ابتكر المطور القطري، عبد الرحمن خميس، سجادة صلاة رقميّة، أسماها “سجدة”. وحصدت السجادة منحة من “واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا”، لكنها ليست المحاولة الأولى لرقمنة سجادة الصلاة. ففي عام 2010، أثار المبتكر التونسي حمادي الأبيض جدلاً في بلاده لتطويره سجادة ضوئية تحتسب عدد الركعات. وفي عام 2015، نسب لمطوّر داغستاني يدعى إلدار كليتشيف ابتكار سجاد صلاة تحتسب عدد الركعات. وفي العام ذاته، ابتكرت الطالبة الفلسطينية، رند عبد المجيد، سجادة صلاة الكترونية تحتوي على شاشة تساعد المصلين بالعدّ.
المحاولات المتواصلة لإيجاد وسيلة رقميّة لعدّ الركعات، دليل على وجود حاجة، وذلك ما استند إليه عبد الرحمن خميس، حين بدأ بتطوير “سجدة”، عبر شركة “ذكاء تكنولوجيز” التي أسسها برفقة زميله عبد العلي من الهند. وشارك مشروع “سجدة” عام 2019 في برنامج “نجوم العلوم”، وتنافس مع مشاريع من دول أخرى، ونال المرتبة الثالثة في التصفيات النهائية.
في العام ذاته، تكثّفت بالنسبة لخميس فكرة تطبيق ذكيّ لتعلّم الصلاة، بعد مراقبته تبعات مذبحة كرايستشرش في نيوزلندا التي أودت بحياة 51 شخصاً. ويقول خميس أن “الهجومين الشهيرين على مسجد ومركز إسلامي في المدينة النيوزيلندية، لفتا نظر كثر إلى الدين الإسلامي، وحفّزا البعض على اعتناقه. ولاحظت خلال تلك الفترة إنّ المسلمين الجدد الذين حاولوا تعلّم الصلاة، كانوا يستخدمون طرقاً بدائية، منها وضع ورقة بحجم سجادة على الأرض، يرسمون عليها الحركات والتعليمات”.
هكذا، ولدت فكرة “سجدة”، وهي أداة تعليمية، كما يصفها مطوّرها. تتألف السجادة من قطعة نسيج باللون الكرزيّ، تحتوي على شاشة مخفيّة، وسماعات، إلى جانب 2300 مجسّ لتحديد حركة المصلّي، وقياس ركعاته وسجداته. وتستهدف السجادة الذكيّة بشكل أساسيّ المسلمين الجدد الذين لم يولدوا في عائلات أو بيئات مسلمة، ولا يفهمون اللغة العربية، ويحتاجون إلى تدريب في فترات تعلّم الصلاة الأولى.
يقول خميس: “في بيئتنا المسلمة، يتعلّم الطفل الصلاة من الناس حوله، وبين المسجد والمسجد هناك مسجد. لكن مع انتشار فيروس كورونا، خلقت حاجة جديدة لتعليم الصلاة للأولاد في المنزل، مع اقفال الكثير من دول العبادة”. ويضيف: “وفي الدول حيث لا يشكّل المسلمون أغلبية، قد يجد الأهل صعوبة في إيجاد مسجد قريب، لذلك يمكنهم تعليم الصلاة لأولادهم في البيت، من خلال تطبيق هاتفي يسهّل على الطفل الفهم، ويساعد الأهل على تتبع أخطائه وتصحيحها”.
ومع الوقت، وجد أن ابتكاره مفيد لفئات أخرى، تواجه تحديات خلال الصلاة، ومن بينهم “الراغبون بختم القرآن خلال شهر رمضان، أو كبار السنّ الذين يواجهون مشاكل في الذاكرة، أو ذوو الاحتياجات الخاصة الذين يواجهون صعوبات في التعلّم، وأي شخص يريد أن يمسك المصحف خلال الصلاة، فيضيّع الصفحات أو يتشتت خلال السجود والركوع”.
ويتألف فريق “سجدة” من عبد خميس، وشريكه الهندي عبدول علي الذي يتولّى الجانب التسويقي، ويخبرنا أنّهم يسعون للتواصل مع مؤثرين على مواقع التواصل، وقادة مسلمين في مجتمعاتهم، لإيصال فكرتهم إلى من يحتاجونها. لكن السجادة الذكية قد تخلق إشكاليات شرعيّة، خصوصاً أنّها تحتوي على شاشة، ما قد يؤثّر على الخشوع أثناء الصلاة. كما أنّها تظهر الآيات القرآنية، ما قد يثير أسئلة حول إمكانية وضعها على الأرض.
يقول عبد الرحمن خميس أنه استشار عدداً من رجال الدين خلال مراحل تطوير المشروع، وقالوا له “أن لا مشكلة في السجادة، خصوصاً أنّها أداة تعليمية”، بحسب تعبيره. ويضيف: “إنّها أشبه بمدرّب شخصي، يساعد في ضبط الحركات بشكل سليم”. من ناحية ثانية، فإنّ وضع السجادة على الأرض “ليس فيه مشكلة شرعية، لأنّها ليست مصحفاً، وبالتالي هي تشبه تطبيقات القرآن الكريم على الهاتف”، بحسب خميس.
ويقول مطوّرو “سجدة” أن الهدف منها ليس استبدال سجادة الصلاة التقليدية، بل أن تكون أداة مساعدة، حتى بالنسبة لمن يتقنون الصلاة. لهذا، زوّدوا التطبيق بخصائص تساعد على قراءة القرآن لمن لا يجيدون العربية، وعلى تعليمهم نطق الصلاة بشكل صحيح. إضافة إلى ذلك، يحتوي التطبيق على أكثر من 30 نوع صلاة، لمن لا يحفظونها، مثل صلوات العيد، وصلوات الكسوف والخسوف، وبعض الأدعية التي لا يحفظها الجميع.