تكنولوجيا

نهاية حقبة وبداية جديدة..هندي يتولى إدارة شركة غوغل !

أعلن مؤسسا شركة ”غوغل”، لاري بايج وسيرجي برين، يوم الثلاثاء، أنهما سيتنحيان عن إدارة شركة ”ألفابت“، ما يشير إلى نهاية حقبة وبداية أخرى لـ“غوغل“.

وكشف لاري بايج وسيرجي برين اللذان أسسا شركة ”غوغل“ وهما طالبان في الدراسات العليا في جامعة ستانفورد منذ أكثر من عقدين، أنهما سيتخليان عن منصبيهما في إدارة الشركة الأم لـ“غوغل“، التي تعرف باسم ”ألفابت“.

ووفقًا لصحيفة ”نيويورك تايمز“ الأمريكية، من المقرر أن يصبح الأمريكي من أصل هندي ساندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة ”غوغل“.

وتعتبر هذه الخطوة نهاية حقبة لشركة ”غوغل“ العملاقة، حيث كانا بايج وبرين يمثلان واجهة الشركة منذ تأسيسها، وكانا من أكثر الشخصيات المؤثرة في صناعة التكنولوجيا، من قبيل ستيف جوبز مؤسس ”أبل“، وبيل غيتس مؤسس ”مايكروسوفت“.

وساعد عملهما المبكر على محرك بحث ”غوغل“ على استخدام المعلومات الجامحة على شبكة الإنترنت العالمية، وأصبحت أفكارهما حول كيفية إدارة شركة إنترنت، مثل تقديم امتيازات سخية للموظفين، بما في ذلك توفير حافلات لنقل الموظفين مجانًا إلى المكتب، ومنح الموظفين أسهمًا في الشركة حتى يصبحوا أكثر إصرارًا على نجاحها، كبقية الشركات في وادي السيليكون.

وقلل بايج وبرين دوريهما في إدارة الشركة في عام 2015 عندما حولا ”غوغل“ إلى ”ألفابت“، وهي شركة قابضة تضم شركة ”وايمو“ للسيارات ذاتية القيادة تحت مظلتها.

ومنذ ذلك الحين، أمضى الثنائي العبقري وقتًا أطول في الإشراف على مجموعة متنوعة من المشاريع الأخرى، مثل تقنية تمديد الحياة، بينما يدير بيتشاي شركة ”غوغل“ الهائلة.

واستمرت الشركة في النمو وأصبحت شركة ”ألفابت“ من بين الشركات الأكثر قيمة في العالم، ولكن الشركة تدخل الآن واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخها، حيث يتم التحقيق في احتكارها للسوق، وانقطاع الموظفين عن العمل، وتنامي الشكوك العامة حول قوتها وهيمنتها في السوق.

ومن المقرر أن يستمر بايج وبرين، وكلاهما يبلغ من العمر 46 عامًا، كمديرين في مجلس إدارة شركة ”ألفابت“ وأكبر مساهمين فيها، ومالكَي أغلبية أسهم الشركة، ما يجعل الشركة ومجلس الإدارة تحت سيطرتهما لضمان بقاء الشركة على المسار الذي يحددانه لها.

وكتب المؤسسان في رسالة عامة يوم الثلاثاء: ”يبلغ عمر شركتنا 21 عامًا اليوم في عام 2019، ولو كانت شخصًا لكان الوقت قد حان لمغادرة منزل العائلة، وعلى الرغم من أنه كان شرفًا كبيرًا لنا أن نكون مشاركَين بعمق في إدارة العمليات اليومية للشركة لفترة طويلة، إلا أننا نعتقد الآن أن الوقت قد حان لتولينا دور الأبوين الفخورين، واكتفائنا بتقديم المشورة والحب، بدلًا من الإدارة اليومية!“

وتؤكد هذه الخطوة وصول بيتشاي (47 عامًا)، للقمة بين أقوى رجال التكنولوجيا، فعلى الرغم من أنه كان يدير أعمال ”غوغل“ الأساسية منذ 4 سنوات، إلا أنه كان تحت إدارة بايج، الرئيس التنفيذي لشركة ”ألفابت“، ورئيسها برين، ولكنه أصبح الآن المسؤول التنفيذي الوحيد عن شركة لديها أعمال عملاقة في تكنولوجيا محركات البحث، والإعلانات، والخرائط، وبرامج الهواتف الذكية، فضلًا عن مجموعة متنوعة من المشروعات الناشئة في المجالات الأخرى مثل تسليم الطلبات بالطائرات المسيرة والمناطيد المزودة للإنترنت.

