منشأ كورونا..تقرير الصحة العالمية يرجح انتقاله من الخفافيش إلى البشر!
قالت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية، إن تقرير فريق منظمة الصحة العالمية بشأن منشأ فيروس كورونا المستجد، يؤكد انتقال الفيروس من الخفافيش إلى البشر، من خلال حيوان آخر، هو السيناريو الأكثر ترجيحاً، وتعتبر أن نظرية تسرّب الفيروس من مختبر “غير محتملة بشدة”.
واعتبرت الوكالة، أن نتائج الدراسة كانت متوقعة إلى حد كبير، ولم تجب عن تساؤلات كثيرة. وأضافت أن فريق المحققين اقترح إجراء المزيد من البحث في كل مجال، باستثناء فرضية التسرّب في مختبر، في إشارة كما يبدو إلى معهد ووهان لعلم الفيروسات.
وأُرجئ نشر التقرير مرات، ممّا أثار تساؤلات بشأن احتمال أن تكون بكين تحاول تحريف الاستنتاجات، لمنع تحميلها مسؤولية تفشي الجائحة.
ورجح مسؤول في منظمة الصحة العالمية أواخر الأسبوع الماضي، أن يكون التقرير جاهزاً للنشر “في الأيام القليلة المقبلة”، في القوت الذي أسفر فيه الفيروس عن وفاة نحو 2.8 مليون شخص، وتسبب في شلل الاقتصاد في العالم.
وذكرت “أسوشيتد برس” أنها تلقّت، الاثنين، ما بدا أنه نسخة شبه نهائية من التقرير، من دبلوماسي مقيم في جنيف، من دولة عضو في منظمة الصحة العالمية. ولم يتضح هل سيخضع التقرير لتغيير إضافي، قبل نشره أم لا.
4 سيناريوهات
ووضع الباحثون 4 سيناريوهات، بحسب التقرير، وخلصوا إلى أن انتقال الفيروس من خلال حيوان ثان، كان مرجّحاً جداً. وقيّم هؤلاء انتشاراً مباشراً من الخفافيش إلى البشر بأنه مرجّح، مشيرين إلى أن الانتشار من خلال المنتجات الغذائية “الباردة”، أمر ممكن ولكن ليس محتملاً.
وعُثر على أقرب “أنسباء” الفيروس المسبّب لكورونا المستجد، في الخفافيش المعروفة بحملها لفيروسات كورونا. لكن التقرير يفيد بأن “المسافة التطوّرية بين فيروسات الخفافيش وسارس-كوف-2 (SARS-CoV-2) تُقدّر بعقود، ممّا يشير إلى وجود حلقة مفقودة”.
ولفت التقرير، إلى العثور على فيروسات متشابهة جداً في حيوان البنغولين، مستدركة أن حيوانات المنك والقطط معرّضة للإصابة بفيروس كوفيد، ممّا يشير إلى أنها قد تكون ناقلة للمرض.
وأشارت “أسوشيتد برس” إلى أن التقرير يستند إلى حد كبير، إلى زيارة أجراها فريق من الخبراء الدوليين من منظمة الصحة العالمية، إلى مدينة ووهان الصينية، حيث تم اكتُشاف فيروس كورونا للمرة الأولى، بين ديسمبر 2019 ويناير 2020.
وأعلن بيتر بن إمبارك، وهو خبير في المنظمة قاد بعثة ووهان، الجمعة الماضي، إنجاز التقرير، مشيراً إلى أنه يخضع لعملية تحقق من صحة المعلومات الواردة فيه، فضلاً عن ترجمته.
وأضاف: “أتوقع أن تكتمل هذه العملية برمتها في الأيام القليلة المقبلة، وسنكون قادرين على نشره علناً”.
شكوك وتساؤلات
ويأتي نشر التقرير بعد تساؤلات بشأن موضوعية الفريق الذي زار ووهان، أثارها منتقدون أصرّوا على أن لدى الحكومة الصينية “رأياً محورياً في تشكيله”.
في المقابل، يقول مدافعون عن منظمة الصحة العالمية، إنه لا يمكن إرغام بلد على فعل أمر محدد، ناهيك عن دولة قوية مثل الصين.
ونقلت “أسوشيتد برس” عن ماثيو كافانا، مدير سياسة الصحة العالمية ومبادرة الحوكمة في معهد “أونيل” بجامعة جورج تاون، قوله: “أتوقع أن يكون التقرير مجرد خطوة أولى في التحقيق بمنشأ الفيروس، وأن أمانة منظمة الصحة العالمية ستقول هذا على الأرجح”. وأضاف: “أتوقع أن ينتقد بعضهم ذلك، باعتباره غير كاف”.
