في حكم قضائي بارز، أكدت محكمة التمييز المدنية ضرورة حصول المواطنين على موافقات من الجهات الرسمية في الدولة من أجل البناء والحصول على التراخيص اللازمة لذلك، حتى لا تستشري الفوضى.
ولفتت المحكمة إلى أن المشرّع سعى من ذلك الى تحقيق هدف آخر هو حماية مصلحة الأفراد ومصلحة الجار، منعا من الإضرار به، بما يحق له طلب إزالة الأعمال المخالفة منها للقوانين والقرارات المنظمة لها، باعتبارها تعويضا عينيا يترتب عليه إعادة القوانين بين حقوق والتزامات الجوار.
وشددت «التمييز»، في حكمها المهم، على أن ذلك القانون لا يحول دون أن تكون الأعمال المخالفة قد تمت على أرض مملوكة لصاحب البناء.
ولفتت إلى أن الثابت من المواد 2، 5، 9، 11، 12، من قرار رئيس بلدية الكويت رقم 30/ 1985 في شأن تنظيم البناء الصادر نفاذا للمادتين 34، 35 من القانون رقم 15/ 1972 المنطبق على واقعة الدعوى – هو حظر إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها أو هدمها أو تعديلها أو تغيير معالم أي عقار بحفره أو ردمه أو تسويته إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من البلدية، بعد التحقق من استيفاء الشروط والمواصفات المنصوص عليها في هذا القرار والجداول الملحقة به، ويحدد الترخيص الشروط والمواصفات الخاصة بالمباني السكنية بمراعاة طبيعتها والغرض منها.
وقالت المحكمة إن المشرع يستهدف من الحظر إلزام الأفراد بوجوب الحصول على التراخيص اللازمة فيما يقومون به من أعمال البناء والتقيد بشروطها، حتى لا تستشري الفوضى بين الأفراد في هذا المجال، حماية منه للمصلحة العامة في نطاقها الواسع، إلا أن المشرع لا يقف عند هذا الحد، بل إنه يسعى أيضا من وراء ذلك الى تحقيق هدف آخر هو حماية مصلحة الأفراد ومصلحة الجار، منعا من الإضرار به، بما يحق له طلب إزالة الأعمال المخالفة منها للقوانين والقرارات المنظمة لها، باعتبارها تعويضا عينيا يترتب عليه إعادة التوازن بين حقوق والتزامات الجوار، ولا يحول دون ذلك أن تكون الأعمال المخالفة قد تمت على أرض مملوكة لصاحب البناء.
لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع، وهي في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بتقرير الخبير المقدم في الدعوى متى اطمأنت اليه، واقتنعت بسلامة الأسس التي بنى عليها، وبالنتيجة التي خلص إليها، ولا عليها إن لم تستجب الى طلب إعادة الدعوى الى إدارة الخبراء، طالما وجدت في أوراق الدعوى، ومنها تقرير الخبير المندوب فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيه بأسباب معقولة.
وبينت المحكمة أن الذي تقدم الى المجلس البلدي بطلب ترخيص بإنشاء ديوان على العقار المملوك له، وصدر قرار «البلدي» بالموافقة على طلبه، بإنشاء ديوان للعقار، شريطة أخذ موافقة الجار، وكان الأخير قد تقدم بطلب برفض بناء ديوان بجوار سكنه الخاص.
وقالت المحكمة إنها، وبما لها من حق الأخذ بتقرير الخبير، ترى أن ما خلص اليه التقرير صائب وقائم على دعائم وأسانيد صحيحة وكافية لحمله، وفيها الرد المسقط لاعتراضات المستأنف ضدهم، ومن ثم تأخذ به، جاعلة أسبابه من بين أسباب هذا الحكم، وتحدد على أساسه أعمال المخالفة، وكانت هذه الأعمال قد تمت من دون ترخيص من البلدية والمخالفة لما توجبه الاشتراطات والمواصفات الخاصة بأبنية السكن الخاص من ضرورة موافقة الجار، ومن ثم فإن المحكمة تطمئن إليه لسلامة أساسه، ومن ثم فإن طلب المستأنف الحكم بإزالة التعديات المذكورة والمحدودة بموجب التقرير يكون مقبولا وله سنده من الواقع والقانون، ويتعين إجابته له، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر بما يتعين إلغاؤه والقضاء بإزالة المباني المخالفة.