ففي السنوات الأخيرة، بدا أن بايج وبرين قد فقدا اهتمامهما بإدارة الشركة التي أسساها، وكان الهدف من إعادة هيكلة ”غوغل“ إلى شركة قابضة هو معالجة ذلك، حيث تمكن بايج وبرين من ترك بيتشاي يتولى إدارة ”غوغل“، بينما يركزان على المشاريع العلمية التي تثير اهتمامهما.

ونقل برين مكتبه لفترة إلى مختبر ”إكس“، حيث يعمل المهندسون على مشاريع ناشئة، ونادرًا ما كان يظهر بايج في ”غوغل“، وكان يكرس وقته لحل مشاكل المشاريع التكنولوجية ومشاريعه الجانبية الشخصية، مثل شركة السيارات ”كيتي هوك“.

واختفى المديران عن دائرة الضوء كممثلين للشركة منذ فترة، ولم يتحدث بايج عن أرباح شركة ”ألفابت“ الفصلية، أو يظهر للشهادة في الكونغرس مثل التنفيذيين التقنيين الآخرين على مدار العام الماضي، أو يجري المقابلات مع الصحفيين.

وجاء أحد التصريحات الصحفية النادرة لبرين في السنوات الأخيرة في مطار سان فرانسيسكو الدولي، عندما كان يحتج على سياسة الرئيس ترامب المتعلقة بالهجرة، وقال للصحفيين إنه كان هناك بصفته مواطنًا وليس أكثر.

وبينما كان بايج وبرين حاضرين بشكل منتظم في الاجتماعات الأسبوعية لجميع الموظفين في السنوات الأولى لـ“غوغل“، إلا أنهما توقفا عن الحضور تقريبًا خلال العام الماضي.

وكان آخر ظهور لبايج في اجتماع الشركة في العام الماضي، عندما اعتذر للموظفين عن تعامله مع مغادرة أندي روبين، كبير المديرين التنفيذيين السابق الذي حصل على تعويض بمبلغ 90 مليون دولار بعد أن تأكدت الشركة من صحة مزاعم التحرش الجنسي ضده.

وفي يونيو حزيران، فاجأ بايج المستثمرين والموظفين عندما لم يحضر اجتماع المساهمين في شركة ”ألفابت“.

وفي السنوات الأخيرة، واجهت ثقافة العمل الحر التي يروج لها بايج وبرين مشكلة، إذ نظم الموظفون احتجاجات عامة حول تعامل الشركة مع ادعاءات التحرش الجنسي ضد المديرين التنفيذيين، ومعاملتها للعاملين بالعقود وعملها مع وزارة الدفاع، ووكالات الحدود الفيدرالية والحكومة الصينية.

وكان بيتشاي مترددًا في مواجهة الاحتجاجات وجهًا لوجه، لكنه قام بهدوء بقمع اضطرابات الموظفين، وأوقفت ”غوغل“ اجتماعات الشركة الأسبوعية، وفرضت قيودًا على ما يمكن للموظفين مناقشته على مدونات الرسائل.

وكتب منظم الاستقالة الجماعية للموظفين العام الماضي على تويتر: ”كان البعض يأمل بجدية في أن يتدخل بايج وبرين لإصلاح غوغل، ولكن بدلًا من انقاذ السفينة الغارقة، هربًا منها“.

وعلى الرغم من أن العمل في ”غوغل“ أصبح أشبه بالعمل في الشركات العملاقة الأخرى، إلا أن اهتمامات بايج وبرين، مثل التركيز على المشاريع الخاصة ونكات الرياضيات، أصبحت مميزة في وادي السيليكون.

فبينما كان عمالقة التكنولوجيا الأخرون مثل ستيف جوبز وبيل جيتس معروفين بأنماط القيادة المتقلبة، ظل بايج وبرين هادئين وبعيدين عن الأضواء بقدر المستطاع، ولكن هذا لم يكن الحال دائمًا، فقد سبق وقفز برين بالمظلة، لحضور حدث قدمت فيه شركته ”غوغل غلاس“، والذي اتضح أنه أكثر منتجاتها تخييبًا للآمال، كما شوهد عدة مرات وهو يركب دراجة بيضاوية إلى العمل.

وأصبح هذا الأسلوب أحد رموز وادي السيليكون لدرجة أن مديري الشركات أصبحوا يبحثون عمّا أصبح يوصف بـ“الغوغلية“ بين المتقدمين لطلب الوظائف.

وينحدر بايج من عائلة أكاديمية من ولاية ميشيغان الأمريكية، بينما هاجرت عائلة برين إلى ميريلاند من الاتحاد السوفيتي عندما كان طفلًا، ولذلك يعتبر نفسه لاجئًا، والتقى الثنائي في جامعة ستانفورد، حيث توصلوا في عام 1996 إلى الاختراع الذي أنتج ”غوغل“، وكان بايج هو صاحب الرؤية، بينما قاد برين عبقري الرياضيات، هندسة المشروع.

