د.دانة علي العنزي: أبعاد الأمن القومي (1-2)
على ضوء المفهوم الشامل للأمن، الذي يعني تهيئة الظروف المناسبة والمناخ المناسب للانطلاق بالاستراتيجية المخططة للتنمية الشاملة، بهدف تأمين الدولة من الداخل والخارج، بها يدفع التهديدات باختلاف أبعادها، بالقدر الذي يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر له أقصى طاقة للنهوض والتقدم، تتعدد أبعاد الأمن كالتالي:
أولها: البعد العسكري والذي يتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة.
ثانيا: البعد الاقتصادي الذي يرمي إلى توفير المناخ المناسب للوفاء باحتياجات الشعب وتوفير سبل التقدم والرفاهية له.
ثالثا: البعد الاجتماعي الذي يرمي إلى توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء.
رابعا: البعد القيمي الذي يؤمن الفكر والمعتقدات ويحافظ على العادات والتقاليد والقيم الخاصة بالمجتمع.
خامسًا: البعد الدولي الذي يهدف لتحسين وضع الدولة عالميا بحيث تتمتن علاقاتها مع دول الحدود والجوار والبعد الإقليمي، وتتطور علاقة الدولة مع المنظمات الدولية بما يعود بالنفع على الاقتصاد الداخلي، ويمكن تفصيل هذه الأبعاد على النحو التالي:
1 – البعد العسكري للأمن القومي:
يركز البعد العسكري للأمن القومي على حماية استقلال الدولة وسلامة أراضيها ضد أي عدوان قد يقع عليها، عن طريق تدريبها وتسليحها بالأسلحة الحديثة، والاهتمام بخطط الدفاع سواء في أوقات النزاع، أو في وقت السلم وإعداد الخطط الدفاعية والدراسات اللازمة لمواجهة الأخطار المحتملة أو المتوقعة، بالإضافة إلى ارتباطها بمجموعة من مواثيق الدفاع القادرة على ردع أي عدوان قد تتعرض له.
وعادة ما يكون البعد العسكري في سياسة الأمن القومي للدول الصغرى مقتصرا على دعم قدرة الدولة دفاعا عن النفس في مواجهة ما يمكن أن تتعرض له من أي عدوان.
أما الدول ذات السياسات التوسعية، فتستغل قدراتها العسكرية لتهديد الدول الأخرى أو العدوان عليها، وتسعى إلى زيادة نفوذها من خلال مجموعة من مواثيق الدفاع أو التحالفات العسكرية مع غيرها من الدول التي يكون الهدف المعلن منها هو الدفاع عن النفس.
ويركز هذا البعد على دور ومهام القوات المسلحة للدولة في حماية الدولة ضد أي تهديد مسلح خارجي يهدد حدودها وسلامة أراضيها، أما دورها الخارجي فهي أن تكون قوة يدركها العالم الخارجي ويقتنع بأنها قادرة على الحفاظ على مصالحها وتحقيقها في حالة الاضطرار لاستخدام القوة، أو العمل كقوة رادعة للقوى المعادية دون أن تقوم بالفعل باستخدام القوة، الأمر الذي يلقي بمسئولية تحقيق الأمن القومي على عاتق الجيوش وأجهزة المخابرات التابعة للدولة.
وتجدر الإشارة إلى أن أثر القدرة العسكرية للدولة لا يقتصر على المسائل المرتبطة بالدفاع عن الدولة فحسب، فمن الواضح أنه لا يمكن إنكار أهمية ما تملكه الدولة من قوة عسكرية حتى في مجال المفاوضات السياسية التي تختلف على حسب القدرات العسكرية في كثير من الأحيان، فمن يمتلك القدرات النووية ليس كغيره.
2 – البعد الاقتصادي للأمن القومي:
يعني البعد الاقتصادي للأمن القومي بتطوير اقتصاد الدولة في شتى المجالات حتى لا تكون تابعا لدولة أخرى تهيمن عليها. ويعني الأمن القومي من المنظور الاقتصادي تنمية وازدهار واستقرار الاقتصاد والاكتفاء الذاتي والرفاهية، وبالتالي فهناك علاقة بين درجة الاستقرار والوضع الاقتصادي للدولة التي يجنبها الضغوط الخارجية، فالأمن لا يقتصر على الجانب السياسي أو العسكري وإنها تتنوع أبعاده وفي مقدمتها البعد الاقتصادي.
ويعد البعد الاقتصادي للأمن القومي ذات أهمية لارتباطه بتوفير احتياجات الدولة الاقتصادية أو بقدرتها تجاه الدول الأخرى، وقد تتمثل هذه الإمكانيات فيما تملكه الدولة من رؤوس أموال، أو خبرة، أو منتجات مصنعة، أو مواد أولية، أو أسواق لامتصاص التجارة ورؤوس الأموال، وبالتالي تسعى الدولة لزيادة قدرتها الصناعية وتعمل على توفير المواد الخام أو المواد الغذائية اللازمة، ورفع كفاءة العاملين في المجالات الصناعية، بالإضافة إلى دعم قدرتها المالية للوفاء بالتزاماتها المالية دون المساس باحتياجات الدولة الأساسية، كما يشمل البعد الاقتصادي العلاقات الداخلية والخارجية بما في ذلك تطوير إمكانيات التطور العلمي لوسائل الإنتاج، وذلك عن طريق استغلال العوامل الاقتصادية لمباشرة النفوذ في ميدان العلاقات الدولية.
د.دانة علي العنزي
دكتوراه في العلاقات السياسية الدولية
I got what you intend, regards for posting.Woh I am delighted to find this website through google.