آراء

#مقالات | منيفة العازمي: “كتابي”

أشتقت لأوراق أداعبها بين يدي ، وأشتقت لكلمات تتراقص أمامي بكل ما تحمله من المعاني الجميلة ، أشتقت لرائحتها ولملمسها ولجلوسي لساعات طوال وأنا أتصفح أوراقها بكل حب وبكل شوق بحثاً عن الجمال وترقباً للآتي من الأحداث ، أشتقت لكتاب أبحث عنه بين رفوف المكتبات ، عنوان آسر ومحتوى مفيد ومؤلف اجتهد في وضع المادة المنتقاة بكل ود واحترافية .

إن الكتاب الورقي له من المميزات ما نعجز عن حصرها ولعل هذا هو السبب في تواجده بيننا على الرغم من ظهور الكتاب الالكتروني ، حيث أن للكتاب روعته وتميزه ، فبه نسافر لشتى البلدان وبه نعيش القصص كما تروى وبه نتعلم الكثير من المعلومات وبه نواكب العصر حداثة وتقدماً وبه نرجع بالزمن الى عصور لم ندركها ولكن الكتاب نقلها لنا بكل مصداقية جعلتنا نتعرف عليه كما لو كنا من جيله .

إن الكتاب الورقي مازال متصدراً قوائم العديد من الناس فالكثير منا يخطط لشراء كتاب سمع به أو وقعت عيناه على مقتطفات منه ، أو جال بخاطره معرفة قصة من القصص المشهورة أو قراءة سيرة من السير المعروفة إذ أن الكتاب يخالط الروح فيرافقها ويسليها في رحلتها بقراءته ، وهو ينقي العقل ويغذيه بالكثير من المواد العلمية والقصصية والترفيهية وغيرها كثير .

الكتاب هو الرفقة التي لا تمل ، وهو الرحلة التي لا تنتهي وهو الصديق المخلص ، والمعلم الذي يتفنن في شرح مكنوناته ، وهو الجامع للكثير من الأحاديث والمظهر للعديد من الأحداث ، فهو بمثابة الرصيد الثمين الذي يجب على كل منا أن ينميه في كل حين ويحرص عليه في كل حال ، فالكتاب الورقي مادة مرنة تستطيع قراءتها وإهداءها لمن أردت حال الفراغ من قراءته ، وهو الوحيد الذي يحمل بين دفتيه أسرار العديد من البشر وذكريات الكثير من أفراد خصوه بمذكراتهم وقصصهم ووقائع عاشوها أو كانوا الشهود عليها .

إن الكتاب ليس بثمنه ولا بكثير صفحاته ، ولكنه بما حوى وبما أراد المؤلف إظهاره لنا وبما نتج عن صياغة بديعة ومعلومات قيمة وفوائد مكتوبة أو مستوحاة من خفايا الكتاب ونوادر المؤلف ، فقد نجد الكتاب القليل المال القيم الفائدة والعزيز بمكانته وتصدره لواجهات المكتبات وتزكية القارئين له ، فوضع الكتاب صنعة لابد من اتقانها لتعود بالنفع على الجميع .

إن الكتاب منذ الأزل وهو متواجد بيننا في كل مكان بأشكال مختلفة وبأحجام منوعة ، وهو منذ القدم وهو فرحة المؤلف وغاية القارئ واعتزاز البائع ، إذ أن الكتاب هو الموثق لكل حقبة وهو المتحدث بلسان مؤلفه والساعي بكل مفيد لقارئه ، وهو ذكريات الحكايات وتفاصيل المعارك وريشة الفنان وموسيقى العازف ورحيق الخبرات والتجارب ، فلكل واضع له اجتهاد قد يصيب وقد يخطئ الا أنه بالجملة لابد أن يكون حاملاً للقيمة وواصلاً لخبايا القارئ وموضحاً لأسرار خصت به وكتبت له وحده .

الكتاب ليس مجرد سطور خطت وكلمات وضعت بلا هدف أو عنوان تصدر بلا أي وجهة ، ولكنه تحفة أحيطت بالجهد الكبير والعطاء الكثير والاتقان الفريد ليظل القارئ في تجدد لملاقاته والشوق للامساك به والخوض في غمار أحداثه وتتبع قصصه ورواياته .

 

منيفة العازمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى