#مقالات | محمد بدر الجوعان: “أرجوكم مسكوا عيالكم!”
ليس غريبا أن يصب الرأى العام غضبه على بعض أبناء الأسرة من التنفيذيين السابقين في الدولة من جراء التصريحات الغير مسؤولة وعدم الاكتراث كذلك من التصريحات التى تستخف بعقول الناس ومشاعرهم.
الحديث عن الرمال المتحركة بات على ألسنة أعلى سلطات في الدولة كما ذكرها المغفور له الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه، والكلام بدون فهم عن الأرقام والنِسَب بلا مسؤولية يُدمّر كل المحاكاة بديمومة البلد ورفاهها المالي.
نحن اليوم في مرحلة حرجة من تاريخ هذا البلد، ونشعر كشعب بالقلق الكبير تجاه الحالة المالية للدولة وديمومة المؤسسات وقدرة هذه الحكومة على النهوض من هذه الإنتكاسة. ومن المؤسف أيضاً أن يتصدر اسم الكويت صفحات جرايد عالمية مثل “نيويورك تايمز وول ستريت جورنال” ليس بغرض إنجاز مالي محقق أو استثمار استراتيجي بل لإرتباطها بفضائح وجرائم مالية دولية تنعكس سلباً على مركزها المالي وعلى سمعتها أدت إلى إعلان بعض مؤسسات التصنيف الائتمانية عزمها مراجعة تصنيفاتها لبعض المؤسسات المصرفية والمالية في المنطقة لارتباطها بالمال الأسود.
المصدات المالية التي كونتها الكويت على شكل إحتياطيات في أوقات ارتفاع أسعار النفط، كان مأمولاً منها أن تكون طبقة حماية قوية لميزانية الدولة، غير أن توقف النشاط الاقتصادي من جراء جائحة فايروس كورونا وإنخفاض أسعار النفط والهدر الصارخ قلل تلك الآمال، ولكن هذه المسؤوليات هي بيد سلطات البلد الرسمية ولا صفة لأي شخص بالتصريح عن الحالة المالية للدولة وديمومتها ولاسيما إن كان من المعتزلين السياسيين من الصفوف الأولى من أسرة الحكم!
لندع الوجه السياسي في هذه الدعوة، وما يحمله من فوضوية في دخول عالم الاضواء السياسية وهذا لا يعنينا، فدعوة نائب رئيس الديوان الأميري والوزير السابق لها جانب معيب متمثل في مفهوم “الحق الذي أريد به باطل”، واجب السياسيين ان يقولوا الحقيقة للناس وألا يخادعوهم، وعليهم ان يتركوا دغدغة عواطف الناس ولكن على رأس عملهم وليس بعد تركهم المناصب السياسية.
فلذلك غير مستغرب أن تهاجر رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج و “ينحاش” المستثمر الأجنبي في ظل استمرار التصريحات الغير مسؤولة ممن كان في المناصب القيادية في الدولة!
ندرك كل الإدراك أن رأس المال جبان، والمستثمر المحلي بالنهاية هو بمثابة “راعي حلال” ويسعى وراء مصلحته، فإن إرتأى نجاح استثماراته في بيئة مجاورة خارج الكويت فإنه سيسعى للهجرة دون شك، كما حصل سابقاً بعدة شواهد تاريخية، لذلك اتمنى ان تكون تصريحات أبناء الأسرة من التنفيذيين السابقين أكثر تعقلاً في شأن الحالة المالية للدولة، وعدم جعل الحالة المالية للدولة موضوع لتصفية حسابات قديمة.
الدستور ابو الجميع، ومجتمع المؤسسات هو الاصل، والصراعات الشخصية على الزعامات والكراسي هي الاستثناء. هذا البلد، بتضحياته، وتاريخه أكبر من ان توقف تنميته وتطوره مصالح ذاتية، وكراسي زائلة. والكويتييون هم أبناء البيئة التي يعيشونها وأبناء جيل حفر الصخر قبل النفط، وعلينا أن نتذكر أن الانانية لاتصنع وطن ولا تبني حضارة وأن ديمومة البلد ليست رفاهاً بل أمانة تجاه الجيل الجديد والزمان متقلب والعاقل هو من يتعظ.
نسأل الله العظيم أن يديم على بلدنا نعم الأمن والأمان والإستقرار، وأن يمد سمو الأمير وولي عهده بموفور الصحة والعافية والعون لتحقيق الإصلاح المنشود.