وكان عضو الفريق فلاديمير ديدكوف، عالم الأوبئة ونائب مدير الأبحاث في معهد باستور بسان بطرسبرغ في روسيا، لخّص الشهر الماضي المؤشرات الأربعة الرئيسة بشأن منشأ العدوى لدى البشر. وكانت المؤشرات، بحسب الأرجحية: من خفاش عبر حيوان وسيط، مباشرة من الخفافيش، عن طريق المنتجات الغذائية المجمّدة الملوثة، من تسريب من مختبر، مثل معهد ووهان لعلم الفيروسات.
وروّج مسؤولون في الصين، وكذلك قائد الفريق الصيني ليانغ وانيان، للنظرية الثالثة، وهي سلسلة المنتجات المجمدة، بينما رجّحت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترمب، النظرية الرابعة المتعلقة بالتسريب المختبري. لكن ديدكوف قال إن الفرضيتين تقعان في ذيل قائمة المصادر المحتملة. وأشار إلى أن المنتجات المجمّدة التي عُثر على الفيروس فيها، كانت على الأرجح ملوثة من أشخاص مصابين.
أول مريض بكورونا
وكان بن إمباريك قال لشبكة “سي إن إن” الأميركية في فبراير الماضي، إن البعثة عثرت على أدلة عديدة، على أن انتشار المرض كان أوسع نطاقاً في عام 2019، بما في ذلك التحقق للمرة الأولى من وجود أكثر من 10 سلالات من الفيروس، في ووهان في ديسمبر 2019.
وحظي الفريق أيضاً بفرصة التحدث إلى أول مريض أصيب بعدوى كورونا، وهو عامل مكتبي في الأربعينات من العمر، ولا يمتلك سجل سفر ذا أهمية، وتفيد التقارير بأنه أصيب في 8 ديسمبر.
ونقلت “وول ستريت جورنال” عن أحد أعضاء فريق المنظمة، قوله إن “هناك حاجة إلى إجراء مزيد من التحقيقات حول مورّدي” نوعين من الحيوانات في أسواق ووهان، ربما أديا دوراً في انتقال الفيروس إلى الإنسان، وهما غرير النمس والأرانب.
مخاوف أميركية
في المقابل، أعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي أن إدارة الرئيس جو بايدن تتطلّع إلى التدقيق في البيانات الواردة في تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية سابقاً، ووَرَدَ فيه أن كورونا لم ينشأ في مختبر بووهان.
وقالت ساكي، إن الإدارة لم تشارك في “تخطيط وتنفيذ” التحقيق، وتريد إجراء مراجعة مستقلة لنتائجه والبيانات الأساسية. وأضافت: “من الضروري أن يكون لدينا فريق خاص من الخبراء على الأرض” في الصين.
كذلك أعرب مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان عن مخاوف بلاده بشأن النتائج الأولية التي توصل إليها فريق خبراء “منظمة الصحة العالمية”، قائلاً: “لفهم هذا الوباء بشكل أفضل والاستعداد للوباء التالي، على الصين إتاحة بياناتها الأولية حول تفشي المرض في ديسمبر عام 2019. وعلى كل الدول المشاركة بشكل حيادي وشفاف، بما في ذلك الصين”.
في المقابل، شكّك بيتر دازاك، وهو خبير في بعثة المنظمة إلى ووهان، بموثوقية المعلومات الأميركية حول الوباء. وكتب على “تويتر”: “لا تثقوا كثيراً بالمعلومات الأميركية” التي “تشوبها بوضوح أخطاء من عدة جوانب”.
فرضية المختبر الصيني
على الرغم من ذلك أعرب المدير السابق للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، روبرت ريدفيلد، عن اعتقاده، بأن كورونا تسلّل من مختبر في الصين.
وقال لـ “سي إن إن”، إن هذا الفيروس بدأ الانتقال في وقت ما بين سبتمبر وأكتوبر 2019، في مدينة ووهان، أي قبل أشهر من إعلان بكين رسمياً تسجيل أولى الإصابات في ديسمبر 2019.
ورغم تشديده على أنه يقدم “رأياً فقط”، قال ريدفيلد: “لا أزال أعتقد بأن المسبب الأكثر ترجيحاً لهذا الفيروس في ووهان هو مختبر، وقد تسلل”.
وأضاف: “بعض الناس لا يصدقون الأمر، وهذا جيد، فالعلم سيتوصل في نهاية المطاف إلى السبب. وليس أمراً غير عادي أن تصيب فيروسات تنفسية يتم العمل عليها في مختبر، عاملاً فيه”.