#آراء | خليل علي المرشود يكتب : “لقد أخطأت يا وزارة الأوقاف!!”
نعم وبكل جرأة أقولها رغم أنني أحد خطبائها: “لقد أخطأت يا وزارة الأوقاف وارتقيت مرتقىً صعباً وامتطيت خيلاً أعلى من خيلك ووجب عليك الاعتذار، وكتابة خطبة أخرى تدافع عن حق المرأة وحريتها وفق الإسلام.!”
لقد أخطأت يا وزارة الأوقاف في خطب عديدة ومتكررة، ولكن وقعتِ اليوم وحان الوقت لأسفر عن نصوص تلك الخطب..!
سأذكر ما استطعت من نصوص مذكورة في بعض الخطب، فليس لدي الوقت لجمع ما ذكر فالوقت أنفس من ذلك، كما إنني لا أرغب أن أكون كالذبابة التي تقع على الأخطاء الكثيرة؛ فأبدأ بالله مستعيناً وعليه متوكلاً قائلاً:
لقد أخطأت عندما قلتِ: إنَّ المرأةَ المسلمةَ ذاتُ خُلُقٍ جَمٍّ، وأدَبٍ رَفيعٍ، كُلُّها أدَبٌ وحَياءٌ، وحِشْمَةٌ ووفاءٌ، ذاتُ لِباسٍ شَرْعِيٍّ ساترٍ، بعيدةٌ كُلَّ البُعْدِ عَنِ التَبرُّجِ وزائِفِ المظاهِرِ بديِنها مُسْتَمْسِكَةٌ، ولبَيْتِها راعِيَةٌ، وعلَى حِجابِها مُحافِظَةٌ، وبِسِيَرِ الصالحاتِ مُقْتَدِيَةٌ، وعلَى طريقِهنَّ بحَوْلِ اللهِ سـائِرَةٌ، ولقولِ ربِّهـا مُمْتَثِلَةٌ.
وكذا أخطأت عندما قلت: لقَدْ كانَتِ المرأةُ وما زالَتْ لها أثرُها البارِزُ في التربِيَةِ والبِناءِ، والبُطولةِ والتضحِيَةِ والفِداءِ، والمشُورَةِ والمشارَكَةِ بحُسْنِ الآراءِ، بَلْ قدَّمَتِ المرأةُ حياتَها في سبيلِ اللهِ شهيدةً طاهرةً، بَلْ كانَتِ المرأةُ أوَّلَ شهيدةٍ في الإسلامِ، إنَّها سُمَيَّةُ زوجَةُ ياسرٍ وأمُّ عَمَّار.
وكذا أخطأت بقولك: المرأةُ تُوَجِّهُ الأجْيالَ، وتُهذِّبُ أخلاقَ الرجالِ، وتصْنَعُ الأبْطالَ، فقَدْ كانَ نساءُ السَّلَفِ يُوصِينَ أزواجَهنَّ إذا خَرجوا لطَلَبِ المالِ: «اتَّقُوا اللهَ فينا ولا تُطْعِمونا الحرامَ، فإنَّا نصبرُ علَى الجوعِ ولا نصبرُ علَى النَّارِ»، وتقولُ أُمُّ سفيانَ الثوْرِيِّ لابنِها: «يابنيَّ اذهبْ واطلُبِ العلمَ وأنا أكْفيكَ بِمِغْزَلِي»، ثُمَّ تقولُ له: “يا بُنَيَّ إذا حَفِظْتَ شيئاَ مِنَ العِلْمِ، فانظرْ هلْ تَزيدُ أمْ تَنْقُصُ».
وأيضا أخطأت أكثر بذكر حقوقها وواجباتها فقلت:
– إن المرأة ممن كرم الله عزوجل.
– ولما جاء الإسلام أعز المرأة وأعلى قدرها فأكرمها أما ورعاها بنتا وأنصفها زوجة وصانها أختا فقال رسول الله ﷺ: «إنما النساء شقائق الرجال».
– والمرأة في الإسلام شريك زوجها في التناسل البشري ﴿يا أيها الذين آمنوا إنا خلقناكم من ذكر وأنثى﴾.
– وأعطى الإسلام المرأة حقها في طلب العلم.
– وكان النبي ﷺ يخصص يوما للنساء يعظهن فيه.
– جعل الإسلام الزواج حقا من حقوقها فحرم عضلها ومنعها من الزواج ونهى عن زواجها ممن لا ترغب: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن».
وازدادت فضيحتك بشكل أكبر بذكرك الآيات التي دافعت عنها فقلتِ:
– قال الله تعالى: ﴿وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ساء ما يحكمون﴾.
– وأمر الإسلام الزوج بالإحسان لزوجته ﴿وعاشروهن بالمعروف﴾ وأمر بعدم أخذ مهرها ومالها إلا بطيب نفس منها ﴿وآتوهن صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عشيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا﴾.
– وقد أخطأت يا وزارة الأوقاف بمدحها والثناء عليها حتى وكأنه لا يوجد على وجه الأرض ولا يوجد في دولة الكويت إلا النساء فقط فقلت في خطبك:
– والمرأة في الإسلام عالمة ومفتية وراوية ومداوية و و و و.
– وكانت خديجة تذود عن الاسلام ووسمية أول شهيدة في الاسلام وأسماء في الهجرة وأم عمارة تباشر الجرحى وتداويهم.
– وأيضاً قلت: وغدت في الإسلام المرأة جوهرة مكنونة ودرة مصونة.
وذكرت قول عمر الفاروق: والله إن كنا في الجاهلية لا نعد المرأة أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم.
– وساويت بين الرجل والمرأة بقولك: جعل الإسلام جزاء الرجل والمرأة سواسية فقال ﴿من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون﴾.
– وذكرت قول النبي ﷺ في مدح النساء قال النبي: «أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون».
هكذا قلتِ وكتبتِ ونشرتِ يا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ولكن الأعمى لا يرى، والأعور لا ينظر إلا بعين واحدة، والذباب لا يقع إلا على القاذورات، فأين المتغرب المطرب والمتحرر المطبل والجاهل الراقص لألحانهم من هذه الخطب الجميلة والكلمات الرائعة في بيان فضل المرأة وحسن أخلاقها ورائحة عبيرها، هذا لو افترضنا جدلاً وتنزلاً أن الوزارة قد أخطأت في ثلاث كلمات –حرفها المحرفون وفق أهوائهم ليطيحوا بعلماء اختارتهم الوزارة لكتابة خطبة أحد منابر الإسلام والمسلمين في الكويت وهيهات لهم ما يريدون- مقابل أنها أحسنت في خطب كاملة عديدة فأين العدل والإنصاف..!
ما زال دعاة التحرر (زعماً) وأسيادهم يحاربون الإسلام وثوابته ويعَيرون أهله وينازعون كل كيان يدعو إليه، تارة ينادون بالحريات فإذا جاء الإسلام خانوا مبدأهم ونادوا بعكسه ظلماً وزوراً منازعين ربهم وخالقهم الحلال والحرام مقلدين أسيادهم الغربيين متبنين أفكارهم مروجين لهم وكأنهم يمتثلون قول ربهم: ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله﴾.
ها هم اليوم يفزعون ويعتصمون ويتجرؤون على منبر الخطبة مدعين أنهم يحاسبون وزارة الأوقاف التي تمثل الكيان الإسلامي في دولة الكويت..
ها هم اليوم يحاربون دين الدولة المقرر في دستورها وأهلها ويمتعضون عند ذكر الإسلام وكأنهم يمتثلون قول الله تعالى: ﴿وإذا تتلى عليه آياتنا ولَّى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً فبشره بعذاب أليم﴾. وقوله: ﴿وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً﴾، والآيات في ذلك كثيرة..
لله درك يا ابنة الإسلام باهتمام الله الرحمن بك، والعناية بمشاعرك وأحاسيسك وأخلاقك وقيمك، وكيف جعل الرجل معيناً لك وأمره بحفظك ونهاه أشد النهي عن التعدي عليك..
نعم لله درك فارفعي رأسك وافتخري بدين بالخير قد خصكـ، واعلمي أنه قد تأتي بعض أوامر الله عزوجل ونواهيه على غير مرادك لِحِكَم ومصالح عظيمة فأطيعيه وابحثي عن حِكَمها وجاهدي نفسك لتفوزي بها ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾ وستجدين ما يسرك في دنياك وآخرتك، قال تعالى: ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما﴾.
واجتنبي عِشرة البؤساء الذين يريدونك نزع ثوابتك الإسلامية وتغريبك عن دينك الذي ارتضاه ربك؛ زعماً منهم أنها الحرية، وبعد الموت سيكون منهم نسيان وهجران، فأنت أكبر من ذلك وأعظم عند الله قدراً..
خليل علي المرشود
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف