منوعات

هكذا تساعدنا «إنفلونزا 1918» في التنبؤ بعالم ما بعد كورونا!

أدت الطبيعة المروعة لجائحة إنفلونزا عام 1918 وعواقبها المميتة إلى إحساس بالحذر، كان له في بعض الأماكن آثار عميقة على كيفية استجابة الناس لتفشي الأمراض في العقود اللاحقة – مثل اللجوء للعزل والحجر الصحي.

وبالمثل، فمع تلاشي جائحة «كورونا»، «ستبقى بعض التدابير والاتجاهات الحالية معنا لبعض الوقت وقد تستمر للأبد، وفقاً لما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية عن جاكلين جولان، أستاذة الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية فاينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن في شيكاغو.

وقالت جولان إن التسوق عبر الإنترنت والعمل عن بعد وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا التي تسمح بالتجمعات الافتراضية ستستمر.

مقالات ذات صلة

وأضافت «نظراً لإدراكنا باحتمالية حدوث أزمات عالمية مفاجئة، مثلما حدث مع (كورونا)، فمن المحتمل أن نحتفظ بمخزون من مواد التنظيف ومستلزمات الحماية الشخصية. ومن المحتمل أيضاً أن نتبنى عادات تعمل على تحسين النظافة لتعزيز النظافة الشخصية أو الجماعية».

ونقلت «سي إن إن» عن عدد من خبراء الصحة قولهم إننا، بالنظر إلى جائحة إنفلونزا 1918 والتغيرات الناتجة عنها والتي استمرت معنا حتى الآن، يمكن أن نرسم صورة تقريبية لحياتنا مع ما بعد «كورونا»، والتي سيتغير فيها عدد من الإجراءات التي اعتدنا عليها مثل:

1- طريقة تحية الآخرين:

قالت نانسي تومز، أستاذة التاريخ المتميزة في جامعة ستوني بروك «في حين أن مسؤولي الصحة العامة لم يشجعوا الناس على التواصل غير الضروري مع الآخرين خلال إنفلونزا عام 1918، فقد خرق بعض الأشخاص هذا التدبير في ذروة هذا الوباء، وبعد انتهائه لم يستمر الالتزام به نهائياً، ما يعني أن طريقة التحية القديمة، والتي تعتمد على المصافحة باليد، يمكن أن تعود مرة أخرى في عالم ما بعد (كورونا)».

وأضافت «مع تخفيف قيود (كورونا) في عدد من البلدان، شعر بعض الأشخاص، بمن في ذلك خبراء الأمراض المعدية، بعدم وجود ضرر من المصافحة باليد مرة أخرى إذا كان الآخرون الذين نصافحهم حذرين أو تم تطعيمهم بالكامل».

وتابعت: «ولكن دعونا نعترف بأن هناك أشخاصاً كانوا يكرهون هذه العادة الاجتماعية قبل الوباء، وهؤلاء الأشخاص قد يرون الآن فرصة لعدم القيام بها مرة أخرى».

2- السفر:

كتب عالم الجراثيم الراحل إدوين جوردان في عام 1925: «لقد كانت حماية الجماهير بعد إنفلونزا عام 1918 أمراً صعباً، لكن التقليل من فرص تفشي المرض من بلد لآخر، عبر العزل والحجر الصحي، بدا أنه يوفر أفضل فرصة لدينا للسيطرة على ويلات الإنفلونزا».

ومنذ ذلك الوقت، اعتمدت عدد من الدول نظام العزل والحجر الصحي للمسافرين للتصدي لتفشي عدد من الأمراض المختلفة بما في ذلك وباء «كورونا».

وقالت الدكتورة لينا وين، طبيبة الطوارئ بجامعة واشنطن، إن «معدلات السفر واختيار وجهات بعينها ستعتمد على المعدلات المستقبلية لحالات الإصابة بفيروس (كورونا) حيث أصبح لدى الناس الآن اعتبارات ربما لم يفكروا بها في الماضي».

وقال الخبراء إن قرارات المسافرين الأخيرة بالقيادة إلى وجهات قريبة من منازلهم، بدلاً من السفر إلى أماكن بعيدة، قد تشير إلى وجود مخاوف متبقية بشأن مخاطر «كورونا»، وهذه المخاوف قد تستمر لسنوات.

3- ارتداء الأقنعة والاحتياطات الأخرى:

قالت تومز: «إن احتياطات السلامة مثل السعال في المناديل أو عزل المصابين والمشتبه بهم أو تجنب الازدحام لمحاولة السيطرة على إنفلونزا عام 1918 لم تستمر مع بعض الأفراد على مدار العقد التالي، حيث تخلى بعض الناس عن مثل هذه الممارسات. ومع ذلك، فقد أثرت بعض السلوكيات على كيفية استجابة الأفراد والمؤسسات لتفشي الأمراض في وقت لاحق».

وأضافت «عندما ظهرت الإنفلونزا في عام 1928، على سبيل المثال، قامت بعض الكليات والجامعات على الفور بعزل الأشخاص المصابين بالإنفلونزا، وقللت الازدحام بالمدرجات عن طريق السماح بحضور 15%فقط من الطلاب بكل مدرج».

وتابعت تومز: «علاوة على ذلك، قدمت بعض رياض الأطفال في العشرينات من القرن الماضي مناهج تعليمية صحية تدرب الطلاب على السلوكيات الصحية السليمة التي يجب اتباعها عند الإصابة بالعدوى مثل ضرورة السعال والعطس في المناديل والحفاظ على نظافة أيديهم».

وأضافت أستاذة التاريخ في جامعة ستوني بروك أنه «بعد أكثر من عام من ارتداء الأقنعة للحفاظ على سلامتنا وسلامة الآخرين خلال جائحة (كورونا)، يتوقع بعض الخبراء أن تصبح الأقنعة جزءاً دائماً من ترسانتنا ضد فيروس (كورونا) وغيره من الفيروسات أو البكتيريا».

4- التقدم العلمي:

قالت وين: «في عام 1918، كانت البنية التحتية للبحث العلمي متناهية الصغر مقارنة اليوم. فبعد تفشي (كورونا)، كانت استجابة المجتمع العلمي قوية جداً، حيث تخلى الجميع عن كل ما يفعلونه وحاولوا العمل على إيجاد لقاح للمرض. بالطبع حاول الخبراء تطوير لقاحات لإنفلونزا 1918 لكنهم لم يعرفوا ما هو العامل الممرض».

وأضافت وين أن ما حدث خلال وباء (كورونا) سيدفع الدول والحكومات إلى زيادة الاهتمام بالبحث العلمي وزيادة الإنفاق في مجالات الطب والتكنولوجيا على وجه الخصوص.

5- مستقبل العمل:

خلال الموجة الثانية القاتلة من إنفلونزا عام 1918، أوصت الهيئات الصحية الأميركية المتاجر والمصانع بتقسيم الموظفين على ساعات عمل مختلفة، مؤكدة على ضرورة أن يحاول الناس السير إلى العمل على الإقدام لمنع الاكتظاظ في وسائل النقل العام.

ولا يبدو أن هذه التوصيات قد استمرت لفترة طويلة بعد هذا الوباء.

في المقابل، أجبر (كورونا) الكثير من الشركات على الإغلاق أو السماح للموظفين بالعمل من المنزل، وأحد أهم المجالات التي من المحتمل أن نرى فيها تغييرات دائمة في عالم ما بعد فيروس (كورونا) هو كيفية أداء العمل، كما قال رافي غاغيندران، الأستاذ بكلية إدارة الأعمال بجامعة فلوريدا.

وقال غاغيندران: «من المرجح أن تفكر الشركات في العمل عن بُعد كاستراتيجية جديدة، خصوصاً مع احتمالية ظهور أنواع جديدة من الفيروسات في المستقبل، أو ظهور طفرات جديدة من (كورونا) لا يمكن للقاحات التصدي لها».

وأضاف «العمل عن بعد يوفر المرونة ليس فقط في التعامل مع الوباء ولكن أيضاً في ضمان استمرار العمل أثناء حالات الطوارئ الأخرى مثل الكوارث الطبيعية والهجمات الإرهابية».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى