هيمنة كويتية في بطولة «لمّ الشمل»
رغبة بالتقارب بين منتخبات المنطقة وتجميعها في بطولة دورية، أبصرت كأس الخليج لكرة القدم النور عام 1970 في البحرين، فحظيت باهتمام لافت وارتفعت فيها وتيرة التنافس بين الجيران بصرف النظر عن فارق المستوى والجهوزية الفنية.
خلال عشاء عام 1968 في الرياض، طرح الأمير خالد الفيصل، مدير عام رعاية الشباب السعودية، على الشيخ البحريني محمد بن خليفة آل خليفة، رئيس الاتحاد البحريني المهتم باستضافة مباريات ودية للاندية والمنتخبات، فكرة عفوية بلمّ شمل منتخبات المنطقة في بطولة واحدة.
نالت ترحيباً من المسؤولين السياسيين فاحتضنت البحرين النسخة الأولى في 1970، بعدما عرضت الفكرة على رئيس الاتحاد الدولي «فيفا» الانكليزي ستانلي راوس في أولمبياد مكسيكو 1968.
اشتهرت بطولة الخليج في بداياتها، بوجود الثلاثي الإداري الشهير الأمير فيصل بن فهد رئيس الاتحاد السعودي، الشيخ فهد الأحمد رئيس الاتحاد الكويتي والشيخ عيسى بن راشد رئيس الاتحاد البحريني، حيث ساهموا في نهضتها من خلال تصريحاتهم القوية.
نُقل عن الشيخ فهد الأحمد قوله بعد غياب المنتخب السعودي عن إحراز اللقب، أنه لن يحققها إلا إذا أصبحت الكرة مربعة!. شاركت أربع دول في النسخة الافتتاحية، هي البحرين والسعودية والكويت وقطر بموجب إذن خاص من «فيفا» لعدم انضوائها تحت لوائه آنذاك.
توّجت الكويت بلقب أول نسخة بثلاثة انتصارات عن جدارة بعد ظهورها بمستوى عالٍ، ممهدة الطريق لسجل قياسي يتضمن عشرة ألقاب من أصل 24 نسخة.
على هامش الدورة الأولى، تقرّر اقامتها كل سنتين بدلاً من تنظيمها سنوياً، واحتفاظ المتوج ثلاث مرات بالكأس إلى الأبد، كما هي الحال في كأس جول ريميه القديمة للمونديال.
تبادلت المنتخبات المؤسّسة الاستضافة، شاركت الإمارات أوّل مرّة في 1972، سلطنة عُمان في 1974 والعراق في 1976، لكن الثابت الوحيد بقي الكويت المتوجة أربع مرات توالياً بين 1970 و1976.
قدّمت نجمها جاسم يعقوب واحتفظت بالكأس إلى الأبد.
مبارزة كويتية – عراقية
في مايو 1977، عُقد اجتماع لممثلي الاتحادات الخليجية في الامارات، فطُرح اقتراحان ينصّ الأوّل على اقامة الدورة كل ثلاث سنوات والثاني يتبنى إقامتها كل سنتين.
ونظراً لعدم اكتمال المنشآت الرياضية في الامارات، اعتذرت عن عدم احتضان الدورة الخامسة، فاستضافها العراق في 1979.
أحرز العراق مع هدافه حسين سعيد اللقب عن جدارة أمام الكويت التي منيت بخسارتها الأولى، فيما برز السعودي ماجد عبدالله.
تبادل العراق والكويت الألقاب حتى النسخة الحادية عشرة في قطر عام 1992 على استاد خليفة الدولي، حيث توّج العنابي مرة أولى، في ظل غياب العراق الممنوع من المشاركة بسبب حرب الخليج الثانية.
فورة سعودية
دخلت السعودية على خط الألقاب فتوّجت ثلاث مرات بين 1994 و2004، فيما راح لقبان للبطل الاعتيادي الكويت في 1996 و1998 بفعل تألق جاسم الهويدي وبدر حجي.
في 2003، شارك اليمن للمرة الأولى، بقرار من قادة دول مجلس التعاون الخليجي، لكن نصيبه كان المركز الأخير بنقطة واحدة من ست مباريات.
اللقب الثاني لقطر أحرزته أيضاً على أرضها في 2004، عندما عاد العراق للمشاركة، فيما انتظرت الإمارات حتى 2007 لتظفر بلقبها الأول في أبوظبي بهدف نجمها اسماعيل مطر في النهائي ضد عُمان.
وللمرة الثالثة توالياً توّجت الدولة المضيفة، عندما أحرزت عُمان اللقب الأول في 2009 على حساب السعودية، معوضة خيبة الخسارة مرتين في النهائي.
اتجهت البطولة إلى اليمن للمرة الأولى نهاية 2010، رغم شكوك حول اقامتها بسبب الأوضاع الأمنية، وهناك عزّزت الكويت مع فهد العنزي وبدر المطوّع رقمها القياسي محرزة لقبها العاشر.
الأبطال الجدد
أظهر منتخب الإمارات بقيادة المدرب مهدي علي تطوّره، فزحفت جماهيره جواً وبحراً لدعم زملاء عمر عبد الرحمن في رحلة التتويج بلقب 2013 في البحرين.
رفعت قطر ألقابها إلى ثلاثة على حساب المضيفة السعودية نهاية 2014 بحضور جماهيري كبير في الرياض، فتوجت للمرة الأولى خارج أرضها.
وأحرزت عُمان لقبها الثاني مطلع 2018 في الكويت، وبركلات الترجيح أيضاً، عندما تألق حارسها فايز الرشيدي في النهائي ضد الإمارات.
وفي بطولة كان من المفترض ألا يشارك فيها على خلفية انقطاع العلاقات الدبلوماسية مع قطر المضيفة، قبل أن يعود عن قراره، تُوّج المنتخب البحريني بلقبه الأول نهاية 2019 على حساب السعودية بهدف.
انسحابات وعقبات سياسية
لم تكن تلك العقبة السياسية الأولى في تاريخ البطولة، فقد شهدت سلسلة انسحابات في تاريخها. سجّلت البحرين أول حالة انسحاب في 1972 خلال مباراتها ضد السعودية بسبب سوء التحكيم، فألغيت نتائجها.
في النسخة الرابعة عام 1976 في قطر، هدّدت المضيفة بالانسحاب لاعتراض المشاركين على وجود لاعبين غير قطريين في صفوفها، وبعد مد وجزر استبعد اللاعبان وهم حسن مختار وجمال الخطيب.
في اليوم التالي لافتتاح النسخة السادسة عام 1982، تسلّم رئيس الوفد العراقي رسالة من الرئيس صدام حسين طالبه فيها بالانسحاب لمصلحة نظيره الكويتي الذي كان يستعد حينذاك لتمثيل الكرة الخليجية في مونديال إسبانيا عام 1982.
وفي البحرين عام 1986، غاب نجوم العراق أمثال أحمد راضي وعدنان درجال وحسين سعيد، لادخار جهودهم لمونديال المكسيك، ما سهّل مهمة الكويت في استعادة اللقب.
وفي النسخة العاشرة في الكويت عام 1990، اعتذرت السعودية عن عدم المشاركة قبل انطلاقها بأيام، ثم انسحب المنتخب العراقي قبل نهايتها بعد خوضه ثلاث مباريات وذلك احتجاجاً على التحكيم، وكانت آخر دورة يشارك فيها قبل الغزو العراقي للكويت في اغسطس 1990، قبل عودته في 2004.
المصدر.. جريدة الجريدة