كشفت دراسة أكاديمية جديدة نشرتها مجلة “نيوزويك” الأميركية، بعنوان “كارثة المعلومات”، أنه إذا كانت “أجزاء” المعلومات تحتوي على كميات صغيرة جدا من الكتلة المادية، فإن الإسقاطات تشير إلى أن المحتوى الرقمي يمكن أن يكون مساويا لما يقرب من نصف محتوى الأرض من الكتل بحلول عام 2245.
بدوره، شرح الدكتور ملفين فوبسون، في تصريح لمجلة “نيوزويك”، أن الهدف من البحث الذي نُشر في AIP Advances، كان تقدير الحجم الإجمالي للمحتوى الرقمي في العالم في المستقبل من حيث البتات والطاقة اللازمة لتخزينها.
وأضاف أن البحث يشير إلى أنه إذا تم التحقق من حجم كتلة المحتوى الرقمي، فإن تدفق المعلومات من شأنه أن يُجهد إمدادات الطاقة الكوكبية بالإضافة إلى كتلة الكوكب الأرض نفسه.
في السياق أيضاً، أوضح الدكتور فوبسون، في محاولة لشرح الآثار المترتبة على موضوع الدراسة، قائلًا: إنه “إذا نظرنا فقط إلى كثافة تخزين البيانات المغناطيسية، يتبين أنها تتضاعف كل عام منذ أكثر من 50 عامًا”.
وأضاف أن “هذه المضاعفة كانت ضرورية لمواكبة متطلبات تخزين البيانات، والنمو بشكل أسرع من قانون مور، أي أن عدد الترانزستورات في الدوائر المتكاملة يتضاعف كل عامين. وفي بعض المجالات، أدت جائحة كورونا الحالية إلى تسريع معدلات الزيادة حيث يتم استخدام وإنتاج المزيد من المحتوى الرقمي أكثر من أي وقت مضى.
كما حذر دكتور فوبسون من أن ” الإسقاطات تُظهر أن العالم سينتج الكثير من المحتوى الرقمي في المستقبل القريب بحيث إن عدد البتات المنتجة سوف يساوي جميع الذرات على الأرض”.
من جهة أخرى، طرح فوبسون عدة أسئلة منها: “أين يتم تخزين هذه المعلومات؟ وكيف يمكن تشغيلها؟”، وعقب قائلًا إن الدراسة هي عبارة عن دعوة لتحذير وتنبيه القائمين على صناعات البيانات الضخمة وعمالقة الإنترنت وشركات التكنولوجيا وأبحاث الطاقة والبحوث البيئية.
وأطلق على “كارثة تكدس المعلومات” اسم “الأزمة غير المرئية”، مشيرا إلى أن التسمية ترجع إلى أن المشكلة “غير مرئية حقًا في عالم اليوم”.
يذكر أن الأرقام الثنائية، أو البتات، هي وحدات معلومات في مجال الحوسبة تُستخدم عادةً لتمثيل قيمتين، على سبيل المثال 0/1 أو صواب / خطأ. في عام 2019، طرح دكتور فوبسون مبدأ جديدا يرجح أن “بت” المعلومات لها كتلة قابلة للقياس الكمي.
وبالاعتماد على أساسيات نظرية النسبية العامة لأينشتاين، تم وصف المبدأ، الذي تم طرحه في ورقة بحثية العام الماضي، بأنه “معادلة معلومات الكتلة والطاقة”.
ووفقًا للدكتور فوبسون، ربما يؤدي استخدام موارد الأرض لتشغيل أجهزة الكمبيوتر ومعالجة البيانات إلى إعادة توزيع المادة من الذرات المادية إلى المعلومات الرقمية.
وبينما وصف فوبسون الكتلة الإجمالية المحسوبة لجميع المعلومات التي ينتجها سكان العالم سنويا على الأرض بأنها “غير مهمة للغاية ويستحيل ملاحظتها”، إلا أن إنتاج المعلومات الرقمية يتزايد بسرعة كل عام.
وترجح الدراسة أن المعلومات ربما تكون “فيزيائية ومهيمنة وتمثل حالة خامسة للمادة” مثل السائل والصلب والغاز والبلازما.
وأشار الباحث إلى أنه عند نمو بنسبة 50% سنويًا، فبحلول عام 2245، يمكن أن تتكون نصف كتلة الكوكب من وحدات بت رقمية.
وقال فوبسون لـ”نيوزويك”: إن “هذا البحث سيحفز بالتأكيد ويسرع تطوير طرق بديلة لتخزين المعلومات الرقمية”، مشيرًا إلى أن العالم يحتاج “بشكل أساسي إلى تطوير تقنيات جديدة تمامًا لتخزين البيانات حيث لا يتم تخزين المعلومات في أشياء مادية، وإنما يمكن تخزين المعلومات في وسائط غير مادية مثل الفوتونات والفراغ والصورة الثلاثية الأبعاد، الخ.
إلى ذلك، وعلى الرغم من أنه ليس واضحاً حتى الآن ما هي الآثار المترتبة فيما إذا كانت المعلومات ذات كتلة حقًا، فإن أهمية البحث العلمي للدكتور فوبسون، تأتي من أنه إذا تم تأكيد وجود الكتلة ولم يتم دحض المبدأ، فإن ذلك سيحدث تغييرا جذريا في العديد من فروع الفيزياء كما سيساعد في تفسير عدد من الألغاز العلمية، التي لم يتم حلها، مثل طبيعة المادة المظلمة، والتي تم يفترض أنها مجرد أجزاء مرتبطة بمحتوى المعلومات للمادة الباريونية، وهي الجسيمات التي تربط المجرات ببعضها البعض في الفضاء.
المصدر: العربية