عبدالعزيز الحداد: لا يضير المسرح أن يكون بلا احتفال هذا العام

قاعات خاوية وأعمال مؤجلة وأفكار حبيسة الأدراج في انتظار انجلاء الغمة، هذا هو حال المسرح، بعد أن ألقت جائحة كورونا بظلالها على جميع نواحي الحياة، وتسبَّب فيروس لا يُرى بالعين المجرَّدة في شلل شبه تام للقطاع الأكثر رواجاً في العالم. مسرحيون وفنانون تحدثوا عن واقع المسرح حالياً، وأجمعوا على أن «كورونا» أفقد «أبوالفنون» الوجه الباسم، ولم يتبقَّ إلا الوجه الحزين يشكو الوحدة.

قال الكاتب والمخرج بدر محارب: «حلَّت علينا هذا العام، وككل عام، في 27 مارس الماضي، مناسبة اليوم العالمي للمسرح، لكنها في هذا العام (2020) كانت حزينة جدا، بسبب تفشي وباء كورونا في كل العالم».

وتابع: «في هذا العام سقط الوجه الضاحك من شعار المسرح، ليبقى بوجه واحد، وهو الوجه الباكي، الذي تتساقط دموعه حزنا على كل مَن رحل عن عالمنا هذا بغتة بسبب الفيروس. نتضامن مع أقارب الضحايا وأحبائهم، وأتمنى لأهلي وأصحابي وللجميع الصحة والعافية من هذا الوباء».

ضحايا «كورونا»

من جانبه، رأى رئيس مجلس إدارة فرقة المسرح العربي المخرج أحمد فؤاد الشطي، أن «2020 سنة استثنائية للبشرية، وللفنان عموماً، وبشكل خاص الفنان المسرحي. لا نملك أن نقف على خشبة المسرح الآن، وتتوهج إضاءته، وتضج الصالة بالجمهور. في هذه اللحظات تعتصر قلوبنا هنا وهناك، لنشارك مئات الآلاف من ضحايا هذا الفيروس آلامهم، سواء بالمرض، أو فقد عزيز. علينا الدعاء لهم، متوسلين لله أن يعجِّل بشفائهم، وأن يرحم مَن توفي منهم».

وأضاف: «في القادم من الأيام من واجب الفنان تجسيد معاناة وآلام ضحايا هذا المرض، والانتصار للإنسان ولكرامته، بغض النظر عن عرقه أو دينه أو جنسيته أو أي انتماء كان. في هذه السنة الاستثنائية نقف مشدودين أمام هذا المشهد الدرامي الحي، آملين أن تنتهي معاناة الجميع، حتى نعاود الصعود على خشبة المسرح، بحضور الجمهور».

رسالة موجزة

بدوره، قال الفنان عبدالعزيز الحداد: «اعذرني أيها المسرح، فلا أستطيع أن أحييك من فوق الخشبة، ظروف هذه الأيام لا تسمح، فتقبل مني رسالة موجزة، وهي بأي حال جئت يا عيد، فدورك أيها المسرح النبيل أصبح أكبر وأثقل مسؤولية، فمهمتك هي إيصال الرسائل للناس، لكن الناس تغيَّرت، فعليك أن تجدد رسالتك، لأن المتلقي في أمسِّ الحاجة إليك، ولا يضيرك أن تكون بلا احتفال في هذا العام، فمنذ 60 عاما والجميع يحتفل بك. أما اليوم، فالحياة كلها تغيَّرت، حتى المبادئ الموروثة، ورسالتك أعظم، وعليك إدراك هذا التغيير وتهذيبه بروحك المرحة وثقافتك العالية وأجوائك الممتعة».

وأردف: «أنت تعلم يا سيدي المسرح أنني أرفع القبعة لدورك وأهميتك في الحياة، فعليك أن تشاركني خوفي وجزعي مما أنا فيه الآن وتعذرني، فاستلهم القصص واعرض للتاريخ مليون مسرحية للأجيال المسرحية اللاحقة، بأن قوة خافية أتت للكون، وليس لأحد على الأرض قوة ولا حول عليها إلا الله بجلاله وعظمته».

واقع حزين

من جهته، ذكر رئيس مجلس إدارة فرقة المسرح الشعبي د. نبيل الفيلكاوي، أن «المسرح اليوم حزين، حال واقعنا ومجالات الثقافة والفنون والآداب. المسرح يمر بأزمة حادة، وهي توقف الأنشطة، بسبب فيروس كورونا، الذي أصاب العالم، فأصبحت صالات العروض خالية، والمهرجانات أرجئت حتى إشعار آخر، لتتوقف العروض والبروفات، وكل ما يتعلق بالمسرح أصابه الجمود، بل توقف الإبداع ككل. المسرح في يومه العالمي مريض، ونتمنى أن ترجع له الحياة بعد زوال هذه الغمة، ليعود ويستقبل رواده مجددا».

فيما أكد المخرج عبدالعزيز صفر، أن «المسرح أكثر المتضررين في الكوارث والحروب، لأنه ملتقى المبدعين والجمهور، وأتمنى بعد عبور تلك الكبوة إعادة قراءة كيفية تقديم الخطاب المسرحي للجمهور. أتطلع إلى أن تكون الأعمال جادة، وسوف أعمل وفق هذا المنهج، لأقدِّم أعمالا أكثر جدية في الطرح والخطاب والكوميديا، لأن ما نعيشه من أوضاع خيَّم عليها العنصرية والطائفية، في وقت نحن بأمس الحاجة للتكاتف لنحمي أنفسنا».

مهدد بالدمار

وأضاف: «كان مستغربا أن الكوكب مهدد بالدمار، بسبب كورونا، فيما البعض يتبنى خطابا عنصريا، ويفرِّق بين الناس على حساب جنسيتهم وطائفتهم أو مهنتهم. للأسف، هناك مَن يتهم وينتقد ويروِّج للشائعات لإرهاب الناس. أعتقد أننا بحاجة لإعادة التفكير في تركيبة المجتمعات العربية، من خلال تغيير الخطاب المسرحي».

 

 

 

 

الجريدة

Exit mobile version