«أوابك» تصدر دراسة عن دورها في عملية تحوّل الطاقة وسط دعم دولي واسع لإنتاج «الهيدروجين الأخضر»

أصدرت الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) دراسة حديثة بعنوان « إنتاج الهيدروجين ودوره في عملية تحوّل الطاقة» بهدف استعراض الطرق المختلفة لإنتاج الهيدروجين، وكل المجالات الحالية والمستقبلية لاستخدام الهيدروجين والطلب العالمي عليه، وتحليل السياسات والاستراتيجيات الدولية الرامية نحو التوسع في استخدام الهيدروجين، وكيفية استفادة الدول العربية من هذا السوق الواعد مستقبلاً.

وفي هذا الصدد، أوضحت الدراسة التي أعدها خبير الصناعات الغازية، المهندس وائل عبدالمعطي، أن عملية إصلاح الميثان بالبخار الطريقة الأكثر استخداماً في إنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي، لكنها تتسبب في توليد 10 أطنان من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من الهيدروجين، لذا يطلق عليه اسم “الهيدروجين الرمادي”. وللتخلص من الانبعاثات، يمكن استخدام تقنية اصطياد وتخزين الكربون، التي تساهم في تقليل الانبعاثات حتى 90 بالمئة، ليصبح الهيدروجين في تلك الحالة “هيدروجين أزرق”.

أما “الهيدروجين الأخضر” الذي يحظى بدعم دولي واسع، الأخضر أو المتجدد فينتج عبر التحليل الكهربائي للماء إلى الأكسجين والهيدروجين، باستخدام تيار كهربائي مولّد باستخدام مصادر الطاقة المتجددة. وبينت الدراسة أن إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري يمثّل نحو 99 بالمئة من الإنتاج العالمي، بينما تساهم الطاقة المتجددة بـ1 بالمئة فقط.

كما أوضحت الدراسة أن الهيدروجين بات أحد أبرز الحلول الدولية المطروحة للوصول إلى نظام خال من الكربون، لكونه يصلح كوقود وكحامل للطاقة، ويمكن إنتاجه من مصادر الطاقة المتجددة، مما يسهل عملية التكامل معها واتزان الشبكات.

لكن هناك عقبات يجب العمل للتوسع في استخدام الهيدروجين، والتي حددتها الدراسة في ارتفاع التكلفة التي قد تصل في بعض المناطق إلى نحو خمسة أمثال تكلفة الغاز الطبيعي على سبيل المثال، علاوة على ضرورة البدء في بناء البنية التحتية اللازمة لنقل وتوزيع الهيدروجين، بما يسمح بتأسيس تجارة دولية له، فشبكات نقل الهيدروجين الحالية يبلغ مجموع أطوالها حوالي 0.2 بالمئة تقريبا من مجموع أطوال شبكات نقل وتوزيع الغاز الطبيعي عالميا، حسب ما أحصته الدراسة.

كما أوضحت الدراسة أن هناك اهتماما دولياً بالهيدروجين والدور الذي يمكن أن يساهم به في عملية تحوّل الطاقة، حيث بلغ عدد الدول التي بدأت تعمل على إعداد خطط واستراتيجيات وطنية للهيدروجين نحو 29 دولة تمثّل أكثر من 70 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إضافة إلى استراتيجية الاتحاد الأوروبي للهيدروجين التي تم الإعلان عنها منتصف عام 2020. وقد توصلت الدراسة إلى أنه من المتوقع أن يكون قطاع النقل من القطاعات الواعدة للهيدروجين، فبعد عمل مسح شامل للخطط المعلنة من الدول الآسيوية والأوربية، إضافة إلى الولايات المتحدة، يتوقع أن ينمو أسطول المركبات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود بشكل غير مسبوق خلال العقد المقبل، ليصل إلى نحو 11 مليون مركبة على الأقل بحلول عام 2030، مقارنة بـ 25 ألف مركبة فقط في عام 2019.

كما سيخترق الهيدروجين عدة قطاعات أخرى، مثل القطاع الصناعي، والقطاع السكني، وعليه يتوقّع أن يتضاعف الطلب العالمي على الهيدروجين (النقي) إلى 648 مليون طن/ السنة بحلول عام 2050، مقارنة بـ 72 مليون طن/ السنة حاليا، وعليه سيصبح الهيدروجين ركيزة أساسية في عملية تحول الطاقة.

على الصعيد العربي، أبدى عدد من الدول العربية اهتماماً بالاستثمار في مشاريع إنتاج الهيدروجين، منها ما يقوم على إنتاج الهيدروجين الأخضر، بينما يقوم البعض الآخر على التوسع في إنتاج الهيدروجين الأزرق أو مشتقاته مثل الأمونيا الزرقاء.

وقد أحصت الدراسة 11 مشروعاً مقترحاً لإنتاج واستخدام الهيدروجين، غالبيتها لإنتاج الهيدروجين الأخضر بإجمالي 7 مشاريع، بينما خصص مشروعين لإنتاج الهيدروجين الأزرق، ومشروعين لاستخدام الهيدروجين كوقود في المركبات العاملة بخلايا الوقود.

ولا شك في أن نجاح الدول العربية في تجسيد مشاريع الإنتاج، سيمكنها من لعب دور مهم في السوق العالمي، والظفر بحصة جيدة من هذا السوق الواعد، لتضيف فصلاً جديداً إلى دورها التاريخي كمصدر عالمي لإمدادات النفط والغاز منذ عدة عقود.

وقد عددت الدراسة المقومات والفرص في الدول العربية التي تمكّنها من إنشاء محور تصدير عالمي للهيدروجين، لكونها تملك بنية تحتية ضخمة للغاز الطبيعي يمكن استغلالها للهيدروجين، علاوة على توافر مصادر الطاقة المتجددة. كما تتميز بموقعها الجغرافي المتميز والعلاقات التجارية الراسخة مع عدة أسواق، خاصة السوق الأوروبي والسوق الآسيوي.

Exit mobile version