيل علاقتك مع الآخرين هو فن من فنون الهندسه البشرية ، لذلك فهو يدخل من ضمن إطار تفكيرك و غايتك في الحياه ، حيث ما تملكه من سمات شخصيه تتناسب مع أنماط الذي حولك فتأكد إنك تحيا و تتشكل علاقتك مع الآخرين بناءا” على ما أنت تملكه من سمات لشخصيتك .. على سبيل المثال هناك شخصيات تحب العطاء و بالمقابل تريد من علاقاتها مع الآخرين أن يبادلها نفس العطاء بل و أكثر، وهناك شخصيات ترتسم تفكيرها على الانسحاب من علاقاتها مع الآخرين بناءً على موقف واحد قد مرت بها ، و هناك من يحب أن يعطي بلا مقابل و تسمو علاقاته مع الآخرين .. و الكثير و الكثير …!
لنتوقف لحظه أمام أنفسنا و لنسأل وجداننا من الداخل ،،، ماذا تريد من علاقتك مع الآخرين ، هل هو الحب، العطاء بالمقابل ، بناء مصالح ذاتية على ذلك …. إلخ.
أعلم بأن في حياة الناس هناك غدر و إهانات و مشكلات تدور حول أنفسهم قد تركت علامات محفورة في النفس من الصعب علاجها دام أن هؤلاء البعض منهم يرفض التغيير في حياته ، لذلك يشعرون إزاءها بعدم القدرة على مسامحة الذين أسهموا في حدوثها، لذا اجعل الصفح جزء من سمات شخصيتك.
وإن الصفح الذي أعنيه ليس بمعنى النسيان ما حدث و كأن لم يحدث وليس بمعنى استحسان السلوك الخاطئ أو المصالحة مع من أساءوا إليك ، و تركهم يمضون و يفرون بأخطائهم ، أو تجميد المشاعر و التخلي عن حقك في الغضب و الإنفعال……
إن مبدأ الصفح الذي أعنيه بين هذه السطور هو بمعنى تلك الراحة التي تشعر بها حين تنتصر على معاركك الداخلية … و وهو ملك لك و ليس لمن أساء إليك.
والصفح الذي أعنيه هو استجماع للقوة و تحمل لمسؤولية مشاعرك الداخلية … و العمل بقوة على تحرير نفسك من الهواجس النفس الأمارة بالسوء التي توجه لك مرارا” و تكرارا” بأنك تحيا في عالم لا إنصاف فيه و تجعلك تُمارس فيه دور الضحية و تلقي بالسخط على من حولك و اتهامهم بأنهم السبب في تعاستك و فشلك في المحافظة على علاقتك بالآخرين.
لذلك إن القرار بعدم التسامح هو قرار بالمعاناة ، من وجهة نظري عندما وجدت إن التسامح و الصفح اجعلها جزء كبير من حياتي ، وجدتها الممحاة التي تزيل آثار الماضي المؤلم و تحررنا من قيود الغضب و الخوف التي فرضناها على عقولنا ، لذا من المهم أن نرعى و بحذر الأفكار التي نودعها في أدمغتنا و حينما نفقد لغة التسامح و الصفح بيننا فإننا نفقد الصحة معها.
ارى إن استخدام تقنية التفكير الوجداني في بناء علاقاتنا مع الآخرين :-
1- بحيث أن تكون مرنا” في علاقتك معهم ومع الظروف المتغيرة ، فبعض الناس تجدهم مقلين بالتواصل معك والبعض عكس ذلك ، عندما تكون مرنا” تتجنب أن تضع هذه الأمور نصاب عينيك حيث يسهل عليك تفهم الظروف الذي جعلتهم مقلين بالتواصل معك وبذلك استخدمت قانون المرونه بإحكام ، حتى تسمو علاقتك معهم.
2- أن تمد يد العون و المساعدة للآخرين بدون وضع مفهوم أن تنتظر بالمقابل من الآخرين … فأعلم من سخر نفسه لمساعدة الناس ، سخر الله عز وجل له جميع جنود الأرض و السموات لصالحه وهذا أعظم ما تنتظره .
3- أن تتجاوب بلطف و هدوء مع الأشخاص الذين تصعب التعامل معهم .
4- أن تبقى متفائل و ذو نظره ايجابيه فمن حولك ، قد نواجه في هذا الزمن و مع ظروف الحياة المتغيره الكثير من الناس ذو تفكير سلبي و متشائمين ، فأعلم إنهم بحاجه لمن يمد لهم يد العون و العمل على تغيير تفكيرهم حتى يسخروا طاقات الكون لصالحهم فأعلم إن عقلك يمثل دور الرادار الذي يلتقط كل ما حوله و يبرمجه لك فأحرص كل الحرص أن ما تلتقطه إيجابي و رضا بما كتبه الله عزوجل لك.
نعلم إن هناك البعض مهما حاولت أن تجعل نمط تفكيرهم يكون تحت مبدأ الإيجابية لا يريد هؤلاء التجاوب معك …. هل تعلم لماذا …! لأنهم بكل بساطه رفضوا أن يتغيروا أولا” مع أنفسهم نحو الأفضل، و رفضوا الترحيب بفكرة التغيير بينهم و بين أنفسهم … فنحن لا نملك أداة سحرية حتى يتغيرون ، و إنما نسعى إلى المساعدة، ولكن اذا تم الرفض فأعلم إن الشخص نفسه لم يتخذ بعد قرار تغيير نمط تفكيره الى الأفضل بعد حتى الآن …. واعلم أن الأغلبيه من الناس الذين يملكون هذا النمط من التفكير السلبي و التشائمي و يحبون أن يمارسون دور الضحية.
لو بحثت عن علاقاتهم مع الآخرين فإن معظمها تفشل و لا تدوم …. فالنفس البشرية بطبعها ميالة إلى الحديث الطيب ، و البهجة ، والعفو و التسامح .
ارى أن كل عناصر الكون تتفاعل بإشتباك حميمي ، و أعظم ما يمكن أن يقترفه الفرد بحق نفسه و الآخرين هو البغض و قتل الموده و التسامح و الحب ، لأن ما نبنيه في الداخل سنسكنه في الخارج.
لذلك فأحرصوا على علاقاتكم مع الآخرين ، و حاولوا أن تصفحوا و تسامحوا ، فالنفس البشرية متقلبه و دوام الحال من المحال .. فكن عون لنفسك حتى يتسنى لك أن تكون عون للآخرين، و أعلم إن أجرك عظيم عند رب العباد في ذلك ..
لنتسامح … لنتصافح …. لنتصالح مع أنفسنا ومع من حولنا ، فأعلم إنك ستجد راحة و سكينة في فؤادك و صحتك.
أ.فاطمة علي الدوسري
باحثة دكتوراه في ادارة الإبتكار
جامعة الخليج العربي- مملكة البحرين