مشاركة متميزة لأطباء الكويت بمؤتمر الجمعية الدولية للجهاز الحرَكي بالعاصمة اللبنانية بيروت
استضافتْ العاصمة اللبنانية بيروت على مدى يومين متتالييْن المؤتمر السنوي الرابع عشر للجمعية الدولية للجهاز الحركي The International Musculoskeletal Society I.M.S، برعاية وحضور وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور فراس أبيض، وبمشاركة أطباء ووفود و خبراء من الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط.
وكانت لدولة الكويت هذه السنة مشاركة فاعلة في المؤتمر عبر رئيس رابطة جراحي العمود الفقري في الكويت د. عبد الرزاق العبيد وعدد من اختصاصيي جراحة العمود الفقري إضافة الى أطباء متدربين ساعين للحصول على شهادة اختصاص Board Review Course.
وجاء إصرار الجمعية على عقد مؤتمرها السنوي في لبنان تأكيداً على حرصها على دعم القطاع الطبي اللبناني الذي يعاني تداعيات الأزمات الصحية والاقتصادية والسياسية التي تقبض على هذا البلد منذ أعوام.
وقد تأسست الجمعية الدولية للجهاز الحركي عام 2008 بتضافر جهود رئيسها رئيس قسم جراحة العمود الفقري في مستشفى بوسطن الجامعي في الولايات المتحدة الدكتور طوني تنوري، والمُحاضِر في جامعة توليدو الأميركية وأمين صندوق الجمعية الدكتور حسان سرحان، ورئيس قسم أمراض العظام والمَفاصل في مستشفى الجعيتاوي سابقا وأمين سرّ الجمعية الدكتور رجا شفتري.
ويُعتبر المؤتمر في طليعة المؤتمرات في العالم العربي الذي يَعتمد تقنية تطبيق آخِر التحديثات المستجدة في جراحة العظام والمَفاصل والعمود الفقري من خلال تنظيم دورات تدريبية للأطباء المشاركين على أحدث التقنيات وآخِر التطورات الطبية في مجالات الجهاز الحركي كافة، من جراحة العظام إلى جراحة الأعصاب بتقنيات الجراحة الذكية، وهي دورات تحضيرية للأطباء الشباب لحيازة شهادة الاختصاص Board Review Course بالتعاون مع الجمعية الأميركية لجراحة العظام، وتَبادُل الخبرات على هامش المؤتمر الذي تم خلاله تقديم محاضرات وأوراق علمية شارك فيها أطباء من دولة الكويت.
«الراي» التقت برئيس الوفد الكويتي د. عبد الرزاق العبيد رئيس رابطة جراحة العمود الفقري الكويتية وعضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لجراحة العظام، وعن المشاركة الكويتية قال: «تمّ تقديم أوراق علمية قيّمة ودراسات طبية في مجال جراحة العمود الفقري، وكانت مشاركة ناجحة جداً بحضور أطباء مختصّين من الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى، وشكّل المؤتمر فرصة لتبادل الخبرات في مجال جراحة العمود الفقري».
المشاركة الكويتية في المؤتمر وفق ما يقول د. العبيد تمحورت حول تطوير التعليم الطبي واعتماد التقنيات الجراحية الحديثة التي ترتكز على التدخل المحدود، إضافة الى مناقشة دراسات وأوراق علمية، مؤكداً «أن للكويت دوراً بارزاً في مجال جراحة العمود الفقري وتصدر منها دراسات تضعها في مصافٍ متقدم في هذا الاختصاص».
وكان د. العبيد ركّز في الكلمة التي ألقاها في حفل الافتتاح على أهمية التعليم الطبي وضرورة نقل الخبرات التي يتلقاها الأطباء المختصون في الخارج الى بلادهم و بالأخص الى الأطباء المتدرّبين من خلال ورش عمل تنقل الخبرة من جيل الى آخَر ومن دولة الى أخرى.
وكشف أنه تم ترشيح دولة الكويت لاستضافة مؤتمر الجمعية العربية لجراحة العمود الفقري في فبراير 2024 بالمشاركة مع رابطة جراحة العمود الفقري الكويتية ومشاركة منظمات دولية.
وقد تلقى د. العبيد درعاً تكريمية كعربون شكر وتقدير من الجمعية السورية للجراحة العظمية خلال حفل افتتاح المؤتمر.