ويقول مايكل جونز، أحد مؤسسي ”غوغل إيرث“ الذي عمل في الشركة لمدة 11 عامًا مع بايج وبرين: ”كان سيرجي يقول هل هذه هي أفضل طريقة لحل هذه المشكلة؟ بينما يقول لاري هل هذه هي الطريقة الصحيحة لحلها؟ فهما مختلفان ويشكلان معًا شخصًا كاملًا“.

وفي ”غوغل“، حدد بايج وبرين مهمتهما، وهي ”تنظيم معلومات العالم وجعلها في متناول الجميع ومفيدة“، وأدى ذلك إلى مشاريع قامت برقمنة ملايين الكتب ورسم خرائط رقمية لشوارع العالم، وخلق ذكاء اصطناعي يمكنه تحويل الكلام لكتابة أو قيادة السيارات، ولكن الآن يتم اتهام الشركة بخرق خصوصية المستخدمين، وإساءة استخدام هيمنتها أثناء التنافس مع الشركات الأصغر.

وقال الرئيس السابق لمشروع السيارات ذاتية القيادة في ”غوغل“، سيباستيان ثرون الذي يدير الآن شركة ”بايج“ لصناعة السيارات الطائرة، إن بايج وبرين لا يزالان من بين ألمع المديرين التنفيذيين فيما يخص بالتفكير في المستقبل.

وسيحتفظ بايج وبرين بالسيطرة على مجلس إدارة الشركة من خلال حصتهما البالغة 51% من الأسهم المتمتعة بامتياز في حق التصويت، إذ يمتلكان 84% من تلك الأسهم ذات القيمة التصويتية الأعلى، وبهذا الحق لا يزال بإمكان بايج وبرين استرداد السيطرة متى أرادا من بيتشاي، الذي لا يملك أيًا من هذه الأسهم.

وقال جونز المدير التنفيذي السابق لشركة ”غوغل“: ”ببساطة يشبه الأمر أن يمنحك والدك حق الإدارة، ولكنه لا يزال يملك الشركة“.

ويعتبر بايج وبرين من بين مؤسسي الشركات التقنية القلائل الذين تنحوا عن إدارة الأعمال اليومية في الشركة التي أنشؤوها وجعلتهم أصحاب المليارات، ولكن يذكر أن غيتس اتخذ خطوة مماثلة عندما سلم الإدارة التنفيذية لشركة ”مايكروسوفت“ إلى ستيف بالمر في عام 2000، أثناء معركة شركته الطويلة مع وزارة العدل حول الاحتكار.

وعلى الرغم من أن ”غوغل“ تستعد لمعركة قانونية حول الاحتكار مع الكونغرس ووزارة العدل وكل ولاية أمريكية تقريبًا، إلا أن وضعها لا يزال مختلفًا عن ”مايكروسوفت“.

فعندما تولى بالمر منصب الرئيس التنفيذي في ”مايكروسوفت“ في عام 2000، تبين أن الشركة قد انتهكت لتوها قوانين مكافحة الاحتكار في البلاد في قضية تاريخية رفعتها وزارة العدل، بينما لا يزال بيتشاي غير متأكد مما سيواجهه من المنظمين والمشرعين في المستقبل، وتشمل التحقيقات حصة ”غوغل“ المهيمنة في السوق في محركات البحث على الإنترنت، وكيف تتنافس مع منافسيها الأصغر في مجال الإعلانات الرقمية.

وقال ديفيد ريدرمان، خبير التكنولوجيا، ومدير المحافظ لدى شركة ”إندورانس كابيتال بارتنرز“: ”حتى الآن لم يتضح بعد ما ستواجهه غوغل فيما يتعلق بمكافحة الاحتكار، ولكن هذا خطر واضح ووشيك“.

وفي بيانهما أمس الثلاثاء، قال بايج وبرين، إنهما سيبقيان ملتزمين بالشركة على المدى الطويل، وسيظلان مشاركين بنشاط كعضوين في مجلس الإدارة ومساهمين وشريكين مؤسسين، كما أكدا أنهما يخططان لمواصلة التحدث مع بيتشاي بشكل منتظم، خاصةً حول الموضوعات التي تثير اهتمامهما.

وتشير الصحيفة إلى أنه مهما كان ما سيقرران فعله، فلن يواجها أي مشكلة في تمويله، حيث تبلغ قيمة ثروة بايج حوالي 58.9 مليار دولار، بينما تبلغ ثروة برين حوالي 56.8 مليار دولار، وهما أثرى سادس وسابع أغنياء العالم، وفقًا لمجلة ”فوربس“ الأمريكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى