ترند

«هاديس» الكويتي .. واقعنا المُر!

دشنت فرقة المسرح الكويتي العروض الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي الـ 20، وذلك من خلال عرضها المسرحي «هاديس» تأليف وإخراج أحمد العوضي وذلك مساء امس الأول على خشبة مسرح الدسمة.

قبل الدخول الى نقد المسرحية لابد من معرفة كلمة «هاديس» فهي تعني في اليونانية القديمة «المختطف» وهذا هو بالتحديد ما يقوم به الموت، فهو يختطف الكائن الحي إلى حيث الفناء، ومن هنا كانت مملكة الآخرة بالنسبة للاغريق عالما من الكآبة يقبع فيه الخيرون ويعذب فيه الخاطئون، والحضارات القديمة اهتمت بذلك الزائر الفجائي الذي يأتي إلينا، ونحن في غفلة فيحول الأجساد إلى مسكن للدود!

قد نتفق او نختلف عما تناوله المؤلف احمد العوضي في احداث نصه المسرحي الفلسفي والقضايا التي طرحها من خلاله على الخشبة ولكنها تبقى انها تعبر عن واقعنا المر الذي نعيشه في هذه الحياة حتى وان كان هناك من يرفض هذا الواقع، فلابد من الاعتراف بأن العوضي قدم لنا نصا فلسفيا مغايرا عن نصوصه السابقة، وهذا يحسب للعوضي الذي وصل لمرحلة النضوج الفكري في نصوصه من خلال قضاياه التي تطرح بين طياته.

لولوة الملا وسماح               

المسرحية حملت بين طياتها قضايا انسانية عديدة من خلال سبع حكايات مليئة بالعبر والموعظة لمن يتبع الشيطان ونزواته ويفعلون كل شيء من «اجل المتعة في الحياة» دون التفكير في الحساب والعقاب الذي ينتظرهم في ذلك العالم السفلي وما يخبئه لهم من أمور عجيبة لا تخطر على البال لانهم تناسوا ان العقاب من جنس العمل مهما طال العمر أو قصر «فهناك اخطاء ربما تغتفر ويتم قبولها ولكن هناك اخطاء يتبعها الألم والندم ولكن بعد فوات الأوان».

ومن باب «ليأخذ كل ذي حق حقه» سارت أحداث المسرحية التي كانت في معظم حكاياتها توضح وبشكل جريء الواقع الذي نعيشه في حياتنا البشرية لمن يريد دخول الجنة والتمتع بخيراتها او العكس، فـ «الحلال» بين و«الحرام» بين، وعلى المتلقي ان يختار طريقه في هذه الحياة المليئة بالمغريات، ورحم الله امرأ حفظ نفسه منها سواء كان ذكرا او انثى!

أحداث المسرحية جاءت في معظم مشاهدها جرئية لإيضاح غير المفهوم للمتلقي، ومن وجهة نظري فإن هذا الأمر تمنيت ألا يقع فيه العوضي من خلال رؤيته الإخراجية العميقة لأن التفاصيل الدقيقة «مرات» لا يكون لها داع ان نفسرها بدقة على الخشبة، ونترك الأمر للمتلقي بالطريقة التي يستوعبها، خصوصا ان العرض المسرحي لابد ان يحرك من خلاله المشاهد «عقله» ليفهم ما يعرض ويقال أمامه!

علي الحسيني وسماح                 

كما ذكرت سابقا، ان الرؤية الإخراجية التي قدمها احمد العوضي كانت تحمل عمقا كبيرا في تفسير أحداث نصه الفلسفي وساعده بذلك فريقه الفني الفنان فيصل العبيد مصمم الديكور وعبدالله النصار مصمم الاضاءة وعبدالعزيز الجريب خبير المكياج وحصة العباد مصممة الازياء ومحمد الزنكوي الذي تصدى للتأليف الموسيقي والمكساج، كل هذا الفريق المتجانس خلق لنا فرجة بصرية جميلة في العرض المسرحي لا توصف وأدهش الجميع، ولكن كنت اتمنى من المخرج احمد العوضي التخلي عن بعض المشاهد المكررة التي تسببت في تسريب «الملل» في نفوس الحضور بسبب «الاطالة» في العرض، وهذا الامر أوقعه في بعض الاخطاء، وأتمنى ان العوضي يشاهد مسرحيته حتى يستطيع حذف المشاهد الزائدة خصوصا ان المسرحية حملت بين طياتها نهايات متعددة!

جسد شخصيات المسرحية كل من سماح، علي الحسيني، بدر الشعيبي، لولوة الملا، يوسف بوناشي، علي قاسم، حمد بوناشي، غادة الكندري، نواف الربيعان، دعيج الربيعان، صباح الربيعان حيث اجتهدوا في تقديم شخصياتهم بكل جمالية وخصوصا الممثلة سماح وعلي الحسيني ولولوة الملا الذين قدموا أداء تمثيليا قويا استحقوا عليه التصفيق كثيرا من الحضور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى