هل المياه الفوارة مفيدة أم ضارة بالصحة؟
المياه الفوارة هي مياه تمت إضافة غاز ثاني أكسيد الكربون إليها تحت الضغط لتصبح مليئة بالفقاعات، ويشيع استخدامها كمشروب مرطب ومنعش بدلا من المشروبات الغازية السكرية، إلا أنه أخيرا أثيرت بعض الشكوك حول التأثيرات الصحية لشربها، ومدى “مأمونية” ذلك، لذا في هذه المقالة نلقي الضوء على هذا الأمر لنستكشف ما إذا كانت المياه الفوارة مفيدة للصحة أم ضارة بها.
يمكن محاولة التعرف على ما إذا كانت المياه الفوارة مفيدة أو ضارة، من خلال النظر في تفاعلها وتأثيرها على جسم الإنسان وصحته:
– حموضة الدم
نتيجة لوجود غاز ثاني أكسيد الكربون جنبا إلى جنب مع الماء بالمياه الفوارة يحدث تفاعل كيميائي ينتج عنه تكون حمض الكربونيك، وبسبب هذا الحمض تكتسب المياه ذلك الطعم الحمضي اللاذع المميز لها، ويعد حمض الكربونيك من الأحماض الضعيفة حيث يتراوح الأس الهيدروجيني الخاص به بين 3 – 4؛ الأمر الذي جعل البعض يعتقد بأن شرب هذه المياه يتسبب في زيادة حموضة الدم والجسم، إلا أن ذلك الأمر عار من الصحة تماما، حيث إن جسم الإنسان يمكنه التخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون الزائد، وهو ما يمكنه من الحفاظ على الأس الهيدروجيني للدم في مستواه الطبيعي بين 7.35 و7.45، وبشكل عام يستطيع الجسم الحفاظ على درجة حموضة الدم في مستويات طبيعية بغض النظر عما نشربه من مشروبات أو نتناوله من طعام.
– صحة العظام
يؤمن العديد من الناس بأن شرب المياه الفوارة يؤدي إلى الإصابة بهشاشة العظام وضعفها بسبب ما تحتويه من حمض الكربونيك، إلا أن تلك المعلومة الشائعة غير صحيحة، ففي دراسة موسعة أجريت على أكثر من 2500 شخص حول تأثيرات المشروبات الغازية وجد أن شرب المياه الفوارة لا يؤثر على صحة العظام.
إلا أن الدراسة ذاتها أوضحت أن شرب مشروبات الكولا الغازية مرتبط بفقدان العظام للمعادن الموجودة فيها وعلى رأسها الكالسيوم، ما يقلل من كثافة العظام ويسبب هشاشتها، حيث إن مشروبات الكولا الغازية تحتوي على كمية كبيرة من الفوسفور، وبالتالي فإن شرب تلك المشروبات يؤدي لاستهلاك كميات كبيرة من الفوسفور مقارنة بالكالسيوم، الأمر الذي قد يمثل عامل خطر محتمل للإصابة بهشاشة العظام.
– الهضم
يؤثر شرب المياه الفوارة على عملية الهضم بصورة إيجابية للغاية، حيث تشير بعض الدلائل إلى أن المياه الفوارة قد تخفف من أعراض عسر الهضم وخاصة آلام البطن، كما أنها تساعد في حالات الإمساك وفقا لبعض الدراسات.
بجانب هذا، فإن شرب المياه الفوارة يساعد في بقاء الطعام في المعدة لفترة أطول، وهو ما يعطي شعورا بالامتلاء والشبع لمدة أطول مقارنة بشرب المياه غير الفوارة، إلا أن تأكيد ذلك الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات.
وأخيرا، فإن هناك عدد من الدراسات والأبحاث الأولية توضح أن شرب المياه الفوارة يحسن من القدرة على البلع لدى الصغار بجانب كبار السن.
– صحة الأسنان
يشيع الاعتقاد بأن المياه الفوارة ذات تأثيرات سلبية على صحة الأسنان، حيث تتعرض الطبقة الخارجية للأسنان المعروفة بطبقة المينا إلى حمض الكربونيك بشكل مباشر، وعلى الرغم من عدم وجود أبحاث كافية في هذا الصدد، لكن يمكن القول إن تأثير المياه الفوارة على صحة الأسنان بالسلب طفيف للغاية مقارنة بالمياه غير الفوارة، ويمكن فقط للمياه الفوارة أن تتسبب في تدمير مينا الأسنان حال احتوائها على نسبة عالية من السكر؛ حيث يرجع السبب في ذلك إلى وجود السكر بالأساس وليس حمض الكربونيك.. لذا ينصح بتجنب المشروبات السكرية الغازية، كما ينصح بالمضمضة بمياه عادية بعد شرب المياه الفوارة لتجنب التأثيرات السلبية المحتملة.
– صحة القلب
يشير عدد من الأبحاث الأولية والتي أجريت على عدد محدود من الأفراد إلى احتمالية وجود تأثيرات إيجابية لشرب المياه الفوارة على صحة القلب؛ حيث توضح تلك الدراسات أن استهلاك المياه الفوارة قد أدى إلى خفض نسبة الكولسترول الضار، وزيادة نسبة الكولسترول النافع بالدم.
كما بينت الأبحاث ذاتها أن شرب المياه الفوارة يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب خلال 10 سنوات بمقدار 35%، وكل تلك الأمور قد تلقي بظلالها الإيجابية على صحة القلب، لكن ينبغي الانتباه إلى ضرورة إجراء مزيد من الأبحاث والدراسات لتأكيد تلك المزاعم.
أخيرا
ليس هناك دليل قاطع على أن شرب المياه الفوارة له تأثيرات سلبية على الصحة، وعلى العكس من ذلك نجد أنها قد تمتلك بضع فوائد صحية، وإن كان الأمر يحتاج إلى المزيد من الأدلة العلمية؛ لذا فليس هناك داع للتوقف عن شربها، وخاصة أنها خالية من السعرات الحرارية، كما أنها تمتلك طعما لاذعا محببا.