احيانا كثيرة نقع في ظروف صعبة تسيطر على مشاعر القلب كله تتعبه ، وترهق الجسد بأكمله ، نحتاج معها الى ” مواساة ” تخفف وطأة الذي نحس به ونعيشه ، بكلمة لطيفة برسالة جميلة ذات محتوى ظريف ، بلمسة حانية تذيب مشاعر الحزن والاسى وتزرع الامل والسرور في النفوس .
ظروف الحياة متعددة ولكننا أحياناً نتعرض لمحن تظهر الجوانب الاخرى من الاصدقاء ، تظهر الاوجه الاخرى من المجاورة في اظهار المحبة والقرب من الآخرين ، ظروف تطغى على الانسان فيحس معها بعدم الامان وتزعزع الاستقرار يود حينها بمن يمسك بيده ليعزز عنده الثبات على الارض وبأنها فترة زمنية وسوف تذهب ، وأن ما يشعر به هو أمر طبيعي وبأنه متواجد معه في كل حين وأن الحياة مد وجزر نتقلب فيها بين ظروف يسيرة وأخرى غير ذلك .
نحتاج فيها لفترة من الانعزال عن الاخرين ولا اعني المقربين ولكننا فيها نحتاج الى من يشاطروننا الاحزان قبل الافراح لانهم وبمجرد النظرة البسيطة يشعرون بما نمر به ولا نحتاج معهم الى كثير كلمات ولا الى شرح طويل ، نحتاج اليهم وبشدة ونود لو انهم باقون طوال اليوم حتى وان انقطع الحديث ولم يكن هنالك احداث تروى أو كلمات تقال .
نحتاج لتواجدهم ونشتاق لاحاديثهم ونترقب تواجدهم ونتمنى أن الايدي لم تفترق وان الارواح لم تنعزل وان الاجساد لم تتباعد ، هي ظروف استثنائية تقبض على الروح وتزلزل القلب وتعبث بالنفس لانها تتشح بالضباب فتكاد الرؤية ان تنعدم وتكاد الروح ان تتوه وتكاد النفس ان تضل لولا رحمة الله ومن ثم وجود الاصدقاء .
الاصدقاء نعمة من رب العالمين ، يتعاطفون معنا في كل حين ويتواجدون بيننا في كل مكان ، لا يحتاجون الى سابق دعوة ولا الى سياق طويل في شرح المعاناة التي نمر بها والحنين لأيام هادئة وشعور لطيف ، وصدق مشاعر في الحرص على المكوث لساعات عديدة بلا تعب ولا مشقة ولا تذمر ، وبأن تواجدهم هو واجب بلا تكليف وحضورهم مرغوب بل مطلوب بلا أي مماطلة .
” المواساة ” هي حديث الارواح وتلاقي الاجساد بلا حروف وبلا ادعاءات او مجاملات ، هي المسارعة للبقاء بالقرب بلا بداية ولا نهاية ولكنها مفتوحة القلب ومضمومة الصدر ومقبوضة الايدي والارواح ، هي نقاء القلوب وانفتاح الارواح حين الضعف بالحاجة الى الآخرين بلا خجل وبلا تردد وبلا شك بأنهم مرايا لنا ، وبأنهم انعكاسات لنا في كل الاحوال الحسنة منها والسيئة .
الاصدقاء هم عطايا الرحمن وهم الأخوة الذين نلجأ اليهم دائماً ، ونأخذ بآرائهم بلا أدنى تفكير ، وهم الذين يشدون من أزرنا ويساعدوننا للنهوض كلما تعثرنا بالمسير ، وهم اليد التي نستند عليها والأرواح التي نأوي أليها لنعيد ترتيب تبعثرنا ونعيد لأرواحنا التوهج والانطلاق من جديد .