آراءهاشتاقات بلس

#نبني_وطن | يوسف كاظم عباس: “ما تبي تتطعّم.. هذا قرارك! ولكن!”

بداية و قبل كل شيء، هناك فكرة تقول أنه “لا يوجد في العالم ما يسمى بالحرية المطلقة، ولا يرضى أي كان بأن تكون الحرية مقيّدة.. بل أنها حرية مسؤولة”.

إذا ما تمعنّا في هذه الفكرة، و نظرنا لها بشكل موضوعي بعيد كل البعد عن أي عواطف أو مواقف أو أي إعتبارات أخرى فإننا بشكل مجرد نكتشف أن ممارستنا لحرياتنا هي بالفعل حق أصيل نمارسه بروح من المسؤولية الذاتية تجاه أنفسنا و الآخرين، فلا يوجد من يستطيع القبول بأن يتخيل أن يشاهد تصرفاً من أي شخص كان يراه مرفوضاً لاي سبب كان، قيمية كانت، دينية، روحانية، مجتمعية و غيرها، لأن ذلك التصرف سيكون له إنعكاسات عليه، وبالتالي نعم هو حقك و رأيك و تصرفك و أنت حُر! ولكنني أنا كفرد لن أقبل أن تتعدى بتصرفك هذا على حدودي لذا يجب أن تكون مسؤولاً.. و هذا ما يقرب صورة الحرية المسؤولة التي أتحدث عنها.

فدون المسؤولية سنعيش في إنفلات لا يوجد في المجتمعات المتحضرة – إذا ما إعتبرت نفسك كفرد متحضّر – وهو الشخص الذي أخاطبه من خلال هذه السطور، فالأصل أنك حر و لكن لك حدود لا يجب أن تتعداها حتى تؤذي الآخرين.

بالساعات القليلة الماضية أعجبني شعار رفعه أحدهم في تجمعات “ساحة الإرادة” المنددة بفرض “التطعيم الإجباري” وحقيقة الأمر أن التطعيم لم يفرض بشكل إجباري مهما حاول البعض تصويره على تلك الصورة، بل هو إختيار مطروح لكل نفس حُرة مسؤولة، فهناك من يرفض التطعيم و تلقي لقاح فيروس كورونا لعدة أسباب من أبرزها – كما يقول البعض – أنه يرفض أن يقوم بالسماح بدخول مركبات “لا يعرف آثارها” و إنها “مؤامرة” و إنها غير ذات جدوى و ما إلى ذلك من الحجج التي أتحفظ كفرد في هذا المجتمع حولي من هم يحملون نفس هذا الفكر وهذه الرؤية و هو أمر أحترمه تماماً، ولن أرهق نفسي في محاولة إقناع من هو متزمت برأيه رغم كل ما يصلنا يومياً من رسائل التطمين و الدراسات العلمية الموثوقة بهذا الشان، لأن ذلك الرأي هو حق له.

وبالطبع كما هو من حقه أن يرفض التطعيم، فمن حقي أن لا أعرض نفسي و من أحب لخطر نقل العدوى لهذا الفيروس “الذي يتحور في كل يوم” إلى صورة أشرس و أكثر فتكاً خاصة بكبار السن و المرضى و ذوي الأمراض المزمنة ممن أخالطهم و أنا شخص أصبت بالفيروس قبل 5 شهور تقريباً و لجأت لتلقي اللقاح إقتناعاً مني بفكرة حماية نفسي، فإن كان لا يريد حماية نفسه هو حر، و أكرر أن هذه الحرية التي يريدها يجب أن تأتي معها مسؤولية أن لا يؤذي غيره، وبالتالي فهي مسؤوليته في تحمل عواقب إختياراته، وإن ما يحدث من ما يراه البعض تضييقاً على الحريات وحقوق الأفراد في هذا المجتمع، هو محاولة لإحتواء مرض لا تعرف البشرية تماماً كيف تتخلص منه بشكل نهائي و ليس فقط في بلدنا!

فإلى من لا يريد أخذ اللقاح، هو رأيك و قرارك و نحترمه جميعاً، ولكن بالمقابل إحترم حقنا و حريتنا في رغبتنا في العيش دون مرض.

يوسف كاظم عباس

رئيس تحرير جريدة هاشتاقات

زر الذهاب إلى الأعلى