«أسياد الصحراء»… وزير خارجية بريطانيا اقترح غزو الكويت وماكميلان أراد «إبقاء سكانها بدائيين»!

لندن – هاشتاقات الكويت:

في العام 2011، نشر المؤلف والمؤرخ البريطاني جيمز بار كتاباً من تأليفه حول التنافس بين بريطانيا وفرنسا من أجل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وهو الكتاب الذي كان عنوانه «خط في الرمال» (A Line in the Sand). وبعد مرور نحو 8 سنوات، أعقب بار ذلك بكتاب جديد حمل العنوان «أسياد الصحراء» (Lords of the Desert)، وهو كتاب يسلط الضوء على التنافس الذي اندلع بعد الحرب العالمية الثانية بين بريطانيا والولايات المتحدة من أجل السيطرة على المنطقة ذاتها.
وبينما تمحور كتاب جيمز بار الأول حول وصف صراع كان طرفاه الرئيسيان يمتلكان الندَّية في القوة والهيمنة واضطر كلاهما إلى تقديم بعض التنازلات والقبول بحلول وسط، فإن كتابه الثاني الذي نحن بصدده يصف وضعاً مختلفاً إلى حد كبير حيث كان التنافس فيه بين إمبراطورية كانت شمسها آخذة في التراجع سريعاً (وهي بريطانيا العظمى) وامبراطورية ثانية كان نجمها آخذاً في الصعود سريعاً (وهي الولايات المتحدة). وبشكل عام، يلقي الكتاب نظرة تحليلية من زاوية جديدة على أحداث تاريخية كبرى حصلت خلال حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
في هذه الحلقة الأولى من سلسلة قوامها 3 حلقات، نلقي نظرة تعريفية شاملة على كتاب «أسياد الصحراء»، مع سرد مقتطفات مختارة من بين المعلومات الكثيرة التي كشف عنها بين دفتيه (طالع الكادر المعنون «لقطات… من الكتاب»)، والتي من أبرزها أن وزير خارجية بريطانيا اقترح في العام 1956 غزو واحتلال الكويت وقطر، وأن رئيس وزراء بريطانيا صرح قبيل استقلال الكويت في العام 1961 بأن ما يهمه هو مواصلة «سحب النفط من تلك الأراضي طالما أن سكانها بقوا بدائيين إلى حد معين». 


معركة… على الهيمنة

العنوان الكامل للكتاب هو «أسياد الصحراء: المعركة بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى على الهيمنة في الشرق الأوسط الحديث» ، وهو كتاب توثيقي تحليلي يقدم مؤلفه رؤية جديدة معاكسة للرؤية التاريخية التقليدية التي دأبت على ترويج فكرة أن موجة القومية العربية هي التي أدت إلى إنهاء الوجود والنفوذ الاستعماري البريطاني في منطقة الشرق الأوسط، وأن الفضل في ذلك يعود إلى جمال عبد الناصر وغيره من الزعماء العرب الذين تزعموا انتفاضات شعبية ضد ذلك الاستعمار وأجبرت البريطانيين على الخروج من المنطقة.
ويمكن القول إن الكتاب في مجمله يسعى إلى تمزيق – أو على الأقل إعادة صياغة – القراءة التقليدية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية في منطقة الشرق الأوسط، حيث يكشف الكتاب – ويستكشف – مساحات لم يسبق التطرق إليها في ما يتعلق بالتوترات التي نشبت آنذاك بين لندن وواشنطن، ويسلط أضوء لا مهادنة فيه على أعماق الصراع بين الأميركيين والبريطانيين في المنطقة، ابتداء من معركة العلمين في العام 1942 إلى تخلي بريطانيا عن عدن في العام 1967.
فالكتاب يتمحور حول إعادة قراءة أحداث تلك الحقبة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط، ووضع تفسيرات جديدة لها، وذلك في إطار مشوق يصور لنا المؤلف من خلاله تفاعلات التوترات التي نشبت آنذاك بين لندن وواشنطن، ويسلط ضوءاً لا مجاملة فيه على الصراعات التي دارت بين جيل من الأميركيين والبريطانيين في المنطقة، وكل ذلك على نحو يعيد تذكيرنا بأن رمال منطقة الشرق الأوسط كانت دائما وما زالت بمثابة ساحة لصراع القوى العظمى التي لم تنجح أي منها حتى الآن في السيطرة بشكل كامل على تلك الرمال.
ومعتمداً على سجلات بريطانية رفعت عنها السرية حديثا ومذكرات منسية منذ فترة طويلة بما في ذلك يوميات جاسوس أميركي مخضرم ووثائق واقتباسات من أقوال وكتابات سياسيين بريطانيين وأميركيين،، يرسم المؤلف صورة مغايرة مفادها أن الولايات المتحدة كانت هي القوة الدافعة «الخفية» الحقيقية التي وقفت وراء ذلك الخروج البريطاني من المنطقة.

