أيهما أفضل.. الاستثمار في الذهب أم الأسهم؟

* د. بلقيس دنيازاد عياشي – (المصدر – القبس)

تشهد الأسواق العالمية في الفترة الأخيرة تقلبات حادة، وتعود في ذلك إلى العديد من الأوضاع المتأزمة التي تشهدها الساحة الدولية، وعلى رأسها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، الأمر الذي يطرح تساؤلا عن ماهية الاستثمارات الآمنة في ظل تقلب أوضاع الأسواق المالية.
وفي هذا الصدد قدم الملياردير الأمريكي Warren Buffett رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة Berkshire Hathaway في رسالته السنوية يوم السبت الفارط مثالا يوضح السبب في أن الأسهم هي أفضل استثمارًا من الذهب على المدى الطويل، بحسب رأيه طبعاً.


حيث قارن Buffett بين العوائد التي يتم جنيها من خلال الاستثمار في الأسهم والذهب منذ عام 1942، وأكد أن استثمار 10 آلاف دولار في صندوق مؤشر Standard & Poor’s 500 سيكون بقيمة 51 مليون دولار، بينما استثمار الذهب ربما سيكون بقيمة 400 ألف دولار فقط، مؤكدا على عدم جدوى الاستثمار في المعدن النفيس، على حد تعبيره.

الشركات الصغيرة
قدم Buffett منهجية تعتمد على إعادة شراء الأسهم نظراً لكونها فلسفة قيمة في الاستثمار، وقال Buffett: «إنه بمرور الوقت ستصبح Berkshire أهم شركة في إعادة شراء الأسهم»، وذلك من خلال الاستثمار في الشركات التي تعتبر رخيصة بتدابير تقييم مختلفة، وقال Buffett في بيان، «إن شركة Berkshire التي تقع على احتياطي نقدي بقيمة 112 مليار دولار، من المرجح أن تركز على شراء حصص في مجموعة متنوعة من الشركات بدلاً من محاولة الاستيلاء على صفقة مباشرة»، وهي أهم استراتيحية تم اتباعها من قبل الرئيس التنفيذي.

استراتيجية متحفظة
يقول خبراء أن استراتيجية إعادة شراء الأسهم التي اتبعها Buffett ساهمت في جني التكتل لأرباح التشغيل في أسهمه الخاصة طيلة ثلاث سنوات، إلا أنه ومن المرجح أن يثير ذلك غضب الساسة من أمثال السناتور Bernie Sanders وChuck Schumer اللذان دعيا إلى فرض قيود على عمليات إعادة شراء أسهم الشركات في مقال بصحيفة New York Times في وقت سابق من هذا الشهر، وهذا الأمر يدعو إلى طرح تساؤل حول أي الاستثمارات أحسن في 2019.. الأسهم أم الذهب؟

نموذج التعافي
يقول Jordan Roy-Byrne خبير الأسواق المالية المعتمد في صحيفة The Daily Gold أن «مخزون الذهب يمكن أن يتبع نموذج التعافي بعد أن شهد سوقه هبوطاً ضخماً قبل سنة مضت»، كما شهدت مخزونات الذهب انخفاضا من 2011 إلى يناير 2016 بأكثر من 80٪ ولمدة تزيد عن أربع سنوات، ثم حققت انتعاشا خلال سنة 2016 والذي سرعان ما تلاشى بسرعة.


ويقول Adrian Ash وهو مدير الأبحاث في Bullion Vaul أن «سنة 2019 هي أنسب فترة للاستثمار في بورصة الذهب بسبب ارتفاع أسعاره إلى أعلى مستوى»، ويضيف: «كان عليك أن تفكر في أسهم التكنولوجيا في ربيع عام 2000 وسندات الرهن العقاري الأمريكية في عام 2006، والذهب في نهاية عام 2012، والأسهم الصينية في منتصف عام 2015، أما في أوائل عام 2019 .. إشتري الذهب».
ويرى الخبير أن اختيار الذهب يعود إلى ارتفاع الأسعار وهذا ما يجعله الاستثمار الأنسب الآن.
كما تؤكد Marina Gerner المحللة الاقتصادية في جريدة money week أن «الذهب من المقرر أن يبرز في عام 2019 لأنه ومن المحتمل أن تتراجع أسعار المعادن الأساسية مع استمرار الاقتصاد الصيني في التباطؤ، ومع ذلك، فإن انتعاش أسعار الذهب الآن فوق 1300 دولار للمرة الأولى منذ الصيف الماضي، ويبدو أن هذا الانتعاش سيمتد»، وفق رأي الخبيرة.

ملاذ آمن
يشير المحلل Zulfugar Agayev في Bloomberg أن صندوق الثروة السيادية الأذربيجاني SOFAZ من المقرر أن يضاعف ممتلكاته الذهبية إلى 100 طن في عام 2019 بعد استئناف عمليات الشراء بعد انقطاع دام خمس سنوات، مؤكدا أن «هذه الاستراتيجية تأتي من كون الذهب يعد كملاذ آمن باعتبار أن الأسواق أصبحت أكثر تقلباً، والخلفية السياسية أقل قابلية للتنبؤ، وذلك عقب تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين».


ويقول المدير التنفيذي لصندوق الثروة السيادي الأذربيجاني Shahmar Movsumov: «إن سياسة الصندوق تريد أن تتبع استراتيجية قليلة المخاطرة، في عالم ترى فيه التغييرات في الجغرافيا السياسية وفي الديناميكيات بين القوى العظمى وتأثيرها الوشيك على القطاع المالي، فإننا نريد أن نكون في الجانب الآمن».
ومن تباين آراء المحللين يبدو أن الاستثمار في الذهب أكثر أماناً في الفترة المقبلة منه من الاستثمار في الأسهم، بيد أن الأسهم الأمريكية لديها حسابات أخرى وقد تكون أستثماراً أفضل على المدى الطويل.

* دكتوراه في الاقتصاد والتأمينات والبنوك

Exit mobile version