هل دولاب ملابسك منجم ذهب سري؟
قبل أن تقوم ليندسي ريمبالسكي بشراء فستان جديد، غالبا ما تحاول بيع آخر قديم.
وفي معظم الأحيان، تتطلب هذه العملية بضع دقائق وهاتف محمول: حيث تقوم بالتقاط عدة صور لإحدى قطع ملابسها، وتكتب أسفلها السعر المطلوب، ثم تقوم بتحميل الصورة على تطبيق ديبوب، إحدى منصاتها الرقمية لإعادة البيع.
وتقول ريمبالسكي (26 عاما) التي تعمل كصانعة محتوى وتعيش في لوس أنجليس بفخر إن الأغراض في خزانة ملابسها دائما ما يتم تدويرها من أجل زيادة المساحة في خزانة شقتها الصغيرة وتدوير قطع الملابس الجديدة بدون الشعور أنها تشارك في دورة مخلفات الموضة.
وذكرت صحيفة لوس انجليس تايمز أن منصات إعادة البيع الرقمية من شخص لشخص موجودة منذ عقود، ولكنها وصلت لمستويات جديدة من الشهرة منذ جائحة كورونا، ويغير مدى انتشارها من طريقة تسوق المستهلكين وتفكيرهم بشأن الموضة.
ولم يعد الأشخاص الذين يعيدون بيع أغراضهم على الإنترنت من الأشخاص المتحمسين للغاية فقط أو المتسوقين الصغار الذين يريدون بعض الأموال؛ إذ أن المستهلكين، بغض النظر عن حجم دخلهم يتعاملون مع ملابسهم وإكسسوارتهم على أنها أصول، ليبرروا “مشترياتهم الاستثمارية” من خلال سهولة إعادة البيع نسبيا هذه الأيام. وهذا ليس فقط في فئات الساعات وملابس الخروج المعتادة، فالإكسسوارت النسائية مثل الحقائب الفاخرة تعد الآن نوعا جديدا من الاستثمارات.
ويستخدم عدد أكبر من ذي قبل من الأشخاص مواقع إعادة البيع لجني الأموال أو الحصول على صفقة جيدة. وقد سجل موقع “ذا ريال ريال” المتخصص في السلع الفاخرة انتعاشا ملحوظا في قاعدة مستهلكيه خلال الأعوام القليلة الماضية. ففي خلال الربع الأول من عام 2020، سجل الموقع 600 ألف من المشترين النشطين. والآن يبلغ العدد نحو مليون شخص.
وتعتقد سامانتا ماكاندليس، كبيرة مسؤولي المشتريات بالموقع، أن عام 2020 كان نقطة تحول في مجال إعادة البيع. وتقول ماكاندليس إنها فوجئت بارتفاع مبيعات الحقائب الفاخرة المستعملة خلال جائحة كورونا، على الرغم من الغموض الاقتصادي وقلة المناسبات التي يمكن فيها استخدام هذه القطع.
وأضافت “كنت أقول لنفسي أين يرتدي الأشخاص هذه الحقائب؟ ولكن الأمر لم يكن يتعلق بارتدائها، ولكن لأنهم يريدون قيمة الاستثمار في هذه القطع، ولأنهم بدأوا في إدراك أن الاحتفاظ بهذه القطع يعد استثمارا ذكيا وطريقة رائعة لإنفاق الأموال وتمضية الوقت”.
وذكرت ماكاندليس، أنه بالإشارة إلى نجاح الموقع، ربما تبدو مشتريات الملابس والحقائب الفاخرة مشتريات ذكية في أوقات الغموض الاقتصادي لأنه يمكن استرداد قيمتها نظريا. وقالت “لإنه حتى خلال الظروف التضخمية، تظل هذه القيمة المنتظرة متوفرة، أعتقد أننا سوف نستمر في هذا التوجه”.
وتجني معظم المنصات الشهيرة أموالا من خلال اقتطاع نسبة من كل غرض يتم بيعه، عادة يتراوح ما بين 10 و20 في المائة. ويأخذ موقع “ذا ريال ريال” نسبة أكبر تتراوح ما بين 25 و80 في المائة بناء على مستوى سعر القطعة.
وتقول تشيلسي نورديك، مديرة المشتريات في منصة بوشمارك لإعادة البيع “بالطبع انخفض حاجز إدراج قطعة فاخرة لإعادة البيع مقارنة بذي قبل”. وأضافت “أي شخص يمكن أن يبدأ في إعادة بيع أغراضه على شبكة الإنترنت، ويمكن أن يحمل صورة الغرض والسعر المطلوب في أقل من 60 ثانية.
ويشار إلى أن بوشمارك لديها 8.2 مليون من المشتريين النشطين، فيما يعد رقما قياسيا للمنصة، ويمثل زيادة 13 في المائة على أساس سنوي، وفقا لأحدث تقرير لعائدات الشركة.
وتقول ريمبالسكي إنها تفكر بشأن احتمالية إعادة بيع أي قطعة مع شراء أي قطعة ملابس تقريبا. وأضافت “هذه طريقة جيدة للاستمرار في تدوير الملابس من خزائن ملابس الآخرين إلى خزانتك وتوفير المال أيضا”.
ومن أجل نجاح هذا النظام، يتعين أن تحصل أغراض ريمبالسكي على الاهتمام ويتم بيعها سريعا نسبيا. وبمعنى آخر، يجب أن تكون خزانتها مملوءة بالملابس والإكسسوارات المطلوبة التي تحتفظ بقيمتها على مدار الزمن.
وكانت ريمبالسكي قد أعادت بيع شنطة من ماركة جوتشي، كانت قد اشترتها مقابل 1300 دولار لأنها لم تعد تعجبها. وقد قامت بارتدائها في مناسبات خاصة، لذلك كانت حالتها جيدة. ومما يمثل مفاجأة لها، قامت ريمبالسكي ببيعها مقابل 971 دولار، وحصلت على 614 دولار بعد أن استقطع موقع إعادة البيع النسبة الخاصة به، وهو ما يعد أقل من نصف المبلغ الذي اشترته بها.
ويشير المحللون أن الأكثر ثراء حاليا يمثلون شريحة أكبر من الإنفاق على الرفاهية مقارنة بالمعتاد، مرجعين ذلك إلى ارتفاع التضخم والضغط الاقتصادي الذي يعوق النشاط المعتاد الذي يطلق عليهم” المتسوقين الطموحين”. ولكن المتسوقين الطموحين مازالوا يتسوقون، ولكنهم الآن يفكرون مليا بشأن كيفية التسوق.
وتقول سارة ويليرسدورف ، مديرة العمليات العالمية لمجموعة بوسطن الاستشارية “بالنسبة للمتسوقين الطموحين، فإنهم يهتمون بالمنتجات ذات القيمة الجوهرية”. وأضافت “ويرجع ذلك جزئيا لأمور مثل إعادة البيع، ولكن أيضا لكي يبرر المرء لنفسه شراء هذه الأغراض”.
ويبدو المشهد الاقتصادي مختلفا اليوم، ففي الاقتصاد بعد جائحة كورونا، أصبحت لدى المستهلكين أمور أكثر ينفقون فيها أموالهم غير التسوق عبر شبكة الإنترنت. فالأمريكيون ينفقون بصورة أكبر على تناول الطعام في الخارج بدلا من الإنفاق أكثر من شراء السلع من المحال، كما أن السفر المكلف لا يمنع المستهلكين الصغار من حجز الرحلات الجوية والفنادق.