نُذر حرب أهلية مدمرة تخيّم على الفاشر في السودان
تُهدد الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع منذ أكثر من عام الحياة العامة في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وآخر مركز حضري لا يزال تحت سيطرة القوات الحكومية.
ويخيم الخوف على المدينة بكاملها، ويقول عثمان محمد، مدرس اللغة الإنجليزية: “نعيش جميعاً في قلق مطلق مما ينتظرنا في الأيام المقبلة”، مع بروز شبح معركة واسعة النطاق بين الجنرالين المتحاربين، رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
ويؤكد محمد في لقاء مع “بي بي سي” اليوم السبت “إذا وقعت اشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش داخل المدينة، فسنكون نحن المدنيين الضحايا”.
ورغم توسع الحرب في مدن سودانية مختلفة، إلا أن الفاشر ظلت بعيدة عن العنف، والقتل العرقي، اللذان انتشرا في دارفور، معقل قوات الدعم السريع.
ومنذ منتصف الشهر الماضي، تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، وهي مركز إنساني يستضيف مئات آلاف النازحين، بمن فيهم الذين فروا من المناطق الأخرى التي سيطرت عليها الميليشيا.
وحتى الآن، أسفر القصف والمناوشات المتبادلة عن مقتل 43 شخصاً، وفقاً للأمم المتحدة.
معركة البقاء
ويؤكد محمد عثمان، المقبل على الزواج “الحياة صعبة بسبب انعدام الأمن، ونقص النقد بشكل عام، فكل شيء مكلف للغاية: الغذاء والماء والنقل والتعليم..والقائمة تطول”.
ويضيف “اختفت الطبقة الوسطى، وأصبح 80% من المواطنين الآن فقراء”.
واضطُر محمد إلى إغلاق بقالته في وقت مبكر من النزاع عندما أصيب برصاص طائش، واستبدلها بمتجر أصغر، في محاولة للتأقلم مع السوق المشلولة، بسبب تقلبات الأسعار والاحتكارات.
وتعاني الفاشر من انقطاع مستمر للكهرباء، ومن نقص حاد في مياه الشرب، وشح الوقود بسبب استمرار تدفق النازحين إليها.
ويشير حسين عثمان آدم، الذي يعمل سائق سيارة أجرة وتاجر أغذية، إلى إن “سعر المياه مرتفع بشكل كارثي، والحياة مأساوية للغاية على الجميع بجوانبها، الاقتصادية والصحية والنفسية”.
الأسوأ
وتتوقع الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأسوأ في الفاشر. وسبق أن أصدرتا تحذيرات من عواقب هجوم واسع النطاق على منطقة هي بالفعل على شفا المجاعة.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، في وقت سابق هذا الأسبوع، إنها ستكون “مذبحة واسعة النطاق، كارثة فوق الكارثة”.
ويعتمد تنبؤ الولايات المتحدة والأمم المتحدة، على ما أبلغ عنه من مدن أخرى احتلتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، من نهب واسع النطاق، وعنف عرقي.
وتنفي الدعم السريع الاتهامات، ويقول قادتها، إن لهم حق الدفاع عن أنفسهم ضد عدوان الجيش، ويتهمون الأخير بقتل المدنيين عمداً بالبراميل المتفجرة.
ومن أهم أسباب فشل الدعم السريع في السيطرة على الفاشر حتى الآن، تحالف جماعات عرقية مسلحة هناك مع الجيش السوداني.
ويؤكد المدير التنفيذي لمختبر البحوث الإنسانية في كلية الصحة العامة بجامعة ييل ناثانيال ريموند “في هذه المرحلة، ليس لدى المدنيين والقوات المسلحة السودانية طريق واضح للتراجع”.
وقال في مؤتمر صحافي طارئ أخيراً، “نطلق على هذه الظاهرة اسم صندوق القتل، ومن المحتمل أن مساحة التدخل قد تلاشت”.
وأكد، أن باحثيه كانوا يرون أدلة على أن الجيش كان يستعد لمعركة قريبة “حتى الموت”.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود،، إنها عالجت حتى الآن 125 مريضاً أصيبوا في القتال بسبب الغارات الجوية، وقصف قوات الدعم السريع.
لكنها حذرت منذ أشهر من أزمة سوء التغذية في مخيم زمزم جنوب الفاشر، الذي يأوي العديد من النازحين بسبب موجات سابقة من العنف العرقي، الأمر الذي يتطلب زيادة هائلة في الاستجابة الإنسانية.
وتقول رئيسة الاستجابة الطارئة لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان كلير نيكوليه، إن التوترات المتزايدة جعلت الأمر أكثر صعوبة مما كان عليه بالفعل، وأن تصاعد القتال من شأنه أن يجعل الأمر أسوأ بكثير.