النفط… أشعل الصراع

يرسم الكتاب صورة مفادها أنه على الرغم من أن بريطانيا والولايات المتحدة كانتا حليفتين في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فإنهما وجدتا نفسيهما على خلاف حول كل قضية شرق أوسطية تقريبا، لكن القضية الأهم التي أججت الصراع بينهما كانت: من منهما كان تحق لها السيطرة على نفط الخليج المكتشف حديثا آنذاك؟
ويوضح الكتاب أنه «لدى انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945 بانتصار الحلفاء، كانت بريطانيا العظمى لا تزال مهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. فلقد كانت تحكم مباشرة فلسطين وعدن، وكانت صانعة الملوك في إيران، وكانت القوة ذات النفوذ وراء عروش مصر والعراق والأردن، وكانت تحمي عروش سلطنة عمان وبقية دول الخليج. لكن الشيء الذي تغير هو الدافع وراء رغبتها في مواصلة السيطرة على المنطقة. فبعد أن كانت منطقة الشرق الأوسط مهمة بالنسبة لبريطانيا لكونها مفترق طرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا وحلقة وصل إلى مستعمراتها في شبه القارة الهندية، أصبح النفط آنذاك يمثل الدافع الأهم لمواصلة بريطانيا سيطرتها على المنطقة. ولأن الأميركيين أيضاً أرادوا السيطرة على الشرق الأوسط للسبب ذاته، فإن النفط هو الذي «أشعل» الصراع بينهما على بسط النفوذ، وهو الصراع الذي بدأ مكتوما وخفياً لكن نتائجه ظهرت على السطح في غضون سنوات قليلة بأن انسحب البريطانيون تدريجياً من المنطقة تاركين الهيمنة عليها للأميركيين» .
وفي صورة تعكس إلى أي مدى كانت بريطانيا منهكة وضعيفة ومديونة في أعقاب خروجها من الحرب العالمية الثانية ومدى حرصها على التمسك بنفوذها في الدول النفطية تحديدا، ينقل الكتاب عن هارولد ماكميلان الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الخزانة البريطاني قوله بمرارة عن تداعيات حرب العدوان الثلاثي ضد مصر: «إذا خسرنا في الشرق الأوسط» ، فهذا معناه أننا سنفقد النفط. وإذا خسرنا النفط، فلن نستطيع أن نعيش.
ويشير المؤلف هنا إلى أن احتياج البريطانيين إلى نفط المنطقة أرغمهم على طلب مساعدة الأميركيين، لكن الأميركيين انتهزوا تلك الفرصة كي يبسطوا نفوذهم ويزيحوا البريطانيين تدريجيا في أماكن عدة بما في ذلك في السعودية وبقية دول الخليج، وفي فلسطين، وأيضا في مصر والعراق من خلال إسقاط نظاميهما الملكيين اللذين كانا يدعماهما البريطانيون والاستعاضة عنهما بنظامين مواليين لواشنطن.
وفي هذا الاتجاه، يمضي المؤلف موضحا أن الولايات نجحت من خلال تشجيع واستغلال موجات المقاومة الواسعة النطاق ضد البريطانيين إلى شق طريقها إلى النفوذ في المنطقة، لكنه يرى أنها (أي الولايات المتحدة) أصبحت في نهاية المطاف مكروهة في المنطقة تماماً مثلما كان البريطانيون مكروهين.

دور الحرب الباردة

وفي سياق تسليط الضوء على مفاعيل الحرب الباردة التي بدأت في التشكل آنذاك، يوضح الكتاب كيف أن الولايات المتحدة سعت إلى استمالة وإثارة إعجاب بعض تلك الدول، وفي الوقت ذاته سعى الاتحاد السوفياتي إلى إيقاع دول أخرى في حبائل هيمنته. وقد أدى ذلك التنافس في داخل تلك المنظومة الشرق أوسطية إلى نشوب حروب بالوكالة امتدت لفترات طويلة، ربما كانت أكثرها مأسوية تلك التي دارت في اليمن. ومع تصاعد وتيرة ذلك التنافس، جاءت مأساة فلسطين لتشهد خروج بريطانيا من آخر جزء كانت تهيمن عليه في شرق أوسط ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتزامن ذلك مع تزايد نفوذ وتوغل دور الولايات المتحدة في المنطقة.
ويرى الكتاب أنه على عكس السنوات التي تلت نهاية الحرب العالمية الأولى – وهي السنوات التي اختارت الولايات المتحدة فيها الانعزالية – فإن واشنطن أصبحت في أعقاب الحرب العالمية الثانية عازمة على البقاء في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، وذلك بسبب احتياطيات النفط الهائلة التي تم اكتشافها آنذاك في المنطقة. كما يرى الكتاب أنه على الرغم من أن شرق أوسط ما بعد الحرب العالمية الثانية شهد قدرا أقل من إعادة رسم الحدود التي ميزت فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، فإن زوال نفوذ بريطانيا وفرنسا في الشرق الأوسط ومجيء نفوذ أميركا والاتحاد السوفياتي (روسيا لاحقا) ربما لم يكن أقل دراماتيكية.

