آراء

#مقالات | نور العجمي: “شكراً كورونا”

قال خاتم الأنبياء عليه أفضل الصلاة و التسليم: “عجبا لأمر المؤمن أن أمره كله له خير ، و ليس ذالك لأحد الا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له”.

لكل أمر في هذه الحياة ايجابياته و سلبياته ، فلم يتفق العالم على امتيازية شيء في الدنيا وخلوه من العيوب ، إذ الجانبين المتضاديين الايجابي و السلبي تقريبا متواجدين في كل الأمور.

تخيل أن الذبابة هذه الحشرة المزعجة و المقززة و التي تنقل العديد من الجراثيم و البكتيريا تحتوي في جسمها ما يساعد على التئام جروح الانسان .

هذا هو الحال في جائحة الكورونا التي غزت البشرية في ديسمبر ٢٠١٩ و مستمرة إلى وقتنا الحالي في منتصف عام ٢٠٢٠ والله أعلم إلى متى !

لقد كانت مأساة و مصيبة حلت على البشرية أجمع ، دمرت أعداد خيالية من الأرواح البشرية ، خسفت باقتصاد الدول، أغلقت المطارات الدولية و جميع المنافذ البرية و البحرية ، عزلت كل دولة لوحدها حتى تستطيع أن تواجه مصيرها بأقل عدد من الأضرار .

دب الخوف في النفوس وضاقت الصدور ، حرمت العوائل من الالتقاء ، حُرم الاب من تجمع أبنائه حوله ، أُغلقت المدارس و كل ما في الدول عدا مراكز التموين و الغذاء وبعض شركات التوصيل ، ولم يكن باليد الا الاستسلام و الحذر الحذر و الالتزام بما تسنه الدولة من قوانين لحماية الشعوب .

ولكن ! ما فعلته هذه الازمة من الناحية الايجابية أن أظهرت للعالم ضعف البشرية ، فقد عجزوا عن مواجهة فايروس صغير لا يرى بالعين المجردة استباح حياتنا و فعل فيها ما قد فعل ، أظهرت للناس أن لا جبروت إلا لله و لا سلطة إلا لله ، أخبرت كل من طغى و طمع ولم ينته من استباحة حقوق الغير أن فعله هذا هو ما أدو بنا إلى هذا الحال.

كورونا قد أغلقت مدارسنا نعم و لكنها أعطتنا دروسا لا تُنسى ونحن في بيوتنا .

أنا شخصيا أدركت أن لا شيء في هذه الدنيا يستحق أن أخسر من أجله أشخاص ولا مبادئ .. اقتنعت أني لا أملك من الأمر شيئا فعلا ، فالأمر كله لله ، أنا أريد و أنت تريد و الله يفعل ما يريد ، اكتشفت فعلا أن سلامة الصدر و مساعدة من حولك ولو بالشيء البسيط هو السبيل إلى النجاة .. أدركت أننا غرقنا في السعي وراء الأحلام و فعل المستحيل للتقدم و مبارزة هذه الحياة حتى ننال ما نبتغي ، و أننا قادرون بجهودنا و طاقاتنا لتحقيق أهدافنا فنحن مؤمنين أن ١+١=٢ ، ونسينا محقق المستحيلات القادر على كل شيء بيده ملكوت كل شيء مالك أمرنا.

فإن كنا نسعى للرزق فلا رازق إلا إياه سبحانه .. اعمل و اعلم وتيقن أن أمرك كله بيد الله .

علمتني كورونا أن أهدأ فقد كنت تائهة في ازدحام أشغال الدنيا نسيت نفسي و صحتي سعيا للوصول و للحصول على كل شيء فالزمن الآن زمن المناصب و التقدم.

تعلمت أن أهدأ و أن أستمتع بما لدي و أقدر نعم الله علي أولاً و أن أعمل لغدي باستمتاع أيضاً أخيراً .

تعلمت تقدير الأولويات و أن أسعى لتربية أبنائي على مكارم الأخلاق فهم الاستثمار الحقيقي في هذه الدنيا.
إلى covid 19 شكرا لك، و لكن اذهب و تذكر أن لا تعود ، فقد حفظت الدرس.

نور العجمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى