بعد ما أثاره نظام التوثيق الجديد عبر تويتر من تململ لدى المستخدمين حول العالم عند بدء تطبيقه قبل أيام، بدا الوضع أكثر تعقيدًا مع عودة العلامات الزرقاء الشهيرة إلى حسابات بعض الوسائل الإعلامية أو الشخصيات، حتى دون موافقة أصحابها.
وغرد مغني الراب الأمريكي ليل ناس إكس، الذي تظهر على حسابه علامة التوثيق الزرقاء: “أقسم بأني لم أدفع مقابل الاشتراك بـتويتر بلو، ستشعرُ بغضبي يا رجل تيسلا” (في إشارة إلى إيلون ماسك الذي يملك أيضًا الشركة المتخصصة في السيارات الكهربائية).
وبعدما كانت سابقًا مجانية وتشكل ضمانة لأصالة الحسابات وشهرة أصحابها، باتت العلامة الزرقاء تعني أن المستخدم مشترك في “تويتر بلو” (مقابل 8 دولارات شهريًّا)، وأنه تم التحقق من رقم هاتفه بواسطة النظام الأساس.
يوم الخميس، فقدت الحسابات التي كانت تحمل الشارة الزرقاء القديمة هذه العلامة، لدى المستخدمين الذين لم يدفعوا مقابل الخدمة الجديدة، عملاً بالإستراتيجية التي وضعها إيلون ماسك خلال الشتاء للتحقق من الحسابات وتحقيق إيرادات إضافية.
لكنّ جزءًا ضئيلًا من أصحاب العلامات الزرقاء القديمة، أي أقل من 5% من 407 آلاف حساب معني، اشتركوا بـ”تويتر بلو”، وفق الباحث ترافيس براون.
وخلال يومي الجمعة والسبت، وجد عدد متزايد من الشخصيات العلامة الزرقاء مرفقة بحساباتهم، على ما يبدو دون اتخاذ أي إجراء من جانبهم، مثل الكاتب ستيفن كينغ، وبطل الدوري الأمريكي للمحترفين في كرة السلة ليبرون جيمس، والرئيس السابق دونالد ترامب.
“كلا تعني كلا”
وكتبت الصحافية المتخصصة في شؤون التكنولوجيا كارا سويشر على تويتر السبت “كلا تعني كلا يا رفاق”، موضحة أن حسابها تعرض لـ”توثيق قسري” دون “موافقتها”.
وبعد ساعة من إعلانها أنها لن تدفع “ثمانية دولارات شهريًّا مقابل علامة زرقاء وأدوات تافهة”، أضافت سويشر “يحتاج الناس إلى أن يعرفوا: هل يحبني إيلون لشخصي أو من أجل الـ1.49 مليون متابع على حسابي؟”.
وقد حرص الكثير من المستخدمين الذين وُثقت حساباتهم رغمًا عنهم على التأكيد أن لا علاقة لهم بالموضوع، بعدما باتت العلامة المثيرة للجدل رمزًا لدعم إيلون ماسك.
وقال الكاتب ريك ويلسون: “يرجى ملاحظة أنني لم أشترك في +تويتر بلو+، على الرغم من ظهور العلامة الزرقاء مجددًا (على حسابي) لسبب غامض”.
كذلك كتب الخبير الاقتصادي التقدمي الحائز جائزة نوبل بول كروغمان، الذي سخر من “اندفاع إيلون ماسك الخارج عن السيطرة” في تموز/يوليو الماضي، السبت “ليس لدي أي علاقة بالأمر وأنا بالتأكيد لا أدفع”.
وردّ رئيس تويتر وتيسلا وسبايس اكس، بصورة تظهر طفلًا ملطخًا بصلصة الطماطم، وهو يبكي أمام طبق من المعكرونة ويرتدي مريلة عليها علامة التوثيق الزرقاء.
وكان ماسك أشار الجمعة إلى أنه “دفع بنفسه مقابل بعض الاشتراكات”.
توثيق حسابات لأموات
وحصلت حسابات لأشخاص متوفين، مثل الشيف الأمريكي الشهير أنتوني بوردان، على الشارة الزرقاء الجديدة.
كما ظهرت العلامة على حسابات رسمية عدة تابعة لوسائل إعلامية، بما يشمل حتى صحيفة نيويورك تايمز التي فقدت علامة التوثيق في أوائل نيسان/أبريل بعد أن وصف إيلون ماسك المعلومات التي تنشرها بأنها من ضروب “الدعاية”.
وتظهر على حسابات بعض المؤسسات الإخبارية الكبرى شارة ذهبية مخصصة “للمنظمات التي تم التحقق منها” والتي تدفع ما لا يقل عن ألف دولار شهريًّا.
لكنّ الإذاعة الأمريكية العامة (ان بي ار) ومجموعة “سي بي سي – راديو كندا” الإعلامية الكندية العامة لم تستأنفا التغريد بعد حتى السبت.
وعلقت هاتان المؤسستان الإعلاميتان أخيرًا أنشطتهما على تويتر احتجاجًا على العلامات التي أرفقتها الشبكة بحساباتهما، إذ صنفتهما بأنهما من “وسائل الإعلام الممولة من الحكومة” أو “التابعة للدولة”، وهي مصطلحات كانت محفوظة سابقًا لوسائل الإعلام غير المستقلة الممولة من الحكومة.
يوم الجمعة، أزالت المنصة المملوكة من إيلون ماسك هذه العلامات، حتى عن حسابات الوكالة الصينية الرسمية “شينخوا” (الصين الجديدة) أو “ار تي” الروسية.
وسألت كارا سويشر السبت “هل كان الغرض الحقيقي من كل هذه الضجة بشأن (الإذاعة الأمريكية العامة) “ان بي ار” مساعدة الصين وروسيا؟”، مضيفة “يبدو أنه من خلال إزالة العلامات من وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة، تساعد تويتر في الدعاية” السياسية لهذه الأنظمة.