
لطالما سعى الباحثون إلى معرفة ما إذا كانت الحيوانات قادرة على فهم لغة البشر، لكن تجربة الحصان “هانز الذكي” في مطلع القرن العشرين كشفت عن صعوبة هذا التحدي. فبالرغم من أن الحصان بدا وكأنه يفهم اللغة ويحل مسائل رياضية، إلا أن تحقيقًا مستقلًا أظهر أنه كان يستجيب لإشارات جسدية غير واعية من مدربه، دون امتلاك قدرة فعلية على الفهم أو الحساب.
ورغم أن الحيوانات تمتلك مهارات في التقاط إشارات سياقية مثل لغة الجسد ونبرة الصوت، إلا أن قدرتها على فهم الكلمات أو البنى اللغوية المعقدة لا تزال موضع جدل. ومع ذلك، تشير أبحاث حديثة إلى أن بعض الحيوانات قد تستوعب عناصر معينة من اللغة البشرية، مثل معاني الكلمات الفردية وربطها بالأفعال أو الأشياء، وفق Live Science.
هل يمكن للقردة تعلم لغة البشر؟
أشهر تجربة في هذا المجال تتعلق بالغوريلا “كوكو”، التي تعلمت نحو 1,000 إشارة من لغة الإشارة الأمريكية (ASL)، وفهمت أكثر من 2,000 كلمة إنجليزية منطوقة. لكن الخبراء يشيرون إلى أن استخدامها للإشارات كان محدودًا ولم يصل إلى الطلاقة الكاملة، كما أن بعض إشاراتها كانت غير مفهومة إلا عبر تفسير مدربيها.
-
هل يمكن لمرضى السكري تناول الموز؟2025/03/26 6:50:58 صباحًا
-
الهيئة العامة للغذاء والدواء: الشمر واليانسون يحسنان الهضم2025/03/26 5:50:41 صباحًا
أما “كانزي”، وهو بونوبو (أحد أنواع القردة العليا) عاش بين 1980 و2025، فيُعد من أكثر الرئيسيات تطورًا في التواصل اللغوي. وقد استخدم كانزي لوحة رموز لغوية تضم حوالي 200 رمز للتواصل مع مدربيه، حيث كان بإمكانه الإشارة إلى أسماء الأشخاص، والأماكن، والأشياء، والأفعال، بالإضافة إلى التعبير عن الموافقة أو الرفض بصوتيات محددة.
وأظهرت دراسات أن كانزي تمكن من اتباع أوامر صوتية جديدة بدقة بلغت 75%، متفوقًا على طفل بعمر عامين ونصف. ومع ذلك، لا تزال الأبحاث غير حاسمة فيما إذا كان يمتلك فهمًا حقيقيًا للنحو اللغوي، أي القدرة على ترتيب الكلمات في تراكيب ذات معنى معقد.
هل تفهم الكلاب لغة البشر؟
على عكس معظم الحيوانات، طورت الكلاب قدرة فريدة على التفاعل مع البشر على مدى 14,000 عام من التدجين، ما جعلها حساسة جدًا لنبرة الصوت والإيماءات البشرية.
بعض الكلاب المتميزة، مثل “تشيسر”، أظهرت قدرة مذهلة على التعلم، حيث حفظت أكثر من 1,000 كلمة وتمكنت من فهم بنية الجمل البسيطة، مثل التفريق بين “أحضر الكرة إلى الجورب” و”أحضر الجورب إلى الكرة”.
وفي تجربة حديثة أجراها الباحث فيديريكو روسانو عام 2024، تم اختبار 59 كلبًا باستخدام لوحات أزرار تصدر كلمات مسجلة، بعيدًا عن أي سياقات بصرية قد تؤثر على استجابتهم. ووجدت الدراسة أن الكلاب استجابت لكلمات مثل “الخارج” و”اللعب” عبر التوجه نحو الباب أو إحضار الألعاب، مما يشير إلى أنها قد تفهم بعض الكلمات بمعزل عن الإشارات السياقية.
حدود فهم الحيوانات للغة
ورغم هذه النتائج، لا تزال هناك قيود على قدرة الحيوانات على تمييز الكلمات المتشابهة أو استيعاب النحو المعقد. الباحثون يواصلون دراسة ما إذا كانت الحيوانات، وخاصة الكلاب، قادرة على استخدام الكلمات للإشارة إلى أشياء غير موجودة أمامها أو تكوين مفاهيم جديدة، وهي خصائص أساسية للغة البشرية.
ويؤكد روسانو أن هدف أبحاثه ليس إثبات أن الكلاب قادرة على “التحدث”، بل فهم مدى تعقيد إدراكها للكلمات. ومع استمرار البحث، قد يتضح أن الحيوانات تمتلك قدرات لغوية أكثر تطورًا مما كان يُعتقد سابقًا.