تشرشل… وبدايات الصراع

وعلى الرغم من أن الكتاب يركز بشكل أساسي على استعراض مفاعيل التنافس بين بريطانيا والولايات المتحدة تحديدا على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية، فإنه يشير في الوقت ذاته إلى أن مقدمات تلك المفاعيل كانت قد بدأت فعليا قبل انتهاء تلك الحرب، وتجلى ذلك في خطاب كان قد ألقاه رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ونستون تشرشل في لندن في نوفمبر عام 1942 بعد معركة العلمين في مصر، وهي المعركة التي كانت أول انتصار بري بريطاني كبير في الحرب العالمية الثانية. فالكتاب يشير إلى أن تشرشل قال في تلك الكلمة: «لم ندخل هذه الحرب من أجل الربح أو التوسع، لكن دعوني أوضح هذا الأمر: نحن نهدف إلى التمسك بما هو لنا. فأنا لم أصبح رئيسا للوزراء كي اقوم بالإشراف على تصفية الإمبراطورية البريطانية، سواء في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر» .
ووفقا للكتاب، فإن هناك إجماع على أن كلمات تشرشل تلك كانت موجهة تحديدا وبشكل مباشر إلى الرئيس الأميركي آنذاك فرانكلين روزفلت، وأن تلك الكلمات كانت معبرة عن التحدي ضد الولايات المتحدة التي كانت من بين أهدافها في الحرب – حتى في هذه المرحلة المبكرة نسبياً من التدخل الأميركي في الحرب – تفكيك الإمبراطورية البريطانية وإعادة إدماجها بشكل جديد ضمن نظام عالمي جديد يتمحور حول واشنطن.

نظرة إجمالية

وفي المجمل، يستطيع من يقرأ كتاب «أسياد الصحراء» (Lords of the Desert) أن يخرج منه برؤية جديدة إزاء الأسباب الحقيقية العديدة التي تقف وراء مشاعر البغضاء العميقة التي ما زالت أطراف كثيرة في منطقة الشرق الأوسط تضمرها حتى يومنا ضد بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. ومن بين مسببات تلك المشاعر تبرز قضايا إقليمية كبرى تأتي في مقدمتها الطبيعة المستعصية لقضية فلسطين، وطبيعة المصالح والحساسيات الحديثة المرتبطة بأطراف رئيسية في المنطقة كتركيا (بقايا الإمبراطورية العثمانية القديمة) ومصر واليمن والمملكة العربية السعودية والسودان.
وباختصار، يقدم الكتاب فهما جديدا وغير مسبوق للجذور التاريخية التي بدأ نشوءها في فترة أواخر الحرب العالمية الثانية، ثم أفرزت على مدار العقود السبعة الماضية الخريطة الجيوسياسية الملتهبة لمنطقة الشرق الأوسط التي نراها أمامنا اليوم.


في الحلقة المقبلة:

(الرئيس الأميركي يتقاسم مع بريطانيا نفط الكويت والعراق والسعودية وإيران!)

 لقطات… من الكتاب

نسرد في التالي طائفة من اللقطات المختارة التي وردت في سياق كتاب «أسياد الصحراء»:


بريطانيا تفكر في احتلال الكويت!

يشير الكتاب إلى أنه بسبب تداعيات العدوان الثلاثي على مصر وإغلاق قناة السويس في العام 1956، وبسبب عمليات التفجير التي استهدفت أنابيب النفط في سورية، تراجعت تدفقات النفط إلى بريطانيا بشكل كبير، وإزاء ذلك اقترح وزير الخارجية البريطاني آنذاك، سلوين لويد، أن تغزو بلاده وتحتل كلا من الكويت وقطر على أساس أنهما لم تكونا عضوين بعد آنذاك في عصبة الأمم المتحدة، ولكن لاعتبارات معينة لم يتم تنفيذ ذلك الاقتراح.
وينقل الكتاب في موضع آخرعن رئيس الحكومة البريطانية هارولد ماكميلان قوله لأحد وزراء حكومته في إحدى المناسبات عن الكويت بينما كانت تستعد لإعلان استقلالها في العام 1961: «ما نقوم به هو أننا نواصل سحب النفط من تلك الأراضي طالما أن سكانها بقوا بدائيين إلى حد معين»، مقراً بأن بلاده (بريطانيا) لم تكن لديها أي خطة تخص الكويت أبعد من ذلك.

أهمية منطقة الشرق الأوسط

وفقا للكتاب، كتب الجاسوس الأميركي كيرمت روزفلت في احدى مذكراته في العام 1949: «إن أي قوة عظمى تريد أن تبسط نفوذها عبر قارات العالم تعلم أن السيطرة على الشرق الأوسط هي خطوة مهمة في هذا الاتجاه».

شعوب الـ «لكن»

ينقل الكتاب عن الملك عبدالعزيز بن سعود، معبراً عن عدم ثقته بالوعود البريطانية، قوله: البريطانيون هم شعوب الـ«لكن»، فهم يصدرون تصريحات ويعطون ضمانات ولكنهم ينهونها دائما بكلمة: «ولكن».

ترومان… والصهاينة

يذكر الكتاب أن الرئيس الأميركي هاري ترومان قال في العام 1949 مبرراً مساندته للسياسات والجماعات الصهيونية إبان فترة بدايات الصراع العربي – اليهودي على أرض فلسطين: «عذراً، فأنا يتوجب عليّ أن أتجاوب مع مئات الآلاف من الناخبين (الأميركيين) اليهود المتحمسين إزاء القضية الصهيونية. وفي الوقت ذاته، ليس لديّ هنا العدد نفسه من الناخبين العرب».

الصراع على النفط

يبين الكتاب كيف أن التنافس احتدم في بين أميركا وبريطانيا على اكتشاف منابع جديدة للنفط في منطقتي البريمي والربع الخالي، وأن الأميركيين دعموا مصالحهم النفطية من خلال وجودهم في شركة «أرامكو» السعودية بينما اعتمد البريطانيون على دعم مصالحهم من خلال شركات نفطية في كل من قطر والإمارات تحديداً.

تلاعب أميركي بالحدود!

يكشف الكتاب عن أنه بينما كانت مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» تستعد لنشر أحدث خرائطها في عددها لشهر مارس من العام 1950، ضغطت الخارجية الأميركية على مسؤولي المجلة ليمحوا الحدود التي كانت قد رسمتها سابقا لقطر ومنطقة البريمي بين سلطنة عمان والإمارات. وأيضا، طلبت الخارجية الأميركية من المجلة إضافة عبارة «الحدود البحرية غير معرفة» على المنطقة البحرية التي بين قطر والإمارات.

السوريون… زعماء وأنبياء وآلهة!

يشير الكتاب إلى أنه خلال مراسم أقيمت في القاهرة احتفالا بالوحدة بين مصر وسورية في العام 1958، قال الرئيس السوري شكري القوتلي لجمال عبدالناصر بنبرة مزجت بين الممازحة والتحذير: «سيدي الرئيس… لقد أخذت شعباً من السياسيين. فـ50 في المئة منهم يظنون أنفسهم زعماء قوميين، و25 في المئة يظنون أنفسهم أنبياء، و 10 في المئة على الأقل يظنون أنهم آلهة».

لا أخشى الموت

يذكر الكتاب أنه بعد الانقلاب الذي قاده عبدالكريم قاسم في العراق في العام 1958، بدأت محاكمة رموز النظام الملكي في ما عرف آنذاك بـ«محاكمة المهداوي»، وخلال المحاكمات قال وزير داخلية النظام الملكي سعيد القزاز مقولته: «إنني لا أخشى الموت، فلقد قمت بواجبي كوزير للداخلية وسوف أصعد إلى حبل المشنقة لأرى تحت قدميّ أناسا لا يستحقون الحياة».

تأثير الجامعتين الأميركيتين  في بيروت والقاهرة

ينقل الكتاب عن السياسي البريطاني المخضرم ريتشارد كروسمان قوله متحسراً على فقدان نفوذ بلاده في منطقة الشرق الأوسط لصالح الأميركيين: «الجامعتان الأميركيتان في بيروت والقاهرة أسهمتا في تعزيز المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط أكثر مما فعله جميع الديبلوماسيين والجيوش البريطانية».

Exit mobile version