آراء

#آراء | دانة النوري .. تكتب : “احترف قول (لا) بطريقة صحية”

 

على الرغم من أن “لا” ليست إلا كلمة من حرفين، لكنها كفيلة بالقضاء على أحلام الكثيرين. هل تذكر عندما كنت صغيرا وسألت أحد والديك، في مساء يوم مدرسي، ما إذا كان بإمكانك قضاء المزيد من الوقت أمام التلفاز وعدم الذهاب للنوم، ترى بماذا أجابك؟ هل تذكر بم أجابك أحد والديك عندما أردت تناول المزيد من الحلوى؟ غالبا ما كانت ستكون الإجابات على تلك التساؤلات ومثيلاتها ب “لا”. ترى كيف كان يبدو وجه أحد والديك عندما رفض طلبك؟ هل كان مبتسما بتكلف، أم كان عابسا، أم كان غاضبا؟

 

ترتبط كلمة (لا) بالنسبة لكثيرين بالرفض وعدم القبول وأحيانا نشعر معها ببعض المشاعر السلبية. في استبيان أجريته على شريحة متنوعة من 58 شخص، كشفت النتائج إلى أن 53.45% من الأشخاص ترتبط كلمة (لا) لديهم بالوجه العابس.

 

إن التأثير السلبي الذي تتركه كلمة (لا) لدى الكثيرين، يجعل منها قوة مثبطة وسالبة للإرادة ولاجمة لأفواه الكثيرين ومكممة لرغباتهم. أصبح الكثيرين غير قادرين على نطقها في الوقت المناسب لسبب أو لآخر، قد يكون ما يمنعهم هو الخجل من ردة فعل الطرف الآخر، أو رهبة من رفض طلب أحدهم نظرا لمكانته، أو خشية تأثر العلاقة مع الآخر الذي تقدم بعرض ما لم يتناسب معهم. رغم بساطة كلمة (لا)، إلا أن الكثيرين يقعون في حرج اللجوء إليها، وعوضا عن ذلك يُقبِلون على التفوه ب (نعم) تلبية لرغبات الآخرين فحسب. إنهم يقومون بذلك الأمر إرضاء لغيرهم دون أن يشعروا هم بالرضا تجاه أنفسهم.

 

يقيس سؤالان ذلك الأمر ضمن الاستبيان، إذ يطرح أحد الأسئلة الموقف التالي (وصلتك دعوة من شخص مقرب لتناول الطعام في وقت لا يناسب جدولك المزدحم) أجاب 20.69% من الأشخاص في الشريحة (بقبول الدعوة رغم أن ذلك سيؤثر على الارتباطات الأخرى). وفي سؤال آخر يطرح الموقف التالي (كنت على وشك الخروج من المنزل لارتباطك بموعد، وطلب منك أحدهم المساعدة) أجاب 43.1% من الأشخاص في الشريحة (بقبول تقديم المساعدة رغم ارتباطهم بموعد مسبق).

 

إن تهرب البعض من التفوه ب (لا) وإجبار أنفسهم على نطق (نعم)، بسبب خوف أو خجل أو ما شابه، يجعلهم يشعرون لاحقا بالعجز، وكأنهم يدورون في حلقة مفرغة من لوم النفس وجلد الذات لأنهم لم يكونوا على قدر كاف من الشجاعة للتلفظ بكلمة بسيطة ك (لا)، مما يؤثر بطريقة سلبية على مجريات حياتهم اليومية. يؤكد ذلك الأمر النتائج التي جاءت في الاستبيان فقد أشار 32.76% من الأشخاص في الشريحة على أنهم “يساورهم بعض الأسى” في كل مرة يقول أحدهم (لا) لأمر ما، لم يتناسب مع قيمهم أو مبادئهم أو ظروفهم الحالية.

 

يبدو الأمر صعب بالنسبة للبعض على أن يتفوهوا ب (لا) لذلك لا بد من طريقة صحية لقول (لا) دون أن يتسبب ذلك بإحراج لأي من الطرفين، ولاحتراف التفوه ب (لا) مع مراعاة كسب الرضا النفسي دون خسران الأفراد المحيطين، إليكم بعض الطرق:

 

–         أولا: (لا) “المُقترِحة”: إذا تعذر قبول دعوة أو طلب ما، يجدر الرفض بلطف عن طريق إظهار التقدير لصاحب الطلب، ومن ثم تقديم اقتراح آخر بديل. هذه طريقة ممتازة لأنها تبين مدى الاحترام والامتنان الذي يكنه الطرف الأول للثاني مما يضع الطرف الأول في خانة الأشخاص المرنين والعمليين.

 

–         ثانيا: (لا) “سأعود إليك”: في حال ما استصعب الأمر قول (لا) يمكن اللجوء إلى “جدول مواعيد الخاص”، بمعنى آخر، لا بد من التأكد من المواعيد الخاصة حتى يمكن قبول القيام بهذا الأمر من عدمه. هذا النوع من الأشخاص أصحاب (لا) سيبدون بمظهر الشخص الكلاسيكي الأنيق والمنظم.

 

 

–         ثالثا: (لا) “نعم السحرية”: أحيانا يمكن قبول الأمر مبدئيا وقول “نعم يمكنني فعل ذلك بكل سرور، إذا ما كان هذا الأمر لن يتعارض مع …” في هذه الحال يمكن ذكر (مصلحة عامة) أو (مصلحة مشتركة) أو (مبادئ عليا) تشمل الطرفين. تقوم “نعم السحرية” مقام اللاعب الذي يسدد الكرة في مرمى الفريق الآخر ويبقى على استعداد لما سيفعله الطرف الآخر. يبدو هذا النوع من الأشخاص أصحاب (لا) بمظهر الشخص الحاذق.

 

–         رابعا: (لا) “الصريحة”: بعض الأمور تكون بحاجة إلى الحزم، فلا بد من استخدام (لا) فحسب. إنها (لا) الصريحة، أصحاب هذا النوع من (لا) يظهرون بمظهر القوة والثبات. جدير بالذكر أن (لا) الصريحة يجب أن ترافقها الثقة بالنفس والابتسامة الجميلة العريضة.  

 

        

 

 دانة النوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى