آراء

#آراء | د.محمد عبدالله المطيري .. يكتب “التداول بناء على معلومة داخلية ونظام المبلغين”

القدرة على مقاضاة شخص ما وفقا لتداوله في سوق الأوراق المالية بناءً على معلومة داخلية يمثّل حماية قانونية هامة متاحة في وقتنا الحاضر، خاصةً إذا نظرنا إلى حقيقة أن المطلعين قد يستخدمون المعلومات الداخلية أو يعطون مشورة بناء عليها، أو يفصحون عنها أو يستغلونها وذلك بحكم موقعهم في الشركات المدرجة، أو بحكم قدرتهم للوصول إلى هذه المعلومة، أو بمناسبة قدرتهم للحصول عليها. وقد تم تجريم تداول المطلعين في معظم القوانين ومن بينها القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية.

ويلاحظ على القانون رقم 7 لسنة 2010 العديد من الملاحظات فيما يتعلق في المعلومة الداخلية والمطلعين، وكذلك نظام المبلغين عن الجرائم التي تقع في السوق.

1. عرّف المشرع المعلومات الداخلية بأنها المعلومات أو البيانات غير المعلن عنها للجمهور والتي لو أُعلن عنها يكون من شأنها التأثير على سعر أو تداولات الورقة المالية. وهذا التعريف يثير مسألة استخدام لفظالمعلومات أو البياناتدون الإشارة إلى مدى إمكانية كون هذه المعلومات أو البيانات غير صحيحة أو غير دقيقة أو غير محددة، ففي هذه الحالة يتداخل مصطلحين في بضعهما البعض وهما مصطلح المعلومة الداخلية ومصطلح الإشاعة، فلا يمكن التمييز بينهما في هذا الصدد. وبالتالي يجب إرداف لفظالمعلومات أو البياناتبلفظ الصحيحة أو الدقيقة أو المحددةكي يستقيم تعريف المعلومة الداخلية.
2. يعتبر استخدم المشرع عبارةغير المعلن عنها للجمهوراستخداما غير منسجم مع الغاية التشريعية حيث أن العبارةالمذكورة تربط بين سرية المعلومة والإعلان عنهاالإفصاح، وبالتالي يمكن للمطلعين التداول بناء على المعلومة أو إعطاء مشورة بناء عليها أو تسريبها أو استغلالها في الفترة بين الإفصاح عن المعلومة ووصولهالعلم الجمهور، ويمكن سد هذه الثغرة من خلال تبني فكرة إلزام المطلع بالانتظارلفترة معقولةبعد الإفصاح عن المعلومة الداخلية، وقد تبنت هيئة الأسواق الأمريكية هذه الفكرة عند الزامها للمطلع الانتظارلفترة معقولةبعد الإفصاح عن المعلومات الداخلية، وبلا شك هذا النهج يهدف إلى منع المطلعين من التحايل على القانون في الفترة بين الافصاح ووصول المعلومات أو تحليلها من قبل الجمهور.
3. لم يميّز القانون في المادة 118 منه بين فئات المطلعين على المعلومة الداخلية سواء كانوا المطلعين الأساسيين أو المطلعين الثانويين، وبالتالي يمكن تطبيق ذات العقوبة على هاتين الفئتين، دون تمييز بأن الفئة الأولى هي من تملك المعلومة أو تكون مصدرها أو تكون منشأة لها، وبين الفئة الثانية وهي الفئة التي تلقت المعلومة أو المشورة بناء عليها. ولذلك فإنه من غير المعقول معاملة الموظفين ذوي المراكز المتدنية أو من يحصلون على المعلومة بالمصادفة كمعاملة المدير التنفيذي للمصدّر الذي تعود له المعلومة، ومن جهة أخرى لم يجرم المشرع الشروع في جريمة التداول بناء على معلومة داخلية كما فعل المشرع البريطاني حيث أنه عاقب على الفعل والمحاولة للقيام بهذا الفعل.
4. فيما يتعلق بالإفصاح عن المعلومة الداخلية أغفل المشرع الكويتي إضافة فقرة في المادة 118 تتضمن فكرة ما لم يكن التداول بناء على ممارسته المشروعة لعمله أو مهنته أو واجباته كما فعل المشرع البريطاني. لأنه قد يكون هذا التداول بناء على معلومة داخلية متعلقة بالاستحواذ أو الاندماج، وبالتالي سوف من نخرج من تطبيق أحكام التداول بناء على معلومة داخلية إلى تطبيق أحكام الاستحواذ أو الاندماج، إلا أنه مع ذلك يبقى تداولا بناء على معلومة داخلية.
5. لم يتبنى القانون الكويتي أو الأمريكي أو البريطاني حدا أقصى للتأجيل، مما قد يؤدي إلى التلاعب في السوق بناء على هذه المعلومة أو إمكانية تعرضها للتسريب، وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان تحديد حدا أقصى لتأجيل الإفصاح عن المعلومة الداخلية، كأن يتبنى القانون أو اللائحة مسألة ألا يتجاوز الموافقة على طلب تأجيل الإفصاح عن المعلومة الداخلية عن شهر، ويمكن منح مهلة أخرى مماثلة بحد أقصى.
6. وفي سياق أخر فيما يخص نظام المبلغين عن جرائم أسواق المال، فبالرغم من الحماية المقدمة للمبلغين، إلا أنه يلاحظ أنه لم يقدم القانون أو اللائحة أي حوافز لتشجيعهم على تقديم البلاغات كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي ينبغي على المشرع تعديل القانون بإضافة فصل جديد يتعلق بإنشاء نظام المبلغين، ويجب أن يتضمن التعديل ثلاثة أفكار رئيسية: الأول أن يتم تبني مفهوم برنامج للمبلغين عن المخالفات كما هو مقرر في الولايات المتحدة. الثاني يجب أن تنشئ إدارة تابعة لهيئة أسواق المال وتسمىصندوق حماية المبلغين، الثالث أن يتبنى القانون نظام مكافئة للمبلغين يتحدد وفقا لكل قضية على حدا مع المحافظة على سرية المعلومات المتعلقة بالقضية والمبلّغ، وهذا النهج سيكون بلا شك مشجعا المستثمرين والمهتمين بالسوق للإبلاغ عن الجرائم التي تحدث فيه.

وبناء على هذه الملاحظات نقترح التالي:

* تعريف المعلومات الجوهرية غير المعلنة

1. تغيير مصطلحالمعلومة الداخليةلأن هذه المصطلح غير دقيق فالمعلومة الداخلية قد لا تكون جوهرية، وبالتالي يجب على المشرع تحري في الدقة في استخدام ألفاظه، وبالتالي يمكن إطلاق مصطلحالمعلومة الجوهرية غير المعلنة“.

3. المعلومات الجوهرية غير المعلنة هي معلومات أو بيانات دقيقة غير متاحة للعامة وفقًا لأي قانون أو لائحة ذات صلة بالإفصاح عن المعلومات الجوهرية والتي تشير إلى تصرف قانوني أو واقعة قانونية حدثت أو كان من المتوقع حدوثها والتي تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بأحد الأشخاصالخاضعين لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية سواء كان طبيعيا أو اعتباري، والتي لو أُعلن عنها يكون من شأنها التأثير على سعر أو تداولات الورقة المالية أو قيمة الاستثمارات ذات الصلة، أو كان من المرجح أن تؤثر على المستثمر العادي عند اتخاذ قراره الاستثماري.

4. المعلومة الجوهرية المعلنة: هي المعلومات التي تم الإفصاح عنها وفقاً لأي قانون أو لائحة ذات صلة.

* نظام المبلغين:

1. المبلغ: هو أي شخص يقدم معلومات تتعلق بانتهاك القانون رقم 7 لسنة 2010 ولائحته التنفيذية، على النحو المحددبموجب القانون أو التعليمات أو القواعد أو اللوائح التنظيميةمن قبل هيئة سوق المال.

2. المعلومة الأصلية: هي المعلومات التي تكون مشتقة من المعرفة أو التحليل المستقل للمبلغين عن المخالفات، والتي لا تكون هيئة سوق المال على علم بها من أي مصدر آخر، ما لم يكن المبلغ أو أحد تابعيه هو المصدر الأصلي للمعلومات، والتي لم تُشتق من الادعاء في تحقيق قضائي أو إداري، أو في تقرير الجهات الرقابية، أو من وسائل الإعلام، أو يكون المبلغ ملزما بالإفصاح عن هذا الانتهاك، أو يكون موظفا في جهة إشرافية متعلقة بذات الموضوع.

3. حوافز المبلغين: هي المكافأة التي تدفع للمبلّغ أو أحد تابعيه عن البلاغات التي قدموها باختيارهم إلى هيئة سوق المال والتي أدت إلى نجاح تنفيذ الإجراءات القضائية أو الإدارية المتعلقة بالمخالفة، أو الإجراءات ذات الصلة.

4. مكافأة المبلغ: هو المكافأة التي لا تقل عن 10% ولا تزيد عن 30% من المجموع الكلي لما تم جمعه من العقوبات النقدية المفروضة على مرتكب الجريمة بالإجراءات ذات الصلة.

 

 

 

د. محمد عبدالله المطيري

دكتور القانون التجاري وأسواق المال

كلية الحقوق  جامعة الكويت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى