#مقالات | منيفة العازمي: “ميانة”
أكتب موضوعي هذا وأنا في حيرة من أمري وفي تفكر في حال الناس بتقدم الزمن وتغير الاحوال بشكل مخيف وسريع، هل توفر الصداقة القديمة ومرور الازمنة وتتابع السنوات يبسط التعامل بين الناس بحسب أمزجتهم وتغير أذواقهم ؟؟
مازلت أتلمس طريقي بين البشر متسائلة عن الطريق الصحيح الذي نمشي به ونمضي عليه ببال مرتاح ونفس رضية، ان لم تتوفر وسائل الراحة وثوابت الطمأنينة وأعمدة الاحترام فلا مجال للمضي قدماً بل لابد من الترك والابتعاد فوراً ودون أي تبرير أو سابق تفسير.
إن الصداقة القوية هي القائمة على الصراحة أولاً ومن ثم تتابع معها المقومات الاخرى بالعشرة الطيبة والروح السمحة والبال الهانئ، فإن لم تقع الأرواح في أي منحى منها فكيف تستقيم العلاقة؟! وكيف تتطور الحال من علاقة سطحية الى حالة متينة من الصداقة؟؟! بل من الاخوة التي لا يكدرها قلق ولا تشوبها عوامل التعب والاحباط ولا ترققها توافه الاعذار ولا تقللها مساحات التساؤلات الوهمية.
ان الصداقة اذا سمت وتعالت مكانتها ترتقي بأحوال أصحابها فتكون القيود متلاشية والحواجز الاخلاقية قائمة فلا حدود تنتقصها ولا عثرات تكدرها بل كلما زاد الزمن وتسابقت السنوات نرى تسارع الارواح للقاء اكثر وتوارد الافكار والاذواق يقع بكثرة ملفتة للانظار، ان الصداقة الحقة لا تخدشها العوارض الفردية ولا تزعزعها التكتلات المترتبة على المصالح.
ولكننا حين نرى تغيرات تحوم حول اي صداقة نستغربها ونحاول معرفة الاسباب وتعثر الاشخاص بوجود علاقة سوية وممتعة، فاننا حتماً نعتقد بوجود روابط غير ثابتة، فهل من “الميانة” ان نرى الاذواق تطغى على الثوابت في اي علاقة بديهية؟! أم ان الاحوال قد تغيرت بتبدل الزمن ؟؟!! فالشخص يجب ان يتمتع بالمرونة العالية حتى يتخطى مثل هذه التغيرات.
ان “الميانة” المتأصلة تحتم وجود الصراحة المطلقة من وجهة نظري وهي ما تحلي التمسك بالشخص الآخر، وتلطف الاجواء بوجود الثوابت الاخلاقية التي لا تترك ابدا مهما تقادم الزمن وعبر الاشخاص في متاهات الحياة، ان “الميانة” الحقة هي التي تلون الحياة وتعطيها معنى آخر وذوقاً كبيراً بأن الصداقة انما هي علاقة مختلفة تماماً عن نطاق الاسرة ولكنها قريبة جداً منها.