من مالي وبروكينا فاسو إلى النيجر.. السياسة الأفريقية لفرنسا تنهار
انتقد السفير الفرنسي السابق لدى الولايات المتحدة والأمم المتحدة جيرار أرو السياسة الأفريقية لفرنسا، معتبراً “أنها تنهار”.
وذكر آرو بدعوته قبل 18 شهراً إلى مراجعة معمقة للسياسة الفرنسية في منطقة الساحل، لافتاً إلى أنه “في ذلك الوقت، كنا قد طُردنا للتو من مالي وتبعتها بوركينا فاسو والآن جاء دور النيجر”، و”في كل مرة ، يلعب الانقلابيون على المشاعر المعادية للفرنسيين المنتشرة بين السكان لتقديم انقلابهم على أنه تحرير من المستعمر. في كل مرة يقومون بالتلويح بالعلم الروسي أمام سفاراتنا التي أصبحت قلعة محصنة”.
وأضاف “لا ينبغي لأحد أن يفاجأ بهذه الموجة التي تجتاح مصالحنا عبر منطقة الساحل. دعونا لا نلوم الروس، الذين يستغلون الموقف فقط. دعونا نلقي اللوم على أنفسنا لأننا لم نفهم أن حقبة انتهت على حسابنا”.
ويقول الدبلوماسي السابق: “بعيداً عن جذورها في المصالح التجارية، فإن مشكلة فرنسا في إفريقيا سياسية”، وباريس “لم تكن قادرة على قبول أن مستعمراتها السابقة أصبحت مستقلة وبالتالي يجب التعامل معها وفقا لذلك”.
وأكد أن الشرارة التي أشعلت الموقف كانت التدخل العسكري في مالي عام 2013، والذي ترافق مع مرور الوقت، عاما بعد عام، على الرغم من تكتيكاتنا الناجحة على الأرض، مع التمدد التدريجي لمنطقة عمل الإرهابيين.
ولفت إلى أن “بلدان المنطقة وجدت نفسها، الواحدة تلو الأخرى، تحت رحمة الميليشيات، وأصبحت منطقة الساحل تدريجياً ساحة معركة بمواكبها من اللاجئين والفظائع دون أي احتمال بنهاية سريعة للقتال”.
ويلفت إلى أن “الإرهاب بعد عشر سنوات من وصول الفرنسيين، بات أقوى من أي وقت مضى”، و بعد طرد الفرنسيين من مالي، كان لا بد من تغيير السياسة، لكن باريس لم تفعل ذلك. لقد قرر الفاعلون المحليون أخذ الأمور بأيديهم.
وحض أرو، من بين أمور أخرى، “على خفض كبير في عدد الأفراد في الموقع، وإغلاق القواعد التي ليس لها أي مبرر آخر غير التدخل في الشؤون الأفريقية”، لأنه “ليس لنا تحديد شكل النظام المناسب لبلد ما “.
وقال إن “هناك أوقاتاً يتعين عليك فيها اتخاذ القرار على الفور. هذا هو الحال اليوم في أفريقيا”. وخلص إلى معادلة بسيطة “نحافظ على علاقات متكافئة وطبيعية مع هذه الدول. لا ننزل العلم ولكننا نعهد به لدبلوماسيينا ووكالة التنمية الفرنسية وشركاتنا. في القرن الحادي والعشرين، لا يعتمد نفوذ أي بلد على زوارقها الحربية ولا على إمبراطوريتها الاستعمارية السابقة. كان يجب أن نفهم هذا منذ وقت طويل”.