الوصول بالمريض الى بَرّ الأمان
وقال د. محمد الدغيم، رئيس جراحة المخ والأعصاب في مستشفى واره في الكويت والمتخصص في جراحات الدماغ والعمود الفقري وعلاج الألم، لـ «الراي» عن مشاركته في المؤتمر: «إنها فرصة لتَبادُل الخبرات والتعلم من الزملاء حول آخِر المستجدات في جراحة العمود الفقري. فالطب بكافة اختصاصاته من العلوم التي تتطوّر وتتغيّر بسرعة، والبقاء على اطلاع على كافة المستجدات يُعتبر محورياً في تقديم الرعاية الطبية المُناسِبة لمرضانا. والتعامل مع كل حالة على حدة مهمّ للغاية، والمعرفة بالطرق الجراحية المختلفة تمكّن الجراح من اختيار الطريقة الملائمة لحالة المريض. ورغم التطور الحاصل في مجال جراحات المخ والعمود الفقري إلا أن الجراحات التقليدية تبقى مهمة في بعض الحالات مع أننا أصبحنا أكثر ميلاً للتدخل المحدود عندما يكون ذلك ممكناً».
ونغوص أكثر مع د. الدغيم عن دور جراح العمود الفقري وأنواع الجراحات التي تجرى على هذا النطاق فيقول: «لا يَقتصر دور الجَرّاح على إجراء الجراحة فحسب، بل عليه أن يكون مُلِمّاً بكافة طرق العلاج، بما فيها العلاج المُحافِظ، وطرق علاج الألم، بالاضافة إلى الجراحات المختلفة كي يتدرّج مع مريضه في العلاج للوصول الى الغاية وهي السيطرة على الألم وتحسين الحالة العصبية للمريض. أما بالنسبة للجِراحة فمن أبرز عوامل نجاحها التشخيص الصحيح والتدخل الجراحي فقط في الحالات التي تتطلّب ذلك مع اختيار الجراحة المُناسِبة وإجرائها بالطريقة الأمثل. ولا شك في أن أحتمال فشل الجراحة موجود إنما على نطاق محدود، وهنا يبرز دور الجرّاح في اختيار الجراحة الصحيحة والقدرة على التعامل مع المضاعفات المختلفة والوصول بالمريض الى بر الأمان».
«جراحة العمود الفقري في الكويت متقدمة للغاية» يؤكد د. الدغيم، ويضيف: «لدينا كوادر قادرة على التعامل مع طيف واسع من الحالات. ونأمل بمزيد من التقدم ومواكبة كافة التطورات في هذا المجال من خلال المؤتمرات وورشات العمل والتعليم الطبي المستمر ونحن نفخر بكوننا فريقاً متكاملاً نقدم الرعاية لمريض العمود الفقري، من العلاج المُحافِظ متضمناً العلاج الطبيعي وتداخلات علاج الألم مع القدرة على اجراء مختلف الجراحات حتى المعقدة منها».
شعب لا يموت
د. طوني التنوري رئيس الجمعية الدولية للجهاز الحرَكي، شرح في حديث خاص لـ«الراي» أهمية المؤتمر الذي عُقد بيروت بعد توقف قسري بسبب جائحة كورونا قائلاً: «يأتي انعقاد المؤتمر في بيروت ليثبت أن الشعب اللبناني لا يموت وقادر على مواجهة كل التحديات، ومن جهة أخرى على أن النشاط العِلمي لا يتوقف تحت أي عذر. حتى خلال جائحة كورونا كنا نتابع اجتماعتنا عبر تقنية زوم لكننا نعود اليوم للالتقاء شخصياً وبحضورٍ عالمي وعربي».
وعن مشاركة دولة الكويت، يقول رئيس الجمعية إنها لافتة سواء على صعيد الحضور ومشاركاتهم العلمية، أو على صعيد الأطباء المتدرّبين الذين يحضّرون لشهادة البورد فقد كانوا جاهزين تماماً وحاضرين للحصول على البورد.
ويؤكد د. تنوري أن الجمعية الدولية للجهاز الحركي ومركزها بوسطن نشطة جداً في دولة الكويت التي تُعتبر عنصراً فاعلاً فيها ولا سيما على صعيد التعليم ونقل الخبرات، لافتاً إلى «أننا في العالم العربي لدينا خبرات نتفوّق فيها على الغرب، وهذا مصدر فخر واعتزاز لنا».