خلال أحد اجتماعاته في العام 2011 مع نائب الرئيس الصيني وقتها شي جين بينغ، رحّب جو بايدن الذي كان يشغل المنصب نفسه في الولايات المتحدة، بالاتجاه الذي كانت تسلكه العلاقات بين واشنطن وبكين، لكن منذ ذلك الحين، تغيّر الوضع.
وقال بايدن لرجال الأعمال الذين أتوا للقاء نائبَي الرئيسين الأمريكي والصيني في أحد فنادق بكين آنذاك إن “مسار العلاقة إيجابي”، معرباً عن “تفاؤله الكبير بشأن الـ 30 عاماً المقبلة”.
ولكن الآن، وبعد أكثر من عقد بقليل من ذلك اللقاء، يستعد شي وبايدن اللذان أصبحا رئيسين، للاجتماع مجدداً، في إطار علاقات غير إيجابية، وفيما لا يبدي أي مسؤول سياسي أمريكي تفاؤلاً بشأن شي، أقوى زعيم للصين منذ عقود والذي أمّن فترة ولاية ثالثة تاريخية للتو.
وسيعقد بايدن وشي محادثات الإثنين المقبل على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي في وقت يتصاعد فيه القلق الأمريكي، فقد أصبحت الصين في عهد شي، على حد تعبير وزير الخارجية أنتوني بلينكن “أكثر قمعاً في الداخل” و”أكثر عدوانية في الخارج” مع استحالة تهديد الصين بغزو تايوان أكثر جدية.
وسيكون هذا أول اجتماع حضوري بين الرئيسين الأمريكي والصيني منذ محادثات مع دونالد ترامب في العام 2019 مع شي الذي استأنف الرحلات الخارجية أخيراً بعد الوباء، ولكنّ بايدن وشي يعرفان بعضهما بعضاً، وقد تحدثا عبر الهاتف أو عبر الفيديو 5 مرات منذ دخول الرئيس الديموقراطي البيت الأبيض في العام 2021، إلا أن علاقتهما أعمق بكثير.
عندما كان شي نائباً للرئيس، سافر بايدن إلى الصين عام 2011 ودعا نظيره لاحقاً للقيام بجولة في الولايات المتحدة، وقال بايدن إنه كنائب للرئيس أمضى 67 ساعة مع شي، كجزء من جهد إدارة باراك أوباما آنذاك لفهم الزعيم الصيني الصاعد، أو التودد إليه.
ومنذ ذلك الحين، يقدّر المسؤولون والخبراء الأمريكيون أن شي الذي يبلغ 69 عاماً لا يرغب في أن يكون أكثر اعتدالاً، نظراً إلى أن اللجنة المركزية الجديدة للحزب الشيوعي الصيني مؤلفة من متشددين.
وقالت يون صن، المتخصصة في الشؤون الصينية في مركز ستيمسون في واشنطن “كنا نعلم أن شي جين بينغ سيبقى في منصبه، لكنني أعتقد أن الناس ما زالوا مندهشين من أن شي جين بينغ لم يترك مكاناً لبعض خصومه السياسيين”، وأوضحت أنه مع انتهاء مؤتمر الحزب، أصبح لدى شي الآن مساحة ومرونة أكبر للتركيز على مساعيه الدولية من أجل تقوية نفوذ الصين.
واعتبر كل من بايدن وترامب الصين المنافس الدولي الأكبر للولايات المتحدة، لكن فيما هاجم ترامب الصين في كل شيء من التجارة إلى كوفيد-19، دعم بايدن المحادثات بشأن مجالات التعاون الضيقة.
وقال بايدن للصحافيين الأربعاء الماضي إنه سيتحدث إلى شي بشأن “الخطوط الحمراء” لكل بلد على أمل تجنب صراع، ومن بين الخطوط الحمر للصين، تايوان، الديموقراطية المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تقول بكين إنها جزء منها، حيث أجرت بكين تدريبات عُدت تجربة لهجوم احتجاجاً على زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في أغسطس(آب) الماضي.
وقال بايدن في ثلاث مناسبات إن الولايات المتحدة ستدافع عسكرياً عن تايوان إذا هاجمتها الصين، في ما بدا أن البيت الأبيض بدأ يتراجع عن استراتيجية “الغموض الاستراتيجي” التي يتمسك بها منذ فترة طويلة.
وفي السر، رحّب بعض حلفاء الولايات المتحدة بالنهج الأكثر تشدداً تجاه بكين، خصوصاً في ما يتعلّق ببحر الصين الجنوبي حيث انتقلت واشنطن من الحياد إلى الدفاع عن مطالبات دول جنوب شرق آسيا العديدة، وقال دبلوماسي كبير مقيم في واشنطن من بلد آسيوي حليف للولايات المتحدة “هناك شعور منتشر على نطاق واسع بأن الولايات المتحدة قد فهمت أخيراً طبيعة التهديد”.
كما اتخذت واشنطن الخطوات الأولى مع حلفائها بشأن فكرة لم يكن من الممكن تصورها في السابق، بأن تصبح أقل اعتماداً اقتصادياً على الصين، وقال مات غودمان، نائب الرئيس الأول للاقتصاد في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية “ما تقوم به الولايات المتحدة للابتعاد (عن الصين) على الأقل في مجال التكنولوجيا، قد يؤدي إلى تغيير الحسابات الخاصة بالدول الآسيوية الأخرى”.
وكذلك، أعرب بايدن عن أمله في التعاون مع الصين، أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون، بشأن قضية تغير المناخ، فيما قال مسؤولون اليوم السبت إن بايدن سيضغط على شي بشأن كوريا الشمالية، الحليف الصيني الذي أطلق وابلاً من الصواريخ في الأسابيع الأخيرة.
ولكنّ يون تشك في التزام الصين، قائلة إن شي يرى أن التعاون جزءاً من صفقة، وأوضحت “مع كون المنافسة النقطة الرئيسية لسياسة الولايات المتحدة تجاه الصين، فلم تتعاون الصين؟”.