هند البلوشي: لم أعتبر المجال الفني منقذاً يوماً.. إنما حلم وحققته
سنوات العمر تمضي، ومعها يكبر ذلك الطفل الذي خزّن في داخله الكثير من قصاصات الذكريات المليئة بأفراح وأحزان… آمال وآلام.
وقفة أمام المرآة في الكبر، قد تعيد ذلك الطفل الصغير، أو قد تكشف الوجه الآخر الذي يخفيه صاحبه عن محيطه الخاص والعام… قد تنطلق محادثة مع الذات، يحاورها، يتأملها، يلومها في بعض الأحيان وفي أخرى يكافئها… ليقول في النهاية «هذا أنا» أو «لست أنا».
الفنانين كشفو لو سنحت لهم الفرصة للوقوف أمام المرآة والانطلاق بالبوح بكل ما يجول في خاطرهم والغوص داخل أعماق النفس. فماذا تقول الفنانة هند البلوشي لنفسها؟
• عندما تقفين أمام المرآة من ترين أولاً، الفنانة أم الطفلة التي كبرت وأصبحت ما عليه الآن؟
– أرى الطفلة التي أصبحت أماً مسؤولة، وأراقب خطوط التجاعيد التي تدل على مرور الزمن وإرهاق الحِمل.
• عادة، ماذا تتحدثين مع نفسك؟
– أتحدث دائماً وليس عادة، ولكن أتحدث بصمت وأستمع إلى صمتي بصوت عقلي.
• على ماذا ندمت في مسيرتك الفنية؟
– لا شيء أندم عليه، فاختياراتي الصحيحة تزيدني قوة، واختياراتي الخاطئة إن وجدت تعلمني درساً.
• عندما تلتقين بأصدقاء الطفولة، هل تنسين معهم أنك فنانة مشهورة؟
– الشهرة ليست هوسي، فهي رفيقة دربي منذ زمن طويل، واعتدت عليها. بدأت أنسى دائماً أنني مشهورة وأتصرف بطبيعية في غالبية الوقت.
• كل إنسان أخطأ في حياته خلال مرحلة الطفولة أو الشباب وفعل أموراً طائشة. هل تخافين أن يتحدث بها أحد ما اليوم أمام الآخرين؟
– طفولتي ومرحلة شبابي كانت مختلفة تماماً، لم تكن كما يجب، فقد تحملت المسؤولية في عمر مبكر جداً. لذلك، لم يكن للأخطاء التي تذكر مكان في حياتي. في الأغلب كان الحذر والتوتر وتجنب الأخطاء أكثر ما يلازمني في تلك الفترة، وهي فترة عصيبة كنت فيها في تحدٍ مع ذاتي ونفسي وأيضاً كان المجتمع ونظرة المجتمع للفنانة والمشهورة تحتم عليّ الحذر الشديد، فأنا في غنى عن «زيادة الطين بلّة».
• ما الشيء الذي تحبين القيام به، لكن لكونك فنانة لا تستطيعين ذلك؟
– لا شيء، كما قلت اعتدت على ذلك وأعيش حالي حال الجميع وأفعل ما أشاء، فقد عودت جمهوري ومتابعيّ على احترام الخصوصيات، فلا أحد يتعدى ذلك.
• أي حياة تشعرين بأنها أفضل… ما قبل الشهرة أم بعدها؟
– أكرر، عمر الشهرة معي طويل وملازم نصف عمري الحالي، فلا أعتقد أن هناك أفضلية. لم أشعر بهذه المفارقة حتى الآن وإن لم أكن أنا قبل نصف عمري مشهورة، فكانت اختاي… وكوني أختهما الصغرى، فكنت أخت المشهورتين.
• متى قلتِ «ليتني لم أدخل المجال الفني»؟
– لو يعود الزمن إلى الوراء سأدخل المجال الفني أيضاً. أنا فنانة ولست مشهورة، وهناك فرق كبير.
• متى شعرت أن الفن أنقذك من شيء سيئ؟
– لم أعتبر المجال الفني منقذاً يوماً، إنما حلم وحققته، فكانت مواهبي تخنقني بكبتها تنتظر الانطلاق بجناحيها لأنه بدخولي المجال الفني حررت هند من القيود فطاقتي ومخزوني الموهبي كان كبيراً ويحتاج متنفساً.
• ما موقفك في حال كنت في مكان ما، ولم يتعرف عليك أحد؟
– لا شيء، أبتسم وأقتنص اللحظة وأعيشها بطبيعتي. لم أدخل المجال الفني ليعرفني الجميع، كما أن العديد من الناس غير متابع جيد للفن، وهناك من يمنعهم ذلك مجال عملهم من معرفة جميع المشاهير ومتابعة أخبارهم أو أعمالهم، ولا عيب في تعريف نفسك لشخص يجهل هويتك.
• في العادة، كيف تكافئين نفسك؟
– بأشياء كثيرة، أحب ذاتي كثيراً… أعطتني هند الكثير، فأحب تدليلها. أكافئها بالراحة وأخذ «بريك» وأفعل كل ما تحبه هند من سفر وراحة واستجمام.
• وفي المقابل، كيف توبخين نفسك إن أخطأت؟
– لا أحب توبيخ ذاتي، فأنا من الناس الذين يتعلمون من أخطائهم ولا أندم على قراراتي. لتهذيب الذات، يجب مراقبتها من دون توبيخ، لأنه قد ينقلني لمرحلة القسوة على الذات، وبالتالي لن أتعلم ولن أصحح أخطائي ولن أتقدم.
• ما الذي تغيّر في شخصيتك مع من هم حولك بعد دخول الفن؟
– لا شيء، لأنني منذ أن فتحت عيني وعائلتي من أسرة فنية.
• متى تنسين أنك فنانة؟
– لا يمكنني أن أنسى ذلك، لأن حياتي كلها مرتبطة بالفن.
• هل تشعرين أحياناً بانفصام في الشخصية بين شخصيتك الحقيقية والفنية؟
– لا، سبق وقلت إنني لا أتعامل مع شخصيتي الفنية بأنها شخصية غريبة عني أو منفصلة لأني لم أتصنعها. هي جزء لا يتجزأ مني ومندمجة مع شخصيتي. كبرنا معاً، فنحن كالتوأمان في جسد واحد. وأزيدك علماً بأنني أملك أكثر من هند داخل هند… هند المؤلفة وهند المعلمة وهند الفنانة وهند الأم والإنسانة، فليس هناك مكان للازدواجية، بل خليط من الشخصيات.
الراي